ما كانت مهمة الطفل «أوكاسان» أن يفعل ذلك، أوكاسان طفل يلعب دور بطولي في مسلسلات أجنبية «أمريكية» للأطفال هذا صحيح. لكن تلك المسلسلات في «سبيس تون» وغيرها تجسدت في شكل «دمى» حقيقية.. فبدلاً من أن تشاهدها الطفلة السودانية «ضحى» ها هي تعيشها واقعاً.. فالشركة الأمريكية أنتجت «أوكاسان» حقيقي في شكل دمية.. وجاءت بها «درية» عمة الطفلة ضحى من أمريكا وكانت هديتها المفرحة «لبنت أخيها» ولسان حالها يقول: آه.. لقد تحقق الحلم ها هو أوكاسان.. الذي كنت أشاهده وأُعجب به في المسلسلات ها هو أحمله معي وأحنو عليه.. أُغيّر له ملابسه أحضنه وينام بحضني حتى الصباح.. إنني أحب أوكاسان!!.. إذاً فالمرسوم في خارطة الطريق هذا هو أن وجدان أطفال العالم الثالث ينبغي أن «يغربوا» منذ الطفولة ولذلك ما بعده.. وتشيء الأقدار أن لا يكتمل المخطط التربوي على ذلك النسق الذي يريده العم جون ففي بيت «ضحى» صادف أن تكون هناك مزرعة صغيرة على نسق المزارع التي كانت تنشأ في مدارس الأساس قديماً.. ربما لأن مدارسنا الحديثة أصبحت كأبراج الحمام وماتت كل تلك المناهج والمزارع التربوية إلا القليل، توجد في البيت مزرعة للخضروات. وفي أحد الأحواض كانوا يزرعون الرجلة.. والطير وخصوصاً «ود ابرق» يموت في الرجلة.. يحبها حباً جماً.. عدمت الأسرة كل وسائل مكافحة «ود ابرق».. فاستعملوا أساليب تقليدية اكتشفها ود ابرق «بالتكرار» الذي علم الحمار وذلك مثل «خيال المآتة» أو ما يعرف ب «الهواب والهمبول» وغيره من التسميات.. وفشلت. ثم إذا بعبقري الأسرة شقيق ضحى الأكبر يهتدي يوماً إلى توظيف «اوكاسان» في المهمة!! وبالفعل جلب «بنبرا» صغيرًا وأجلس أوكاسان عليه وسط حوض الرجلة!!. ومن تلك اللحظة لاحظت الأسرة أن ود أبرق طار طيرة «أب ريش من الدريش». ولبث غير بعيد من الرجلة متردداً وحذر من ذلك البعبع المخيف وهو يرقبه دون أن يجرؤ على الاقتراب والتصوير. ونجحت الخطة باستخدام البطل الأمريكي «اوكاسان» في حراسة المزرعة السودانية.. وشرب «ود ابرق» المقلب كما شرب العم جون.. ولا نامت أعين الجبناء.. -- تظل الجرائد هي الأقل سعراً كانت «الفرطاقة» أقل فئات العملة السودانية «زمن المهدية» خلدها الشيخ أحمد ود سعد في أحد أبياته وهو يمدح الإمام المهدي قائلاً: في بيتو وفي الطاقة فقط ما بتمسى فرطاقة وفي عهد الإنجليز احتل «المليم» هذا المركز لكنه كانت له قيمة شرائية معتبرة، حتى إن البعض كان من أسمائهم «مليم».. كما كان موظفو الدولة يحرصون عليه؛ لأنه آخر ما يتحصلون في المرتبات.. والتعريفة بها خمسة مليم والقرش الأقوى شهرة كان عشرة مليم، ويقال له قرش صاغ لما يتمتع به من شخصية اعتبارية لذلك كانت أسعار الجرائد في أواخر الخمسينيات وحتى الستينيات «قرش صاغ».. إذا قارنتها بأسعار الضروريات سعر الجريدة اليوم «1500» وسعر طلب الفول «6» آلاف وفي أيام مجد القرش الصاغ الذي من عظمته سمي به معهد القرش وكان يضرب به المثل «القرش الأبيض لليوم الأسود».. وفي ذلك الوقت كانت وقة اللحم بعشرة قروش والعشرة قروش كانت تلقب بالريال فكل فئة كان لها لقب مثل الشلن ومعظمها تسمية إنجليزية.. أما الفريني والطرادة والقرش المقدود وغير ذلك فهي ألقاب محلية.. حتى إن العملة من قدرها العظيم كانت حينما «تضيع» يلم الصبية كومًا من التراب ويخدعون إبليس الذي يظنون أنه سرقها بقولهم: يا إبليس ما حقي حق الناس بضبح ليك جدادة وديك. وللأسف فإن سعر الديك اليوم يساوي ثمن ثلاثين جريدة.