تعتبر الملاريا من المشكلات الصحية التي تحتل الصدارة من حيث تسجيلها أعلى نسبة من المترددين على المستشفيات والمرافق الصحية وكذلك دخول المستشفيات والوفيات، وحجم مشكلة الملاريا يقدر سنوياً بحوالى «7.5» مليون إصابة و«35» ألف حالة وفاة، وهذه الأرقام تساوي «50%» من الإصابات و«70 %» من الوفيات في إقليم شرق المتوسط حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. وتشكل الملاريا عبئاً على المؤسسات الصحية حيث وجد أنها تمثل «20» «40%» من المترددين و«10» «20%» من الدخولات و«10» «15%» من الوفيات المسجلة كما أنها تساهم ب«18.1%» من الولادة لأطفال ناقصي الوزن مما يتسبب في ارتفاع معدل وفيات الرضع بالسودان. أما عن الآثار الاقتصادية للملاريا بالسودان على الرغم من أنه لا توجد دراسات بصورة واسعة في هذا المجال إلا أنها تؤدي إلى ضياع «22%» من أيام العمل كما أنها تؤدي إلى ضياع «40%» من أيام الحصاد، لذلك نجد أن سكان السودان معرضون للإصابة بالملاريا آخذين في الاعتبار درجات التوطن، ووجود البعوض الناقل، وأماكن التوالد ليتم تصنيف السودان لقطاعات: ملاريا المدن «من صنع الإنسان»، ملاريا المشروعات المروية «مشروع الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، والملاريا الموسمية «يعتمد حدوثها على معدل الأمطار»، ملاريا الفيضانات «حيث مجرى النيل والوديان». وفق هذه المعطيات انطلقت بولاية الجزيرة حملة الرش بالمبيد ذي الأثر المتبقي في إطار الحملة القومية لمكافحة الملاريا بتكلفة تبلغ «20» مليون جنيه تستهدف رش كل المنازل بالمنطقة المروية والتي تنتشر في «30» وحدة إدارية بمحليات الولاية السبع، وأوضح د/ صخر بدوي مدير برنامج مكافحة الملاريا بولاية الجزيرة أن الحملة ستتحرك من منزل إلى منزل لتغطي بنهاية الحملة حوالى مليوني غرفة موزعة على «2592» وحدة سكنية «قرية، وحي» يشارك فيها حوالى «2000» عامل ومشترك، وقال إن إستراتيجية مكافحة الملاريا هي التشخيص والعلاج المبكر والمكافحة المتكاملة لنواقل الأمراض واكتشاف واحتواء الأوبئة إلى جانب بناء القدرات والتثقيف الصحي والشراكات. فيما أكد د. أحمد البشير عبد الله مدير عام وزارة الصحة أهمية الدور الفعلي للمواطن في إنجاح هذه الحملة من خلال حماية نفسه من الملاريا والتأكد من الإصابة ومساعدة فرق الرش مشيداً بالدور الذي يقوم به مجتمع ولاية الجزيرة في مجال الحملات الصحية المختلفة. د. الفاتح محمد مالك وزير الصحة بولاية الجزيرة كشف أن التقدم الذي أحرزه برنامج مكافحة الملاريا بإفريقيا نجح من خلال استخدام الأدوية في علاج المرض مؤكداً ضرورة قيام المحليات بدورها في التعامل مع الطور المائي بردم البرك وفتح المصارف ومعالجة كسورات المياه والرش الضبابي وفقاً لمسؤولياتها التي حددها قانون الحكم المحلي لسنة «2006» معلناً استعداد الوزارة لتغطية الجوانب الفنية، وأضاف أن هذه الحملة تستهدف تغطية أشهر سبتمبر، وأكتوبر، ونوفمبر حيث تشهد ارتفاع معدلات الإصابة بالملاريا وأشار إلى أن البرنامج القومي للمكافحة يستخدم العلاج المزدوج «ارتسونيت + فانسدار» كخط العلاج الأول للملاريا غير المعقدة «البسيطة»، والكينين كخط العلاج الأول للملاريا المعقدة، وأن الارتميثر خارج نطاق البرنامج، وأكد استخدام علاج الملاريا بالصورة الصحيحة بعد مراجعة الطبيب في أقرب وحدة صحية. كل هذه الجهود تتوقف على أهمية الشراكة لكل قطاعات المجتمع خاصة دور المواطن في منع البعوض من التوالد داخل المنزل والتبليغ عن كسورات مواسير المياه وردم البرك والمستنقعات داخل الحي وإصلاح وتغطية الصهاريج وفتح المجاري وردم البرك الصغيرة في فصل الخريف واستخدام الناموسيات المشبعة واستخدام العلاج بالطريقة الصحيحة بعد مقابلة الطبيب، إلا أن هذه الجهود تهزمها سلوكيات المواطن وضعف استجابة الدولة من خلال انطلاقة الحملات بعد انتشار المرض، لتظل سياسات وزارة الصحة في مجالات الطب الوقائي ونظام الاستشعار المبكر للأمراض غائبة عن أذهان المسؤولين.