لوقت قريب كانت ربة المنزل هي المسؤول الأول عن إدارة كل شؤون بيتها وأسرتها وخاصة فيما يتعلق بشؤون المطبخ بدءًا من اعداد شاي الصباح وتجهيز ساندوتشات المدارس وإكرام ضيوفها ولكن في فترة ليست بالبعيدة طفت على السطح ظاهرة وجود الشغالة وخاصة الحبشية، واضحت من الضروريات بالمنزل حتى بات الاستغناء عن خدماتها أمرًا ترفضه ست المنزل، فهل أصبحت الحبشية هي من تتحكم في زمام الأمر بالمنزل وهل بات غيابها يشكل «ربكة» بالمنزل، «البيت الكبير» قامت باستطلاع وسط مجموعة من ربات المنزل للوقف على هذا الأمر كما ختمنا جولتنا برأي أهل الاختصاص.. بداية جولتنا التقينا الحاجة سكينة عبد المحمود والتي افادتنا بقولها: لست من انصار الاعتماد الكامل على الشغالة فهنالك واجبات تخص ربة المنزل ولايجوز للحبشية القيام بها كخصوصيات المطبخ والزوج، ولكن بنات «الزمن ده» اصبحن يعتمدن عليها اعتمادًا كليًا مما يشكل خللاً واضحًا في سير الحياة داخل المنزل. أم سلمة ،م، ح تعمل موظفة بشركة نفطية كبرى قالت في إفادتها إن وجود الشغالة أمر ضرروي ولا يمكنني الاستغناء عنها فأنا كموظفة مثلاً تحتم عليّ طبيعة عملي الخروج من المنزل قبل مواعيد ترحيل أبنائي الصغار لذا اعتمد على الحبشية في تجهيز الأبناء وإعداد الساندوتشات وعندما تغيب لأي سبب من الأسباب تجديني «رأسي مقطوع» وغالبًا لا اقوم بتنظيف المنزل بصورة راتبة لأن زمني لا يسمح لي بذلك وأركز على ابنائي وتجهيزهم للمدارس وشاي الصباح وهلمجرا.. آمنة الرشيد أستاذة بالمرحلة الثانوية افادتنا بقولها: وجود الشغالة بالمنزل أضحى أمرًا ضروريًا ولكن ليست بالدرجة التي أعتمد عليها اعتمادًا كاملاً، فهنالك امور تخصني وحدي ولا مجال لها للتدخل فيها. سعاد ابراهيم حامد «ربة منزل» قالت في افادتها: الشغالة اصبحت بوبار أكثر من اي شيء آخر ومع الأسف اصبحت تقوم ببعض الأدوار المنوط بست المنزل القيام بها حتى ان احدى الشغالات اصبحت زوجة ثانية في ظل اهمال الزوجة الأولى واعتمادها عليها لذا «حرَّمت» على نفسي دخول شغالة بيتي حفاظًا على استقرارنا الأسري. ختامًا التقينا الاختصاصية الاجتماعية الأستاذة إعتدال الصديق والتي أفادتنا قائلة: تاريخ الشغالات في السودان حقيقة لم يكن من الأحباش، وكانت هنالك جنسيات بعينها كانت تعمل في الخدمة بالمنازل، لكن المهام الرئيسة كانت تقوم بها ست المنزل من إعداد الشاي وسندونشات الصباح والطبيخ، هذا العبء كان يقع على كاهل الأم وكانت المساعدة من الشغالات في اطار النظافة والغسيل والمكواة، وقبل سنوات قليلة انتشرت فكرة الشغالة الحبشية بصورة واضحة وبطريقة مؤثرة، وفي البداية استبشر بها الناس خيرًا ولكن بمرور الوقت وتدريجيًا ظهرت أشياء سلبية لأن الموضوع به خلفيات ثقافية حتى في اعداد الطعام والتربية، فطالما أن الحبشية هي التي تقوم بتجهيز الأطفال هذا بالتأكيد لديه تأثير على سلوكياتهم وحتى على المفردات المستخدمة ويتشربون بعادات ومفاهيم لا تمت للمجتمع السوداني بصلة ولا لعاداته وقيمه النابعة من الدين الإسلامي، فمعظم الشغالات غير مسلمات وللدين تأثير كبير جدًا على سلوك الفرد، من ناحية أخرى الشغالة ليست فردًا من أفراد المنزل، والرجال الموجودون بالمنزل لا يمثلون محارم بالنسبة لها وهي تظهر امامهم بصورة سافرة وكأنها فرد من العائلة، وهذا الموضوع خطير وحساس للغاية، والأسرة هي المسؤولة عن إعطائها هذه المساحة لتتجول فيها، فالفهم أصبح برستيج أو وضع اجتماعي مثلاً في حالة وجود ضيوف يجب ان ترتدى الشغالة زيًا معينًا وغالبًا ما يكون «السم في الدسم» فواجب الضيافة من مهام صاحبة المنزل في المقام الأول لكن المفاهيم تغيرت والشغالات أخذن دورًا ليس دورهن وأثرن على حياة الناس بصورة أو بأخرى، ولكن للوضع الاقتصادي دورًا في وجود الشغالة، فالوضع يحتم على ست البيت ان تكون امرأة عاملة لذا تستعين بشغالة لتعاونها على شؤون البيت.. وقديمًا كان دوام الشغالة ينتهي بانتهاء اليوم مع المغرب، ولكن الآن الشغالة اصبحت مقيمة بصورة دائمة وتعرف حركات وسكون أهل المنزل، وهذا بحد ذاته يشكل خطرًا من ناحية أمنية، وهناك نقطة أخرى هي ان الحبشية وبما انها هي التي تقوم بشؤون المطبخ في كثير من الأحيان تأخذ من مستلزمات البيت من مواد تموينية دون علم اهل المنزل وهذا يمثل عبئًا اقتصاديًا آخر.. وأمر مهم للغاية ويمثل موضوعًا قائمًا بذاته هو ان الحبشية في بعض الأحيان تصبح زوجة ثانية في غياب وإهمال ربة المنزل...