ربما لأول مرة تشعر جماهير الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» أن هناك جدية واستجابة لزعيم الحزب السيد محمد عثمان الميرغني في التعاطي مع الأزمة التنظيمية المستعصية والتي ضربت أوصال الحزب وأوهنت قواه طيلة الفترة التي قضاها «مولانا» في مهجره السياسي متنقلاً ما بين القاهرة وأسمرا والمدينة المنورة لكن مولانا يبدو أنه الآن قد توصل إلى قناعة وحقيقة قاسية أن الذين ظلوا على مقربة من مقود قيادته هم ذات الذين عطلوا المشروع الوطني للحزب وأغرقوا سفينته وتسببوا كذلك في نكسته حينما اكتشفت القيادة أن هناك تيارًا قويًا يحاول جر الحزب إلى حوش الحكومة والقبول بمبدأ المشاركة في السلطة وهي الحقيقة التي حملت في جانبها الآخر المصالح الذاتية لهؤلاء. ولأن السيد محمد عثمان الميرغني كما يقول خاصته والمقربون منه إنه الآن على إدراك تام بمجمل ما يجري داخل حزبه وإنه أحاط بكل تفاصيل ملف الأزمة التنظيمية والإدارية وبشكل جاد كما لم يحدث في أي وقت مضى، وأبلغت مصادر عليمة ومقربة أن الميرغي غاضب على مسلك العديد من قيادات الحزب خاصة أولئك الذين كان يثق بولائهم للحزب ومواقفه فيما يلي الأحداث والتطورات في الساحة السياسية السودانية، ولهذا كانت غضبة «مولانا» مجلجلة أجهضت مشروع المهرولين صوب المشاركة السياسية في السلطة وقفل الباب تمامًا على أي محاولة أو أفكار تقترب من المشاركة رغم أن الحكومة تنتظر الشارة الخضراء من مولانا لقبول دعوة المؤتمر الوطني لكل القوى السياسية لقبول فكرة المشاركة في حكومة القاعدة العريضة، ويقول الأستاذ علي نايل المتحدث باسم الاتحادي «الاصل» وأحد أبرز المقربين لمولانا في إفاداته ل«الإنتباهة» وبقدر هذه الغضبة أطلق مولانا يد لجنة المحاسبة لتتخذ ما تشاء من القرارات ضد من سمّاهم الأستاذ نائل «عشاق الاستيزار» فأبعدت اللجنة بمباركة زعيم الحزب العضو الباقر أحمد عبد الله الذي يتحمل قدرًا كبيرًا في الأزمة التنظيمية الداخلية بل إن الكثير من القيادات خصوصًا الوسيطة منها تحمِّل الدكتور الباقر مسؤولية انتكاسة مواقف الحزب وتعتقد أن خروجة يعني تعافي الحزب من المتفلتين، فيما اتخذت اللجنة كذلك إجراءات مهادنة بعض الشيء بحق العضوين الآخرين أحمد علي أبوبكر وعلي السيد فأبقت على عضويتهما بالحزب مع تجريدهما من أي وظائف قيادية فيما يتوقع أن تصدر لاحقًا حزمة من القرارات والإجراءات ضد آخرين من الذين تعتبرهم قيادة الحزب متفلتين وخارجين عن الأطر المؤسسية للحزب الاتحادي حيث من المتوقع أن يصدر قرار بإقالة القيادي أحمد علي أبوبكر من موقعه التنظيمي كمشرف سياسي للحزب بمحلية بحري استنادًا إلى مذكرة تم رفعها إلى قيادة الحزب تطالب بذلك.. وبحسب الأستاذ علي نائل فإن المجموعة التي أعلنت الأيام الفائته أنها تتجه لتأسيس حزب جديد تحت مسمى الاتحادي الديمقراطي «التاريخي» وصفها بأنها مجموعة لا تملك أي سند جماهيري ولا حتى مرجعية سياسية أو فكرية غير أنها سبب نكسة الحزب وإنتاج مشكلاته، وسعت بمعاونة آخرين إلى تخريبه وتقسيمه من الداخل مشيرًا إلى أن مجموعة أحمد علي أبوبكر دعت لوحدة الحزب ولكنها دعوة حق أُريد بها باطل تبحث عن غطاء سياسي باسم وحدة الحركة الاتحادية يمكِّنها من المشاركة في الحكومة القادمة، وتلبية أشواقها وطموحاتها الذاتية خاصة أن هذه المجموعة اجتمعت بالدقير بدار أحمد علي أبوبكر لاستكمال فكرة المشاركة إلا أن الدقير رفض طرح هؤلاء حسبما أكدت المتابعات. وفي تعليقه على ما اتخذته لجنة المحاسبة بحقه قال الأستاذ علي السيد أحد الرموز الاتحادية المثيرة للجدل داخل الحزب أنه لم تصله حتى الآن أي قرارات أو إجراءات ضده وأنه كما الآخرين في الإعلام ويرى السيد في حديثه ل«الإنتباهة» أنه حتى لو تم اتخاذ قرار عقابي ضده فإنه لن يكون ساريًا قبل أن يخضع للنقاش على كافة مستويات الحزب التنظيمية قبل أن يصادق عليه زعيم الحزب، وسخر الأستاذ علي من فكرة تجريده من الوظائف القيادية أو تخفيض رتبته التنظيمية داخل الحزب، وقال: لسنا في جيش أو مؤسسة عسكرية حتى تخفض رتبنا فاللائحة التنظيمية لا تسمح بذلك فإذن هذا الإجراء خطأ ونحن لا نقره ولم ينفِ السيد تحركهم في اتجاه تأسيس حزب موازٍ للاتحادي الأصل بمسمى الاتحادي «التاريخي» وذلك في إطار بحثهم عن بدائل وحلول للأزمة التنظيمية حال فشل مساعيهم مع قيادة الحزب في سبيل وحدة الحركة الاتحادية وتصحيح مسار الحزب حسبما قال، وأضاف أنهم من أجل ذلك تحركوا في كل الاتجاهات وعقدوا عدة اجتماعات مع الفصائل والتيارات الاتحادية كافة بما في ذلك مجموعة الدقير والاتحادي الموحد ومجموعة صديق الهندي.