يقال عن نبات «النرجس» حسب الأسطورة الإغريقية إنه كان في البدء شاباً جميلاً جداً فعشق نفسه حتى تحول لنبات النرجس، وجاءت منه «النرجسية»ولا نستبعد أن يكون تلك الكأس الأنيقة الظاهرة على هذه الشاشة من نبات «العُشر» لعشيقين أخلصا في «العُشرة» في هذا المكان فتحولا لنبات، فأرادت المحلية أن تخلدهما بهذه الكأس الأنيقة التي كلفتها كثيراً من الدراهم والدنانير وهي مصصمة على شكل جذع شجرة! وبالتأكيد ستجيء منه «العُشرية»!! لننضم «للنرجسية» وكما يغني المغني حليل العشرة ما بتهون.. على الناس البعزوها وفي رواية البعرفوها.. عموماً فنلجلس إليه.. ولنحاور هذا النبات الصامت.. فإن في الصمت كلاماً المكان: إحدى حدائق «حبيبي مفلس»، قبالة جامعة السودان وسط الخرطوم. الزمان: في أي وقت تشاء.. المهم أن يكون مزاجك رايق وبالك فاضي.. وما عندك هم.. وما ضروري يكون جيبك مليان.. نحن عارفين «البير وغطاها».. الأهم ما يكون في زول طالبك قروش و«دي مستحيلة»!! ولقد تندهش وتسأل وتقول: معقووول.. علاقة العشر شنو كمان بالمزهريات والكاسات والحدائق العامة؟! ونقول لك هسس.. خلي العشر يجاوبك ويجيب العشر؟ آآه.. أنا محسوبكم نبات العشر.. الكل يعرفني، ربما بعضكم اعتاد على رؤيتي في الخيران والحفر والكوش والعراء، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أني شجر من فصيلة «القلبيات» وأنا عالمي بالمناسبة.. تجدني في أمريكا وآسيا وإفريقيا.. سميت بذلك لأجزاء زهرتي المكونة من عشرة أجزاء.. ولديّ خواص علمية وكيميائية سأحكي عنها لاحقاً. سؤال: طيب أحكي لينا لو سمحت، ليه اخترت حديقة «حبيبي مفلس».. وشنو الخلاك «تنجعص» يا العشر في المجسم الراقي ده.. أنت ما عارف ده صممتو المحلية بمئات الجنيهات للورد «الإنجليزي» والياسمين والفل وملكة الليل؟! أجاب العشر وسأل: ملكة شنو؟ ملكة الليل.. «سسترم» نبات له زهر طيب والرائحة متميزة جداً ويُحيل الليل إلى بهجة ومسرة وطبعاً يا العشر أنت ما عندك روائح عطرية ولا بهجة ولا مسرة.. ده ما مكانك يا العشر بصراحة.. معقول يا العشر تتوقع واحد «متيم» يقعد جنبك مثلاً ويغني: وسط العُشر متصور وجهو الصبوح ومنور والا تتوقع عاشق يذكر جلساتك ويعزف على العود: يا حبيبي قلت لي في اللقاء الأول بين همس العشر وخرير الجدول طبعاً ربما يكون الذي يعزف تلك الألحان يعزفها على «عود عشر» إن حدث ذلك!! ويجيب العشر لا لا لا.. ما تفهموني غلط.. أنا شجر سواح وأعبر عن الواقع المتاح!! يعني إيه سواح.. واقع متاح؟! يبتسم العشر لأول مرة في تاريخ الكوش والمرافئ الخربانة ويجيب: إن زهرتي تطير في الفضاء.. تحملها الرياح كما ترونها فإن لها «ريش خفيف» ثم تحط رحالها فأينما وجدت المكان المناسب المهمل من قبلكم معشر البشر حطت رحالها.. نحن لا نحتاج للماء.. نعرف ظروف البلد الصعبة.. هي الموية تكفي مين وتروي مين.. و لكننا وفي البداية نجد ماسورة مكسورة.. بلاعة منفجرة.. بركة مهجورة.. ومع اخواني الضفادع والبعوض وبعض الحشرات نتعايش في سلام.. لكنني أصمد حتى لو جفت المياه، وتروني دائماً مخضراً. وماهي خواصك العلمية التي ادعيتها.. وما هي فلسفتك في الحياة؟! سؤال وجيه .. أنا شجرة معمرة، بالمناسبة قديماً كان يستخرج مني ملح البارود.. وأيضاً فيّ شيء من السكر.. نعم سكر عدييل لكنه مُر!! طبعاً عليكم أن تكثفوا بحوثكم لمعرفة أي نوع وخاصية لهذا، فهو يتيح لي فرصة الصبر على العطش والظروف المناخية والطبيعية القاسية.. إنتو ما سمعتوا بي سكر «بر لها لوز»؟!! ده سكر سمي بالسكر السحري.. اكتشف في نباتات صحراوية وله خاصية ذات إمكانيات هائلة للمحافظة على حيوية النباتات لمئات السنين وتم استخدامه في مجالات حفظ النبات. يعني يا حضرة «العشر» انت عاوز الناس تحس بيك وعاوز تقول لينا إنو البهجة والجمال وراحة البال ما كل شيء.. وإنو حتى العشر قام ليهو شوك؟ ها ها ها.. لا لا لا.. شوك شنو يا محترم.. ده مثل تضربونه أنتم معشر البشر لمن يشذ منكم ويتصور لنفسه قوة أكبر من حجمه الطبيعي وأنا حسب ارتباطي بأهل السودان الطيبين سميت باسمي موقع ومنها مدينة كبيرة سميت ب «أبوعشر».. وفي التاريخ يقال إن الإمام المهدي هزم الكفار بي سيف العشر. لكن يا العشر التاريخ تغير.. الآن كما ترى هذه المدينة العملاقة التي تطاولت في البنيان وهذه الحدائق والمسطحات المفتوحة .. ما فلسفتك بأن «تنجعص» فيها؟ إحم إحم.. أنا ما سائل في أي نبات.. أنا أتحدى زهرة «اللوتس» و«اللاشوكا» و«الألمندا» و«البغونيا» و«الكلوديوم» وعموم اليوفوربيات.. وأتحدى الأكاسيا والجتروڤيا والدفنبخيا والهايدرا وعموم الصباريات .. وأتحدى.. نعم نعم.. دقيقة يا العشر، انت بتتكلم انجليزي ما هي دي النباتات العالمية المفروض تثقفو بيها شعبكم في حدائقكم العاصمية.. هي موجودة عندكم في السودان وعائشة ومتألقة في أمان لكين وين؟.. في البيوت الراقية وحيث البيئة الصفوية. يعني عاوز تقنعنا يا العشر إنك انضميت للغلابى في «حبيبي مفلس»؟ عليك نووور.. أنا أعبر عن الواقع.. الحضور هنا يا شيخ شنطار عشوائي.. الاهتمام هنا يا شيخنا عشوائي.. تخيل أنني حططت بذرتي بهذه الكأس قبل شهور وأنا الآن أتمتع بهذا الكأس التي تحسدونني عليها.. وبالقرب مني ذلك المجسم الذي يحيطه شلال من المياه.. تطفح عليه كثير من القوارير الفارغة.. ماؤه آسن وعليه طحالب. مسكين ذلك الفنان الأتقطع ورسم الفكرة.. واليد الماهرة التي نفذتها .. يا شيخنا نحن لسنا بنباتات عشوائية، العشوائية نرسمها بوجودنا.. لكين جاوبني يا شيخ شنطار.. أنت مالك عقار، وين طار؟!!