٭ يبدو أن اختلاف العقيد الدكتور محمد الأمين خليفة عضو مجلس ثورة «الإنقاذ» مع زعيم حزبه «المؤتمر الشعبي» حسن الترابي أكبر وأهم من اتفاقه معه، ففي مناخ هبَّة المسلمين الذين نفروا خفافاً وثقالاً لنصرة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلَّم، كان حسن الترابي بدلاً من الصمت النبيل قد نطق سخرية منهم، وقد أبدى عدم إعجابه بتظاهرات النصرة المقدسة المستحقة واعتبر من غبروا أقدامهم في سبيل الله ونصرة لرسول الله سذجاً كما صرّح بنفسه حتى لا يغضب من هم ترابيون أكثر من الترابي «ملكيون أكثر من الملك».. ويقول المثل القديم «التركي ولا المتورك».. أما السيد محمد الأمين خليفة فقد قال: «كل يعبر قدر إيمانه ومتى نغضب إذا لم نغضب الآن؟!!!».. يقول خليفة وهو يشعر بما يقول «المسلمون استُفزوا في دينهم وعقيدتهم ورمزهم صلى الله عليه وسلم كل هذا إذا لم نتحرك ونغضب وندافع عن ديننا متى نغضب؟!».. انتهى. والسؤال هنا لماذا لم يقل الترابي مثل هذه الكلمات الحتمية؟!. هل كان يمنعه التفرُّد بالرأي لجلب المزيد من الأضواء الإعلامية على شخصه؟!.. وهل هذه القضية فيها مجال للكسب الإعلامي؟! قد يقول قائل إن الترابي لا يحتاج إلى سعي لشهرة، والإجابة هي أن كل عام يشب عن الطوق جيل جديد والترابي لا يريد أن تكون شهرته مثل شهرة لاعب كرة القدم مثل نجوم منتخب السودان في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته وثمانينياته. يقول محمد الأمين خليفة: «هذه القضية وحّدت المسلمين وأهل الملة». وهنا نسأل: «لماذا لم توحِّد أعضاء حزب الترابي إذا كان الشيخ الجليل «محمد الأمين خليفة» يحرِّض المؤمنين على «التحرك» لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلَّم؟!.. رُبَّ قائل يقول إن الترابي قد غضب مثل غيره، لكننا هنا لا نتحدث عن الشعور بالغضب وإنما عن «تغبير الأقدام» الذي لم يعجب الترابي كما قال بنفسه. إن الأطفال و الصبيان والشباب صغار السن هم أصحاب النسبة الأعلى وسط المسلمين، ولا قدرة لهم على تنفيذ اقتراح الترابي بأن يقوموا بأعمال أدبية وعلمية للرد على الإساءة الموجهة للرسول صلى الله عليه وسلَّم، فهل نقول لهم «لا تغبروا أقدامكم بل قارعوا بالحجة؟!». وإذا كان محمد الأمين خليفة قد قال: «كلٌّ يعبِّر قدر إيمانه». أيضاً نقول كل يعبر قدر علمه ووعيه ومستواه في الفئات العمرية. أروع ما قاله محمد الأمين خليفة هو أن «الكلمات التي وُخز بها الرسول صلى الله عليه وسلَّم مثل ساحر وكاهن ومجنون أظهرت مكانته وكانت سبباً في بروزه أكثر وأكثر، ولا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم»، وفي ذات السياق يضيف قائلاً: «إن الدعاية السوداء من قبل كانت سبباً في دخول دنماركي إلى الإسلام».. انتهى، وهنا لعله يشير إلى الإساءة التي كانت قد وُجِّهت إلى خاتم الأنبياء والمرسلين من الدنمارك. إذن لا بد من تغبير الأقدام والتظاهرات وهو ما يفعله الأغلبية من المسلمين لأنهم صبية وشباب، أما منهج الترابي في الرد على الإساءة والفيلم الحقير، لا ينتهجه هؤلاء الأغلبية العظمى بل نخبة من أهل الشؤون لذلك لا داعي لإساءة إضافية للمسلمين بأنهم «سُذَّج» هل يستحق الصبية والشباب ومحدودو التحصيل العلمي هذه الصفة وهم يعبرون عن غضبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم؟!. المهم في الأمر هو أن محمد الأمين خليفة اتفق مع الترابي على أمور لكن يبقى الاختلاف أكبر.. وبرافو «خليفة».