لك الحمدُ يا ربَّنا أن عشنا حتى شهدنا هذا اليوم الذي انبلج فيه نور الحق وانطوى ليلُ الظلام ورفرفت فيه أرواح حسن البنا وسيد قطب وعبد القادر عودة وتقهقرت أرواح فاروق وعبد الناصر ومبارك وأشرقت الأرض بنور ربها من قاهرة صلاح الدين وقطز وانكسفت فيه شمس بني إسرائيل. لقد والله صبَّت منا الدموع بأكثر مما ذرفت يوم عاد الغنوشي إلى تونس من منفاه منتصراً بعد أن فرّ زين العابدين بن علي وانزاح القذافي من ليبيا. إنها الفتوحات الربانية.. إنه ربيع الإسلام وكأني بخيول عمرو بن العاص تفتح مصر لأول مرة.. بل إن ما حدث أصعب بكثير من فتح مصر في تلك الأيام العطِرات فقد والله حدثت تحولات كبرى كان بمقدورها أن تقضي على الإسلام تماماً في أرض الكنانة لولا أن الله العزيز تعهد بحفظ هذا الدين وبإتمامه رغم كيد البشر وطغيان جبابرة الأرض. من كان يتخيل أن ينبلج ربيع الإسلام في زمن العتوّ اليهودي والجبروت الأمريكي؟! من كان يتخيل أن تسمح أمريكا إن كان لأمريكا سلطان أن تسمح للإسلام أن يخرج من سجونه ومعتقلاته ومنافيه إلى سدة الحكم؟! إنها إرادة الله الغلابة فقد والله شهدتُ الأيام الأخيرة قبل الانتخابات المصرية في قاهرة المعز وكان حجم الكيد من قِبل المجلس العسكري التابع لنظام مبارك بقراراته وإعلامه وبلاطجته أكبر من أن يصدِّق أحدٌ مهما بلغ تفاؤله أنه سيتيح للإسلاميين فرصة للفوز وكنتُ أقول لمن سألني بعد أن عدتُ للخرطوم في اليوم الثاني للانتخابات إنه لا أمل للإسلاميين البتة فقد كانت القاهرة حسب قراءتي للشارع المصري منحازة لشفيق وكيف لا تنحاز وكل النخب إلا من رحم ربي قد انطمس ولاؤها للإسلام وقلَّ حياؤها وزادت جرأتها وبات التهجُّم على الإسلام كنظام حياة وشريعة حاكمة أمراً عادياً لا يتورع بنو علمان من الجهر به على رؤوس الأشهاد ومن شاشات الفضائيات التي استخدمت كل أساليب الكذب والتزوير والخداع لتشويه صورة الإسلاميين والإخوان بصفة خاصة. كانت آلة الإعلام أمراً لا يُحتمل وكان ما يقوم به العسكر الحاكمون غريباً بحق فقد أسقطوا البرلمان المنتخب بعد أن شنُّوا عليه بإعلامهم حرباً شعواء نقدًا لأدائه خلال الفترة المنصرمة منذ أن فاز واعتلى منصة التشريع ثم أطالوا الفترة الانتقالية التي أعملوا خلالها سيوفَهم قدحاً وذمّاً وتبخيساً للإخوان وأهم من ذلك أطلقوا للبلطجية العنان لكي يروِّعوا مصر حيث أفقدوا الشارع المصري الأمن حتى جعلوا الكثيرين في القاهرة والمدن الكبرى خاصة يحنّون إلى النظام السابق أو بمن ارتبطوا به من أمثال شفيق وعمر سليمان. بالرغم من ذلك أراد الله لمصر أن تعود للإسلام فأخرج مرسي وإخوانه من سجن مبارك وأدخل مبارك سجن ليمان طره فيا سبحان الله!! التحديات كثيرة أمام مرسي ومعذور هو إن بدأ بداية متواضعة حتى لو استعان ببعض العلمانيين واستصحب معه بعض القوى غير الإسلامية لكي يصدَّ الهجمة التي لا يعلم حجمها إلا من رآها. صحيح أن القاهرة ليست اسطمبول كما أن مصر ليست تركيا ولذلك فإن أردوغان بدأ من الصفر بل من دون الصفر ويكفي أنه عمل على أن ينقل تركيا من العلمانية التركية التي تحظر الحجاب وتحرم الإسلام الحرية إلى العلمانية الأوروبية التي تتيح من الحريات ما لا تتيحه علمانية الطاغية أتاتورك لكن مصر ستبدأ من نقطة أفضل من تركيا وتونس بورقيبة وبن علي فمصر ليست القاهرة بكباريهاتها ومراقصها فهناك مصر التي لا تزال على فطرتها والإسلام لا يزال قويًا في نفوس الإنسان المصري العادي وبقليل من الجهد سيعود الناس إلى ما كانوا عليه بعد أن تنزاح تلك الغشاوة التي رانت على سطح الحياة في مصر جراء أسباب كثيرة من بينها انطفاء دور الأزهر الذي أحاله مبارك إلى مسخ مشوّه حيث جعل على رأسه بعض ترزية الفتوى من علماء السلطان وكذلك تخريب التعليم من خلال إعداد مناهج جُرِّدت من الدين الحق حتى ينشأ المصري بفهم مغلوط عن الإسلام بمعناه الشامل.