منذ أكثر من عامين شهد العالم أزمة غذائية كبيرة أثرت على الدول وارتفعت من خلالها أسعار السلع الغذائية الأساسية الى مستويات غير مسبوقة وعانت كثير من الدول والشعوب من المجاعات وسوء التغذية، أحد اسباب هذه الأزمة إضافة الى التقلبات الطبيعية في المناخ توجه بعض الدول الصناعية حينها الى التوسع في استخدام وقود الإيثانول المستخرج من المحاصيل الزراعية لا سيما الذرة، خلال هذه الأزمة تعالت الأصوات لتوجيه مزيد من الاستثمارات الى القطاع الزراعي وتحمس كثير من رجال الأعمال والمستثمرين للولوج والدخول في مجال الاستثمار الزراعي.. وفي إطار التعاون والتكامل الاقتصادي العربي منح السودان مؤخراً المملكة العربية السعودية مليوني فدان للاستزراع وذلك في اطار خطة ارتكزت ملامحها على تخصيص السودان لمنطقة حرة للاستثمار الزراعي السعودي، بمساحة مليون هكتار، تعادل 2.4 مليون فدان، بما في ذلك مصادر مياه ريها، بصيغة إيجار للحكومة السعودية لفترة طويلة اُقترح لها أن تكون «50» عامًا وقال رئيس غرفة تجارة جدة الشيخ صالح كامل ان استزراع مليوني فدان سيغطي حاجة السعودية الزراعية من الحبوب والخضروات وسيكون هناك فائض للتصدير، مشيراً إلى ان قرب المسافة والتي تستغرق عبر البحر ثماني ساعات سيخفض التكلفة، وقد قال وفقاً لصحيفة الشرق السعودية عن نجاح الاستثمار، وانه سيوفر أمنًا غذائيًا للمملكة بنسبة مائة في المائة، مؤكدًا أن هذه خطوة من خطوات إستراتيجية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للاستثمار الغذائي العربي لتحقيق الأمن الغذائي للمملكة.. وفي ذات السياق قال الخبير الاقتصادي والاستاذ بجامعة الخرطوم د. محمد الجاك أحمد ان الاستثمارات السعودية تتم في اطار التعاون والوحدة والتكامل الاقتصادي العربي، فهناك محاولات كثيرة من جانب السعودية للاستثمار في السودان بحكم وجود قدر كافٍ من الموارد التي يمكن ان تؤسس لقيام مشروعات زراعية وصناعية بجانب الاستثمارات في المجالات الخدمية، ففي الفترة الأخيرة شهدت الاستثمارات السعودية في السودان ازدهاراً واضحاً وتطورًا كبيرًا وهنالك وعود أكثر بتنفيذ العديد من المشروعات التي طرحتها حكومة المملكة العربية السعودية، واشار الى ان الاستثمار في المجال الزراعي بالسودان من انسب المشروعات التي يمكن ان تكون مربحة للسعودية؛ فكثير من الدراسات اوضحت ان السودان سيكون مصدرًا لكفاية العالم العربي من الغذاء، او سلة غذاء العالم العربي، لذلك اي استثمارات عربية او غير ذلك لا بد ان توجه الى القطاع الزراعي، ولكنه استدرك بقوله انه عند النظر لواقع الحال فكل الوعود لن تجد حظها من التنفيذ، فهنالك ملايين من الأفدنة مُنحت للسعوديين ولكن لا يوجد تنفيذ فعلي او على احسن الاحوال هنالك تنفيذ غير مستمر او مستدام، فالمملكة العربية السعودية تمتلك من رؤوس الاموال ما يمكنهم من الاستثمار في مساحات واسعة من الأراضي ويمكن ان تتطور هذه الاستثمارات لتمتد لقطاعات اخرى كالقطاع الخدمي وغيرها من القطاعات التي تساهم في نمو الاستثمار في المجال الزراعي، وفي اعتقادي ان عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في السودان قد يكون من الأسباب الرئيسة التي تجعل رأس المال العربي عامة والسعودي بصفة خاصة مترددًا في الدخول بمشروعات كبيرة و الاستمرار فيها فهذه السمات لازمت التطور في السودان، فضلاً عن البيئة الاستثمارية التي لا تتميز بنوع من الثبات والدليل على ذلك التغيير المستمر في قانون الاستثمار والسياسات الاقتصادية التي تتبعها الدولة ايضاً غير مستقرة، بجانب عدم وجود بيئة استثمارية جاذبة قد تكون من العوامل التي تقلل الحماس وتجعل رأس المال العربي عامة والسعودي خاصة لا يستثمر في السودان، ولكنه اكد ان وجود هكذا استثمار هو خطوة نحو التكامل الاقتصادي العربي وهذا هو الهدف الأساسي فهو الذي يفرض مقوماته في انسجام النظم السياسية في البلدان العربية المختلفة من حيث نظام الحكم، فلذلك اعتقد ان الاستثمار السعودي في السودان هو خطوة نحو تكامل عربي ما لم يسبقها تناسق او انسجام فيما يخص النظم السياسية في البلدان..