تحظى قنوات المصارعة بنسبة عالية من المشاهدة من قبل الأطفال والشباب بغض النظر عن اختلاف العادات والأعراف واستطاعت تلك القنوات أن تجذب شريحة عريضة من الجمهور وأضحى لنجومها رواد ومعجبون يفوقون رموز مجتمعاتنا الشعبية، وقد حذرت العديد من الدراسات الاجتماعية والنفسية العالمية من مخاطر مشاهدة الأطفال برامج العنف على شاشة التلفزيون ومن بينها مشاهد المصارعة التي تتضمن قدرًا كبيرًا من العنف وتمثيل العنف «البيت الكبير».. تعرّف على أبعاد هذه القنوات وتأثيرها النفسي مع أهل الاختصاص وخرج بالآتي: تشكيل الوجدان قالت نزهة حسين «ربة منزل» إن القنوات الفضائية شكَّلت وجدان المجتمعات منذ دخولها كل البيوت السودانية مضيفة أن قنوات المصارعة أضحت واحدة من المهددات الرئيسة للأسر خاصة بعد كثرتها والتنافس من قبل أصحابها على عرض كل مثير مؤكدة أن ابنها الصغير صاحب العشرة أعوام صارت تعطف على حاله من كثرة الجلوس أمام التلفاز والتجوال بين قنوات المصارعة منذ عودته من المدرسة، وقالت: هذا مما دعاني إلى تشفير كل قنوات المصارعة بعد أن لاحظت العنف الذي بدأ يتعامل به مع شقيقه الأصغر ومحاولته تقليد ما يفعله المصارعون. هنا تكمن المشكلة ويؤكد إبراهيم محمود «موظف» أن قنوات المصارعة تعد واحدة من القنوات التي تحظى بشعبية عريضة وقاعدة عريضة من الجمهور من مختلف الأعمار في مختلف دول العالم، وقد أصبح الكثير من أبطال المصارعة نجومًا لديهم جماهيرية كبيرة خاصة لدى الأطفال والمراهقين وقد نجد أطفالاً يسعون لتقليد هؤلاء النجوم في حركاتهم وتصرفاتهم وهنا تكمن المشكلة فعدد من أبطال المصارعة يميل إلى ابتكار حركات تعبر عن كل واحد منهم وهي غالبًا ما تكون حركة تحمل قدرًا مبالغًا فيه من العنف لذلك نجدهم على رأس كل ثانية يبثون إعلانًا تحذيريًا بعدم تمثيل ما يشاهدونه لخطورة الأمر. غياب الوعي ويؤكد الأستاذ أحمد المجذوب «محامٍ» أن تأثير قنوات المصارعة يظهر جليًا لدى الأطفال، وعزا ذلك لغياب الوعي لدى الآباء والأمهات وجهلهم بخطورة ترك الطفل أمام هذه الوسائل وحيدًا من دون توجيه أو توضيح أو إرشاد إضافة إلى غياب القدرة على غرس القيم الإيجابية وممارسة الهوايات وتنميتها في سلوك، وكما هو معلوم فإن عقول المراهقين والأطفال شديدة التأثر والحساسية بما هو حولها. مدمن إكشن ويقول أحمد النور «موظف» إنه مدمن للقنوات الاكشن وأخيرًا اتجه إلى قنوات المصارعة بعد ظهورها وصار يحرص على متابعتها بصورة دائمة مضيفًا أن ابنه صاحب الستة أعوام يشاهد معه بدون ملل بل إنه يحفظ أسماء اللاعبين وكيف يفعلون وينهون المصارعة كلٌّ على شاكلته، وقال: في الآونة الأخيرة لاحظت أنه يقوم بضرب شقيقته الأكبر ويقوم بتنفيذ بعض الضربات على طريقة مشاهير في المصارعة مما جعلني أتوقف عن المشاهدة خاصة إذا كان موجودًا معي لذلك لديّ قناعة أن لقنوات المصارعة تأثير لا يخفى علينا نحن الكبار ناهيك عن أطفالنا. مكتسبة فيما تجزم سمية سعد «موظفة» أن حب الأطفال للتقليد أمر معروف فكل ما يرونه يبقى في عقولهم ويحاولون تقليده وخاصة إن وجدوا أحد الوالدين مشجعين للمصارعة وسلوكيات العنف في المجتمع العربي، وقد أظهرت العديد من الدراسات أن أسباب العنف لدى الأطفال مكتسبة قد تكون محصلة لما يراه في أسرته الصغيرة من مشكلات الوالدين أو نتيجة لما يشاهده في وسائل الإعلام. تأثير نفسي عميق الأستاذة «اعتدال صديق» الباحثة في علم النفس قالت إن الأصل في الأشياء عدم الاعتداء على شخص لم يعتدِ عليك، وقد قامت فكرة قنوات المصارعة على التعدي على الغير بغرض تحقيق الفوز، وقد يرى الشخص غير الناضج المتابع لهذه القنوات أن أمر الاعتداء على الغير طبيعي ومقبول.. مضيفة أن قنوات المصارعة تنقل الكثير من الأفكار السالبة والغريبة على مجتمعاتنا المشهورة بالتسامح واحترام الغير والمؤسف أنها تحظى بنسبة مشاهدة عالية وسط الشباب وهناك معرفة تامة بكل صغيرة وكبيرة فيها.