تروج قنوات فضائية سودانية هذه الأيام عبر مساحات مدفوعة القيمة وضمن إعلانات كريمات النمش وحب الشباب ومحلات التجميل والبوهيات تظهر سلعة التعليم الخاص وبأسلوب فطير يفتقد ويفقد قيمة التعليم ورسالته التي أشركت فيها الدولة القطاع الخاص ووضعت له جملة من الضوابط والاشتراطات أولها أن يكون سودانيًا حسن السمعة ومحمود السيرة ومن ذوي الأهلية والمقدرة.. وإعلانات القناة تروج لمدارس أجنبية، كما تشترط ألا تقل المساحة الكلية عن ألف متر مربع ويتم البناء وفق المواصفات الهندسية والتربوية وألا تقل مساحة الفصل عن «8 * 5» متر وما نراه غير ذلك فبعض الفصول عبارة عن غرف سكنية. بعد الفاصل الإعلاني يقدم المذيع قائمة أسماء الناجحين بصورهم أو أصواتهم فها هي أروى «273»، علي «272»، تسنيم «271» وهكذا والإعلان في مجمله ليس تحفيزاً لهؤلاء النوابغ بقدر ما هو توظيف للأطفال في أعمال الإعلان التجاري، ثم دعاية أخرى ولعلها نسجت بحسن نية ولكنها أكبر طامة من تلك التي تروج للمدارس الخاصة وبها تسول من نوع جديد حيث ويظهر فيها معلم يسأل تلاميذه ماذا تريد أن تكون بعد أن تكبر؟ فيقول أحدهم أريد أن أكون ضابطاً لأحمي بلادي وأهلي، وآخر يقول إنه يريد أن يكون طبيباً ليعالج المرضى ثم يسأل طفلاً وهو شارد الذهن فيرد بسخرية أريد أن آكل لأفهم ماذا تقول!! ثم يدعوك الإعلان للتبرع بإفطار الجياع من التلاميذ، فمثل هذه الإعلانات سادتي مسيئة للغاية وإن كنا لا ننكر الفقر بالمدارس ولعلنا لا نجد سبيلاً غير أن نرفع الأمر لوحدة حماية الأسرة والطفل لنسألهم: هل تتوقف انتهاكات الطفل في إيذائه جسدياً فقط؟! الناظر لواقع التعليم ببلادي يجده مظلماً إلا من رحم الله، فهناك مدارس تستأجر منازل سكنية مشيدة بالطين ولا ترقى أن تكون مطاعم شعبية في الأسواق الطرفية. أفق قبل الأخير:- يبدو أن الفقر قد أصاب بعض قنواتنا الفضائية ولا أعني تلفزيون السودان فهو ميت دماغياً وقد علمنا أن «عصافير الخريف» التي كان يجب أن تحلق بمشاهدي قناة الخرطوم الدولية في رمضان قد غادرت مع صاحبها الإعلامي المبدع زهير بانقا وشاعر العصافير «الحلنقي»، وسنسرد القصة لاحقاً أفق أخير: متى تقوم إدارة التعليم الخاص بجولة تفتيشية روتينية؟