يقول عنه محمد بن أبي الصلت »كان اسمه بين الناس كأنه اسم نبي« وكان بشر مقررًا ومؤكدًا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن هنا كان اسمه كأنه اسم نبي وهذا يدل على أنه مستقيم السلوك متبعًا للجادة متخذًا الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة. وقد كانت كنيته أبو نصر وأصله من »مرو« وقد كان في حياته صاحب لهو ولعب. وقد وردت أكثر من قصة في سبب هدايته وفي سبب الحفي على لبس النعال. وقد اشتهر بأنه من العباد السائحين. وقد استقر في بغداد متتلمذًا متعلمًا ثم معلمًا مرشدًا. وقد عاصر الإمام أحمد بن حنبل وقد روى عن محمد بن المثنى قال: »قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في هذا الرجل؟ فقال لي: أي الرجال؟ فقلت له: بشر فقال: سألتني عن رابع سبعة من الأبدال أو عامر بن عبد قيس ما مثله عندي إلا مثل رجل ركز رمحًا في الأرض ثم وقف من على السنان فهل ترك لأحد موضعًا يقف فيه؟« ومن أقواله رضي الله عنه »منذ عرفت الله تعالى لم أخف سواه« وقيل له مرة من هو خير منك؟ فقال: »من كان صمته تفكرًا وكلامه ذكرًا ومشيه تدبرًا فهذا خير مني« وكان يقول »ذكر الله شفاء وذكر غيره داء« في بغداد التقى بسفيان الثوري وتتلمذ عليه ولقد درس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم دراسة مستفيضة و لقب بامير المؤمنين في الحديث. ويقول عنه صاحب »»نتائج الأفكار القدسية«« »هو سفيان بن سعيد الثوري ولد سنة سبع وتسعين وخرج من الكوفة الى البصرة سنة خمس وخمسين ومائة وتوفي بالبصرة سنة احدى وستين ومائة. وقد اشتهر عنه أنه لم يتخذ موقفًا معاديًا لأحد من الصحابة. وقد عاصر أيضًا الإمام مالك بن أنس وقال بعد أن سئل عن ذلك: نعم حججت معه وسمعت منه. وقد تتلمذ أيضًا على الفضيل وتتشابه حياتهما سويًا ويروي بشر عن الفضيل انه قال: لا تكتمل مروءة الرجل حتى يسلم منه عدوه. كيف والآن لا يسلم منه صديقه. كان رأي علماء الحديث فيه »أنه ثقة لا يروي إلا حديثًا صحيحًا« وقد تتلمذ في الحديث علي مجموعة كبيرة من العلماء ورغم أنه كثير الحديث إلا أنه لم ينصب نفسه للرواية وكان يكرهها ودفن كتبه لأجل ذلك وكل ما سمع منه فإنما هو على طريق المذاكرة. من أشهر الأحاديث التي رواها »»ثلاث لا تفطر الصائم: الحجامة والاحتلام والقيئ«« وقول الرسول صلى الله عليه وسلم »»كلوا الثوم نيئًا فلولا أن الملك يأتينني لأكلته«« وما رواه بسنده عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: يا رسول الله هل على النساء قتال؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة«« وكان رضي الله عنه مشهورًا بالمواعظ والحكم. فكان يقول »»حسبك أقوام موتى تحيا القلوب بذكرهم وإن أقوامًا أحياء تقسو القلوب برؤيتهم«« ومن حكمه »لا تكن كاملاً حتى لا يأمنك عدوك وكيف تكون خيرًا وصديقك لا يأمنك« ويقول رضي الله عنه »أما تستحي أن تطلب الدنيا ممن يطلب الدنيا؟ أطلب الدنيا ممن بيده الدنيا« كان بشرًا يرى أن الطريق الى الحق هو الإخلاص لله »ألا إن لله الدين الخالص« ولقد بين الله سبحانه أن الرياء على اختلاف صوره شرك يحبط العمل. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم »من صام يرائي فقد أشرك ومن صلى يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك« ومن ورعه رضي الله عنه أنه لا يمد يده إلى طعام ليس بحلال. ويقول أذكر العافية واجعلها إدامك. وعن الصبر يقول »الصبر الجميل هو الذي لا شكوى فيه من الناس« وعن المحبة يقول »حقيقة المحبة ترك مخالفة المحبوب بكل حال والتسليم له في الحال والمآل« وكان يكثر من الدعاء. يقول بعض مؤرخيه بأنه مات سنة سبع وعشرين ومائتين ببغداد وأخرجت جنازته عقب الصبح فلم يصل إلى المقبرة إلا في الليل فصار التمار وابن المديني يصيحان: هذا والله شرف الدنيا قبل شرف الآخرة. وقال القاسم بن منبه: رأيت بشر بن الحارث في النوم فقلت: ما فعل الله بك يا بشر؟ قال قد غفر لي وقال لي: يا بشر قد غفرت لك ولكل من تبع جنازتك فقلت يا رب ولكل من أحبني. قال: ولكل من أحبك إلى يوم القيامة..