سلفا كير وهو يحشد جنوده والأجراء صوب أبيي والمسيرية جاهزون للتصدي والدفاع عن ترابهم نسي سلفا بذلك أو تناسى مغرضاً أن أحد الموضوعات الهامة التي حالت دون اتفاق الطرفين في المداولات كان معنى المعيار الواجب اتباعه بما في ذلك خبراء مفوضية ترسيم حدود منطقة أبيي وذلك في تحديد وترسيم منطقة أبيي وهو أيضاً ما واجه محكمة العدل الدولية وهي تسعى لفهم ما هي أبيي وقضيتها إذا وجدت أن خبراء المفوضية قد تجاوزوا قصداً التفويض الذي مُنح لهم ولا يوجد نزاع حول مفردات المعيار وقد أشير لها في بروتوكول أبيي وفي اختصاصات مفوضية ترسيم حدود منطقة أبيي والآليات الأخرى ذات العلاقة بجوهر الموضوع وبنفس الطريقة التي صيغت بها في المادة «2ج» في اتفاق التحكيم واتفق الطرفان على أن هذا المعيار هو حل وسط ارتضاه كلٌّ منهما بقبولهما بروتوكول أبيي وأكدوا ذلك مرة أخرى في اتفاق التحكيم ويمثل المعيار مستنداً تاريخياً في الماضي تحويل إداري في زمن الحكم الثنائي تم في عام 1905م بمنطقة مشيخات دينكا نقوك من مديرية بحر الغزال إلى مديرية كردفان وأن التحويل قرره المسؤولون في الحكم الثنائي في ذلك العام، وبالعودة للتاريخ القديم وافق الطرفان أن تلك الواقعة قد حدثت بحق وحقيقة، وقد أبعد المعيار تعريف منطقة أبيي من الأحداث السياسية المعاصرة التي تسببت في الاختلاف ومن ثم حدد المعيار التاريخ ذا الصلة بعملية ترسيم المنطقة المتنازَع عليها وهو العام 1905م والمعيار الذي تم تبنيه له معاملان زماني ومكاني منطقة كما وضّحت ذلك حكومة السودان وأن مرجعية الزمان انحصرت في عام 1905م ولا خلاف بين الطرفين فيها رغم أن الحركة الشعبية تبحث في مناشداتها كما حدث في تقرير خبراء المفوضية عن تحويل معنى الفرضية ليعني تحويل الناس وليست المنطقة. وإن اكتشاف تجاوز صلاحيات التفويض استنتاج استثنائي، أما الطرف الذي يرفض الإذعان للقرار فإنه يتحمل عبئاً كبيراً لإثباته وتؤيد السلطة الدولية والقومية المستقرة بدرجة متساوية أن أي تجاوز للتفويض يجب أن يكون واضحاً وجلياً سافراً وغير غامض ولا ينشأ تجاوز التفويض من ظروف معقدة أو قابلة للنقاش ويمكن أن تختلف فيها وجهات النظر المنطقية ولكن فقط في الحالات المتطرفة والواضحة، والافتراضان المقدمان بواسطة الحركة وهما أن تجاوز صلاحيات السلطات يجب أن يكون سافراً بالإضافة إلى أن الأخطاء القانونية ولا تمثل أساساً لتجاوز صلاحيات التفويض تستدعي نقاشاً أقل في الملخص الذي يتم التوصل إليه ومع ذلك فإنها تستدعي أن تكون هنالك مؤهلات لذلك وبصفة خاصة في الظروف الراهنة ومن المؤكد أنه لا يمكن القبول بادعاء تجاوز السلطات بسهولة إلا أنه لا بد لنا من أن نورد هذا التنويه العام وفي هذه القضية، اتفق الطرفان على أن القرار الذي ستتخذه المفوضية أو خبراؤها يحتوي على نفس السمات الأساسية التي يتضمنها حكم صادر عن محكمة العدل الدولية بلاهاي ولذلك يمكن المناهضة استناداً إلى نفس الأسس ولا بد من إيراد ثلاث ملاحظات مقتضبة قبل تقديم الحجج المختلفة والتي عند الأخذ بها منفردة أو مجتمعة ستقود محكمة العدل لتستنتج أن خبراء مفوضية ترسيم حدود أبيي قد تجاوزوا صلاحياتهم كلها، من ذلك أن تكوين المفوضية وخاصة مجموعة الخبراء غير عادي عند مقارنتها بمحاكم التحكيم التي يتم تأسيسها عادة لتصبح على المستوى العالمي لمثل هذا النزاع الحدودي لأنه لم يتم تشكيلها من محامين بل شكلت من مؤرخين ومختصين في العلوم السياسية، وفي مثل هذه الحالات نجد أن تجاوز السلطات وارد ولا يستغرب حدوثه مقارنة بلجنة أو فريق من الخبراء مكون من محامين مختصين في تحكيم النزاعات الحدودية ولم يصادق المجتمع الدولي على تقرير خبراء المفوضية الذي قوبل بصمت مطبق، وكما بيَّن دوقلاس جونسون العضو البريطاني في مفوضية ترسيم حدود أبيي كان هناك افتقار لتفاعل الرأي العام في المجتمع الدولي فأين سلفا كير من كل هذا؟.