ترشيد الإنفاق الحكومي يعني أن الدولة تقوم بإعداد الموازنة العامة لها وتتضمن تقديرات النفقات والإيرادات العامة لسنة مالية مقبلة وتجاز بواسطة السلطة التشريعية قبل تنفيذها، بجانب التأكيد على أن الأرقام التي ترد في الموازنة على أنها نفقات تعتبر الحد الأقصى الذي يجب أن لا تتجاوزه الوزارات والمصالح الحكومية عند الصرف، كما أن الأرقام أو المبالغ التي ترد في الموازنة على أنها إيرادات تمثل الحد الأدنى المتوقع من الإيرادات والتي من الممكن أن تزيد حسب الأحوال الاقتصادية وحاجات البلاد.. وتحاول الحكومة أن توازن بين إيراداتها ونفقاتها حتى تستطيع القيام بتنفيذ خططها التنموية، ولكن في بعض الأحيان لا يتحقق هذا التوازن بالشكل الذي تريده، ويظهر ما يسمى بعجز الموازنة الذي يعني أن إيرادات الدولة لا تستطيع أن تلبي نفقاتها وهذا ما أقرته الحكومة مؤخرًا بضعف تنفيذ برنامج خفض الإنفاق الحكومي ولمحت بحل المجالس المتخصصة التابعة للوزارات التي أصبحت تشكل عبئًا على الميزانية، كما أوضح وزير المالية علي محمود خلال جلسته مع وزراء القطاع الاقتصادي بالبرلمان بشأن البرنامج الاقتصادي الإسعافي أن الإنفاق لم يتم بالصورة المطلوبة، وقال إن بعض الولايات زادت من الإنفاق بدلاً من التخصيص، وطالب بعضًا منهم بتحويل أموال التنمية إلى رواتب، مشيرًا لعدم تخفيض الأجهزة بالولايات، وكشف محمود عن عجز في الميزان التجاري بنسبة (156%) وأضاف أن البرنامج الثلاثي مراقب ولكنه قال لا نستطيع القول إنه سليم (100%) إذا لم يتابع سيحدث فيه اختلال ولن تتحقق نتائجه المرجوة، لافتًا إلى وجود استدانة بالداخل الأمر الذي يزيد من التضخم، وفي السياق ذاته أكد مدير عام القطاع الاقتصادي وشؤون المستهلك بوزارة المالية د. عادل عبد العزيز فشل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي لعدم توفر الإرادة السياسية القوية في خفض الإنفاق في المجالات التي تم تحديدها وعلى سبيل المثال خفض عدد المستشارين وخبراء في الجهاز التنفيذي، وأقر بوجود صعوبات في كيفية حسم المجاملات، وأشار عادل في حديثه ل (الإنتباهة) أمس أن نجاج البرنامج مرهون بزيادة المورد والترشيد لكي يتحقق البرنامج الثلاثي في تحقيق أهدافه، الأمر الذي يؤدي للاستقرار الاقتصادي وقال: أتفق تمامًا مع وزير المالية بأن الترشيد لم يتم بالصورة المطلوبة وطالب بضرورة تحقيق الإرادة القوية، ولعل حديث الخبير الاقتصادي د. محمد الناير لم يذهب بعيدًا عن إقرار وزير المالية حول ترشيد الإنفاق الحكومي وقال: ما أدلى به الوزير في الواقع حقيقة وأتفق معه بأن الترشيد لم يتم بالصورة المطلوبة، وقال: رغم المجهودات التي بذلت في تخفيض الإنفاق العام إلا أنها لم تكن بالقدر الذي كان مخططًا له بمعنى تخفيض هياكل الحكم مع المستويات المختلفة في المركز الولائي والمحلي لم يتم كما هو مطلوب وأبان الناير خلال حديثه ل (الإنتباهة) أمس أن الجولة القادمة تحتاج لمزيد من التخفيض وترتيب الأولويات حتى يتم الترشيد بشكل جيد، وأضاف أن حديث وزير المالية حول الوزارات التي لم تلتزم بالترشيد فإنه يقصد التي لديها موارد ظاهرة أو مجنبة بينما كل الهيئات التي ليست لديها موارد التزمت بالترشيد.