تحتفل الأمة العربية في السابع والعشرين من شهر سبتمبر من كل عام بيوم الزراعة العربية، وهو اليوم الذي يصادف تاريخ مباشرة المنظمة العربية للتنمية الزراعية عملها قبل أربعين عاماً، حيث باشرت المنظمة عملها في اليوم السابع والعشرين من شهر سبتمبر عام 1972 من مدينة الخرطوم، عاصمة جمهورية السودان، التي تم اختيارها من قبل أصحاب الفخامة والسمو قادة الدول العربية لتكون دولة المقر للمنظمة، نسبة لما يمتاز به السودان من إمكانات زراعية هائلة يمكن باستغلالها تحقيق الأمن الغذائي العربي. ومن ذلك التاريخ والمنظمة تقوم وباعتبارها بيت الخبرة العربي في المجال الزراعي بتقديم خبراتها وتوفير إمكاناتها لكل الدول الأعضاء، مما حدى بها لأن تكون واحدة من أهم منظمات العمل العربي المشترك التابعة لجامعة الدول العربية. إلا أن احتفال هذا العام بيوم الزراعة العربية يجيء في ظروف سيئة، فقدت فيها المنظمة العربية للتنمية الزراعية كل بريقها ونجاحها الذي تحقق بواسطة مديريها وخبرائها السابقين، الذين تمكنوا من وضع بصمتهم الواضحة في مسيرة عمل هذه المنظمة العملاقة، ويتضح ذلك جلياً في الإنجازات التي حققتها المنظمة في كل مجالات عملها التي تشمل الإصدارات العلمية الراقية، وتدريب وتأهيل الكوادر الزراعية العربية العاملة في المجال الزراعي، والمشروعات التنفيذية، ووضع إستراتيجية للتنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين القادمين، والعمل على تحديد الفجوة الغذائية في المحاصيل الرئيسة بالوطن العربي وبذل أقصى الجهود لتخفيف حدتها، وغيرها من الأنشطة الزراعية الأخرى التي تهدف في المقام الأول لتحقيق الأمن الغذائي العربي الذي تنشده كل الدول العربية، وقد كانت جهود المنظمة في هذا المجال واضحة وبائنة للجميع من خلال ما تناقلته عنها وسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة على امتداد وطننا العربي الكبير. إلا أنه وللأسف الشديد فقد توقفت مسيرة إنجازات المنظمة منذ العام 2009م، وهو التاريخ الذي تم فيه اختيار المديرالعام الحالي للمنظمة العربية للتنمية الزراعية الدكتور طارق جاروك الزدجالي، خلفاً لمعالي الدكتور سالم اللوزي، الذي تحققت خلال فترته جملة من الإنجازات المقدرة في مسيرة عمل المنظمة، إلا أن تلك الإنجازات قد توقفت تماماً في عهد الدكتور الزدجالي، الذي قام في بداية فترة عمله بإنهاء خدمات نخبة من أميز خبراء المنظمة في مختلف مجالات عملها، وأبقى على خبراء أقلّ منهم خبرة وتأهيلاً، كما قام بإصدار وتنفيذ مجموعة من القرارات العشوائية، كان لها الأثر المباشر في تدهور الأداء وإيقاف الإنجازات التي امتازت بها المنظمة العربية للتنمية الزراعية. لذا فإن جميع المراقبين والمهتمين والمتابعين لمسيرة عمل هذه المنظمة يصنفون فترة إدارة الدكتور الزدجالي للمنظمة بأنها هي الحلقة الأضعف في سلسلة عمل هذه المنظمة. وبهذه المناسبة السعيدة «الاحتفال بيوم الزراعة العربية»، والتي كنّا نحتفل بها احتفالاً راقياً ومشهوداً من قبل كل الجهات ذات الصلة بالعمل الزراعي في الوطن العربي، إضافة إلى التغطية الإعلامية المميزة التي كانت تصاحب هذا الاحتفال، حيث كان يتم اختيار شعار للاحتفال كل عام، ويقوم المدير العام للمنظمة بتوجيه كلمة إلى الأمة العربية بمناسبة الاحتفال، يتناول من خلالها مضمون الشعار ويستعرض المستجدات في العمل الزراعي العربي، وكان الاحتفال يجد حظه المناسب من التغطية الإخبارية من معظم وسائل الإعلام في الوطن العربي. أما اليوم فإننا نؤكد ونجزم أن احتفال هذا العام قد مرّ على جميع الدول العربية مرور الكرام ولم يسمع به أي مواطن عربي ذي اهتمام بالعمل الزراعي، أو دون ذلك. لذا فالنداء موجه إلى أصحاب المعالي وزراء الزراعة والمسؤولين عن العمل الزراعي في الدول العربية «أعضاء الجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية» تدارس ما يحدث في هذه المنظمة، وأن يعملوا على تغيير الواقع المثبط الذي أصبح مسيطراً عليها طيلة فترة عمل مديرها الحالي، وذلك باختيار مدير جديد للمنظمة من الكوادر العربية المؤهلة، في الدورة الاستثنائية للجمعية العمومية التي ستنعقد خلال شهر أبريل من العام القادم «2013م» بإذن الله تعالى. سائلين الله عز وجل أن يعين المدير الجديد المنتخب في مهامه الجسام لإعادة المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى سيرتها الأولى.