{ بعد أن عاد حسن الترابي الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي من دولة قطر عقب مشاركته في ندوة بعنوان مُحرج بالنسبة له هو «الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي»، أطلق تصريحات في عدة اتجاهات، ولعله ظن أنها قطعت قول كل معقِّب عليها، لكن هي إن بدت مقنعة لبعض الناس فهناك من يستطيع ردها عليه بكل بساطة، لأنه درج على الخلط في تصريحاته التي يطلقها من حين إلى آخر بين ما هو سياسي وإستراتيجي وتاكتيك ودعوي، لذلك كان لا بد من أن نرد على آخر تصريحات له لم يركز فيها على قضايا سياسية وأمنية مهمة مثل قضية فلسطين والقدس والعراق وأفغانستان وسوريا، وإنما ركزّ أكثر على نشاط جماعة دعوية وقد هاجمها دون مناسبة قوية وإن كانت صاحبة حضور في كل أوساط المجتمع السوداني وآثار قوية في الساحات ولا مقارنة في ذلك بينها وبين جماعته التي انحصرت الآن في الرأس بعد أن أُصيبت بالانحسار لتصبح رأساً بلا جسد، ويصبح صوتها عالياً جهوراً رغم حجمها الصغير جداً كحال الضفدعة، فهي إذن «جماعة ضفدعية» قد لا تعيش خريفاً سياسياً آخر.. لكن ماذا قال الترابي؟! ما هي آخر تصريحاته وتقليعاته؟ { قال: «تكلمت عن الانقلاب العسكري، ولماذا أتينا به ثم اكتشفنا عيبه في الآخر لكونه عسكرياً، وأقررنا خطأ الانقلاب، وإنه كان من الأصح قيام ثورة، وأن العسكر حنثوا بوعودهم حين تمكنوا من السلطة في الشورى وقضية الجنوب وقضية دارفور».. انتهى. ترى هل نسي الترابي أن مجلس قيادة الثورة قد تم حله قبل أن يبعد هو من رئاسة السلطة التشريعية بخمس أو ست سنوات؟! وإن لم تكن قرارات الرابع من رمضان الشهيرة أما كان حتى اليوم على الأقل رئيساً للبرلمان؟!. متى اكتشف عيبه «في الآخر لكونه عسكرياً»؟! ثم إن حل مجلس قيادة الثورة الذي نفّذ معظم أعضائه الانقلاب يعني فتح الطريق لنفوذ العناصر المدنية التي كان على رأسها حسن الترابي نفسه. ثم أي عسكر تمكنوا من السلطة وقد كان أول رئيس لجهاز الأمن هو إبراهيم السنوسي «ظل الترابي» الذي يعمل كمساعد له الآن وكان مساعده في المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي الذي أرسل عبره الترابي رسالة خاطئة إلى المجتمع الدولي فكانت العقوبات عام 1997م وهي التي يتضرر منها المواطن الآن، وكان قصف مصنع الشفاء لتفترس الملاريا والالتهاب المواطنين بشح الدواء أو ارتفاع سعره؟! متى تمكن العسكر من السلطة بعد حل مجلس قيادة الثورة؟ { وقال الترابي أيضاً: «هناك كتاب إسلاميون بارزون لا يستطيعون إنتقاد سني الحكم الحالية ويكتفون بنقد الفترة التي كان الترابي مشاركًا فيها».. انتهي. ولعله يقصد هنا الدكتور الطيب زين العابدين والدكتور عبد الوهاب الأفندي الأول أستاذ علوم سياسية بجامعة الخرطوم والثاني ملحق إعلامي سابق بسفارة السودان بلندن وكانا قد انتقدا ورقة للترابي بوصفهما لها بأنها «بررت لاشتراكه في انقلاب الرئيس البشير». أولاً هناك سؤال: هل كان من صالح الترابي بعد إبعاده من الحكم أن يقول، «قلت للرئيس اذهب إلى القصر رئيساً وسأذهب إلى السجن حبيساً»؟! بالطلع لا، لكنه يريد أن يتباهى ربما.. أما عدم استطاعة مثل الطيب زين العابدين والأفندي وغيرهما على نقد سني الحكم الحالية، فهذه ليست حقيقية، والحقيقة هي أنهما ضد هذه الفترة الحالية من أشرس المنتقدين ومعروفة هي كتابات الطيب زين العابدين منذ عام «2004م» حول قضية دارفور، كانت لا تحتمل وغير قابلة للنشر ولو كان حينها الترابي في السلطة لأودعه السجن، لكن جماعة «القصر» احترمت الأستاذ الجامعي ووقَّرته وتجاوزت له.. لكن في فترة مشاركة الترابي أعدم مجدي محجوب وعادل جرجس بسبب عمله.