هجرة أساتذة الجامعات تلك الظاهرة التي اكتسحت الجامعات السودانية في الآونة الأخيرة وتتزايد أعدادهم حسب إفادة وزيرة التعليم العالي حيث بلغ عددهم (800) أستاذ وتباينت الدوافع وراء هجرتهم بعضها لتحسين الظروف المعيشية، والآخر لإيجاد بيئة أكاديمية أفضل وما دعانا للوقوف على هذه الظاهرة تضاعف أعدادهم في الآونة الأخيرة. عند لقائنا الأستاذ أحمد علي أوضح لنا أن هنالك عوامل جذب مرتبطة بالطرف الآخر من المعادلة والتي يمكن حصرها في سعي الدولة الجاذبة بإغراء العلماء والمهنيين والمتخصصين بتقديم كثير من الحوافز التي يفتقدها الأستاذ في بلده مثل بدل السكن المجزي، وبدل التأسيس وغيرها من البدلات المغرية التي قد تكون وحدها محفزًا للهجرة لضخامتها.. مضيفًا أن ارتفاع الدخل في الدولة الجاذبة بالصورة التي تحقق الرضا النفسي للفرد، وقال قد سمعت أحد الأساتذة والذي خدم فترة طويلة في السودان يقول إنه لم يحقق أحلامه إلا بعد اغترابه فقد استطاع تلبية حاجات أفراد أسرته معظمها إن لم تكن جلها، وكان من قبل يطأطأ رأسه من عدم قدرته على تلبية بعض الاحتياجات بجانب ارتفاع مستوى المعيشة في المجتمعات أو الدول المهاجر إليها بالدرجة التي ترضي طموحات هذه العقول المهاجرة وتوفر متطلبات العمل المهني المتخصص بصورة تمكن العلماء من الإبداع وتفجير الطاقات من حملة الدكتوراه الجامعات السودانية بسبب الحالة الاقتصادية وعدم إشراكهم باتخاذ القرار في الدولة. ونجد بالمقابل أن وزارة التربية والتعليم قللت من الأمر، مؤكدة أن عدد المهاجرين قليل جداً مقارنة بالموجودين.. وأن احتجاج عدد من أساتذة الجامعات في ملتقى التعليم العالي على الأوضاع في الجامعات وتنبيههم للدولة بمنحهم فرصة المشاركة في اتخاذ القرار والمساهمة في حل القضايا بأسلوب علمي بعيداً عن السياسة التي ألقت بظلال قاتمة على مجمل الأوضاع في الدولة، وأرجعوا هجرة أكثر من (600) أستاذ من حملة الدكتوراه بمختلف الجامعات السودانية إلى الظروف الاقتصادية الطاحنة والبحث عن فرص عيش أفضل، بجانب أن أكثرهم فقد الأمل في إحداث تغيير على الصعيد الجامعي والمجتمع ككل. بينما أكد إسحاق عبد المنعم أستاذ الفيزياء بالجامعات السودانية أن العمل في الجامعات بعد هذا الترهل الكبير الذي شهدته أصبح فيه مشقة وأن الأساتذه الذين هاجروا يرغبون في وضع مادي وأكاديمي ومعنوي مريح، خاصة أن هنالك قناعة بصعوبة تغيير مفاهيم المجتمع، وقال إن المرتب بالخارج يصل إلى (45) ألف جنيه سوداني، وطالب بضرورة منح أساتذة الجامعات فرصة للمشاركة في أخذ القرار في قضايا الدولة على الأصعدة كافة، مشدداً على أهمية توفير بيئة صالحة للطالب الجامعي والأستاذ معاً، خاصة أن هنالك هجرة متصاعدة من الطرفين. من جهته بيَّن بروفيسور حسن الساعوري العميد السابق لجامعة النيلين في ندوة (هجرة الأساتذة الأسباب وفرص العودة) أن الجامعات لم تمنع أستاذًا من الخروج وهنالك بعض الضوابط جاءت بعد أن استشعرنا بالخطر ولم يصدر قرار بوقف الهجرة وتساءل هل نحن نعتمد بفتح الباب حتى يعود علينا بالعملات الصعبة؟ وإن سمحنا بالخروج ولم ندرك الخطر خروجهم زرافات ولم نقدم لهم ضوابط لمنعهم خاصة أساتذة جامعة الخرطوم والنيلين وأم درمان الإسلامية والسودان والقرآن الكريم وأنه سنستعين بالمعاشيين بجانب قرار رفع سن المعاش حتى (65) سنة، والاستعانة بكل من حملة الماجستير والدكتوراه ليساعدوا وقال الخطر ليس في من ذهبوا لكن في من يتبعهم ويبقى التحدي في إحساس الأستاذ الجامعي بعدم استقرار أوضاعه. ومن ناحيته أكد خميس كنج كنو وزير التعليم العالي أن الهجرة ترجع لأسباب اقتصادية، موضحًا أن ضرورة ومتطلبات الحياة تفرض ذلك، وقال نريد الهجرة لكن بضوابط تليق بمقام الأستاذ الجامعي مبيِّنًا أنه عند عودتهم سوف تستوعبهم الجامعات، وكشف أن الجامعات ما زال بها (12000) من الأساتذة ومنهم (10000) من حملة ما فوق الماجستير، وقال إن الذين خرجوا يقدروا بحوالى (800) أستاذ مطالبًا بتنظيم هجرتهم وإن تم عبر الوزارة لضمان حقوقهم، وأوصى الأساتذة الذين خرجوا بأن يعطوا أفضل ما عندهم أن يعلموا أنهم سفراء وأن أماكنهم ما زالت محفوظة عند عودتهم وأن الوزارة تسعى لتحسين الظروف المعنية وهي في طريقها في البرلمان لتصحيح الوضع لمزيد من العطاء والارتباط بالوطن. ولتوضيح الرؤية أكثر كان لا بد من عكس دور جهاز المغتربين في الحد من هذه الهجرة وهل من قوانين تساعدهم في ذلك فكانت إفادة الأستاذ صابر عبد الله مدير إدارة العمل والعمال بجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج بقوله إن جهاز المغتربين يتعامل مع هجرة الأساتذة كهجرة كل قطاعات المجتمع ويحددها بضوابط أو يقننها كهجرة الأطباء إلى ليبيا لافتًا إلى أن حماية الجهاز للأساتذة يبدأ بعد هجرتهم ووصولهم للدولة التي يتوجهون إليها.