قبل فترة قليلة عندما نقلت كاميرات التلفزة ظهور القياديين بالحركة الشعبية الجنوبية، مالك عقار وياسر عرمان في أروقة التفاوض بين السودان ودولة الجنوب بأديس أبابا، أثار الأمر حفيظة الكثيرين، سيما وأن عقار ومنذ تمرده على الحكومة وصدور قرار إعفائه من منصب والي النيل الأزرق، ظل على اللائحة الحمراء بالنسبة للخرطوم، وفتحت في مواجهته عدة بلاغات وصلت إلى الإنتربول الدولي، وهي كلها خطوات قانونية تبدو اتخذت مساراتها الصحيحة، بيد أن المسار السياسي هو الفيصل في قضية تمرد مالك عقار. وكانت الكاميرات تناقلت الإبتسامات التي تبودلت بين الرجل ووفد التفاوض. وتجاوزاً للخطوة الأولى لظهور عقار وعرمان وتدثرهما بلباس ما يسمى بقطاع الشمال، والذي هو أحد أجنحة الحركة الشعبية التي تنتمي للدولة الجنوبية،فان ما رشح عن أنباء تشي باقتراب تفاوض القطاع مع الحكومة حول مسألتي جنوب كردفان والنيل الأزرق يفتح الباب أمام تسأولات على شاكلة: ماهي القاعدة التي ستنطلق منها المفاوضات وعلى أي أساس سيكون التفاوض ؟ وهل سيتجاوز الولايتين الى القضايا السودانية عامة ؟ .. فالملمح العام أن هناك تفاوضاً سيجري بين الطرفين سيما وأن المؤتمر الوطني لم ينف الأمر بحسب نائب رئيس الوطني بولاية الخرطوم د. مندور المهدي من خلال تصريحاته التي نقلتها صحف أمس، والتي قال من خلالها أن الأمر لايزال مثار تداول ونقاش في أضابير المؤتمر الوطني « ، مايعني أن الوطني ترك الباب موارباً وأن كل الإحتمالات مفتوحة، تزامن ذلك مع دعوات إنطلقت من جنوب كردفان دعت من خلالها عبد العزيز الحلو لتحكيم صوت العقل. وحملت الأمنيات بحوار بين أبناء الوطن الواحد. فضلا عن مطالبات القوى السياسية للحكومة للحوار مع الجميع دون إستثناء بجانب أن التفاوض الذي يجري بين السودان والجنوب يكاد يلامس توجهات قطاع الشمال ،فما جرى بجنوب كردفان في يونيو العام الماضي ، كانت جوبا العامل الرئيس فيه لعدة عوامل باتت معلومة للجميع علاوة على القوات التي يقودها مالك عقار وعبد العزيز الحلو تأتمر بأمر رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت بحسب القيادي السابق بالحركة الشعبية اللواء دانيال كودي، ما يعني أن الجنوب جزء أصيل من معادلة علاقة الحكومة بقطاع الشمال. ومع أن المسألة لم تتضح رؤيتها من تفاوض أو عدمه إلا أن الأمر وإن تم خارج الحدود يعني إعترافا صريحا بالقطاع باعتباره حركة شعبية جديدة، فضلا عن أنه لو كانت دولة الجنوب جزءاً من التفاوض فان هذا يعني(رجحان)كفة قطاع الشمال لجهة أن الأخير سيتكئ على حائط جوبا التي لا تزال تناور في التفاوض الذي كادت تنقضي مدته المضروبة من جانب الأممالمتحدة والمحددة بالثاني من أغسطس القادم. وتبدو هذه رغبة الوفد الجنوبي حتى يتم اللجوء للتحكيم الدولي، ولا تبدو الحكومة متفائلة بالتوصل لإتفاق في بقية الأيام المحددة. وقد أشار أمين قطاع العلاقات الخارجية بالوطني إبراهيم غندور لذلك في مقابلة أجرتها معه (رويترز) وقال « لا أرى أملاً كبيراً في التوصل إلى حل سريع « لإعتقاده الجازم أن جوبا تدعم المتمردين الذين يهددون أمن السودان. التفاوض مع قطاع الشمال محفوف بالمخاطر ويبدو أصعب من التفاوض مع الدولة الجنوبية، فما حدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق كان صادماً للجميع بعد أن طبقت الحركة الشعبية شعارها (النجمة أو الهجمة) ومخالفتها له في ذات الوقت بالنسبة للنيل الأزرق، إذ حصل مالك عقار على منصب الوالي بطريقة لا تزال تحتاج لتفسيرات .. لو أرادت الحكومة التفاوض عليها، أن تبدأ بالملف الذي عرقل عدداً من الإتفاقيات أبرزها أبوجا بحسب مراقبين، وهو الملف الأمني وإلا سيكون عودة الرجلين للسلطة بقواتهما.