تقف البلاد على مفترق طرق، ومنعرج درب زلقٍ حاد، لا بد من الحيطة فيه والحذر ويجب على كل الحادبين على أمن وسلامة هذه البلاد والحريصين على هويتها وثقافتها وانتمائها وحريتها وقوة إرادتها، أن يهبوا من أجل أن لا تضيع هذه الهُوية في غبار أرجل الذاهبين والعائدين من أديس أبابا وإليها، من فرق التفاوض التي توجد هناك وتسعى للتوصل لاتفاق مع دولة الجنوب أو مع ما يسمى قطاع الشمال بالحركة الشعبية، على غرار الاتفاقيات السابقة مثل نيفاشا المشؤومة.. سيئة الذكر، والإتفاق الإطاري في 29 يونيو 2011م واتفاقية الحريات الأربع التي ماتت وشبعت موتاً... وحتى لا تضيع هوية هذه البلاد، وحتى لا ندفع الثمن غالياً على حساب طمانينتنا الاجتماعية ومستقبل أجيالنا القادمة، فإن الواجب الشرعي والديني يحتم علينا، أن نقف الموقف الصحيح الذي يتوافق مع مقاصد الدين ومحامد الانتماء والواجب الوطني، فنحن الآن نواجه قضية وطن وليس مصلحة حزب أو منفعة حكومة، فالأوضاع ما باتت تتحمل مزيداً من التفريط وقبول الحكومة بشروط الإذعان لقرارات مجلس الأمن الدولي خاصة القرار «2046» الذي عكفت عليه مجموعة صغيرة برئاسة سوزان رايس المندوبة الدائمة للولايات المتحدةالأمريكية وأحد أهم الداعمين للحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب في بلادها، فصممت قراراً يبذر بذرة الشر في قلب بلادنا، ويعطي من لا يستحق ومن تآمر على هذا الشعب وقتل أبناءه واستحيا نساءه في جنوب كردفان والنيل الأزرق، حقاً في التحكم فيه وفي رقاب شعبه.. فحتى لا نُطعن في خاصرتنا وظهورنا وتُسلب إرادة هذه البلاد إلى غير رجعة، علينا أن نقف بصلابة ضد أي تسوية تسعى لتكرار فجيعة نيفاشا واستزراع الحركة الشعبية من جديد في أرضنا التي لفظتها، ولم ترض أن تنبت فيها هذه النبتة النجسة الفاسدة... لقد ظلت أغلبية كبيرة من هذا الشعب صامتة تنظر إلى أين تقودها رياح الحكومة التي ملأت كل شراع، وفضل كثيرون أن يقفوا مراقبين على الضفة الأخرى من الحدث يتابعون نهج الحكومة وسلوكها في معالجة قضايا الأمن والسلام والاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة، وكانوا ولم يزل البعض منهم صابرًا على مظنة أن تقديرات الحكومة ربما تكون صحيحة أو على الأقل أخف الضررين أو محاولة لسد الذرائع بعد تعثر جلب المصالح... لكن مما يُرى ويُشاهد ويُسمع في شأن العلاقة مع دولة الجنوب، أو التفاوض مع قطاع الشمال بالحركة الشعبية، فإن الموقف الصحيح ليس هو تقديرات الحكومة مهما كانت مبرراتها، فهي تفاوض تحت نصل السيف المسلط على رقبتها، وهو قرار مجلس الأمن الدولي «2046» الذي ألزمها بالحوار والتفاوض والاعتراف بما يسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبية، والتزمت بذلك وقدمت صكًا على بياض لمجلس الأمن الدولي والاتحاد الإفريقي.. ولات حين مندم.. وتذهب الحكومة للتفاوض والاتفاق مع حكومة دولة الجنوب وما يسمى بقطاع الشمال بالحركة الشعبية وهو تنظيم عميل لا يزال يتبع قادته للحركة الشعبية الحاكمة في جوبا ويتبع جيشه لقيادة الجيش الشعبي وهو جيش دولة معادية! تذهب الحكومة للتفاوض والحوار وسط ضغوط دولية وإقليمية لا حدّ لها، وهي مجردة من الاصطفاف الوطني خلفها، ولاهية عن رغبة الشعب السوداني وتوجهاته ورفضه لهذا السرطان الذي سيستشري في جسد البلاد كلها إن تركناه يتسلل لخلاياها ويهاجم أنسجة وحيوية مناعتها الداخلية.. هذه دعوة لوفود الحكومة ولكل الوطنيين والحادبين على هذه البلاد، أن يكونوا على قدر كبير من اليقظة حتى لا تبلغ المؤامرة الدولية على البلاد مقصدها ومبتغاها، وأن نكون يداً واحدة وحائط صد تتكسر عنده كل سهام النبال الحاقدة على ديننا وهُويتهنا ومواردنا وتاريخ شعبنا الأبي الكريم .. إذا كانت هذه اللحظة من تاريخنا هي لحظة مواجهة بالحقيقة، فإن الحكومة يجب أن تكون هي الأكثر تحملاً لهذه الحقيقة، فالشعب الذي صبر عليها وصابر من أجلها، يمكن أن يتحمل الجوع والعطش وشظف العيش، لكنه لن يتحمل الطعن في كبريائه وكرامته ولا التفريط في حقه وتذويب قضاياه في حامض كيميائي يسمى التسويات السياسية!! من خلال متابعاتنا لما يجري، وتوقعاتنا لما ستؤول إليه الأمور كما هو واضح من تعاطي الحكومة مع ملفات التفاوض، فإننا ندعو لإعلاء الروح الوطنية والحفاظ على أعلى درجات التيقظ والانتباه حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا...