يُعرف عن الجنس اللطيف أنه حساس ويبحث عن الحماية ويمشي بجانب «الحيط» ولكن مؤخرًا باتت تزاحم الرجال في كل مكان حتى كادت تفقد لقبها اللطيف، ولعل أكثر المناطق الخطرة التي تعرضت للغزو بواسطة الجنس اللطيف هي الجرائم وخصوصًا السرقة! باتت أصابع الاتهام تشير إلى حواء في كثير من جرائم السرقة تصل إلى حد السطو المسلح وتنتهي بالاحتيال والنشل.. البيت الكبير كان شاهد عيان لكثير من الوقائع التي حفزته لطرق هذا الباب بقوة لمعرفة الأسباب التي تدفع الجنس الناعم للدخول لهذه الدوائر الشائكة.. عندما باشر مجمع تجاري ضخم نشاطه كان حدثًا فريدًا ويرتاده أصحاب الجيوب المنتفخة، لذا عندما تدخل من الباب يحذرك رجل الأمن للحفاظ على محفظتك فيندهش كثيرون والبعض يردد ماشين مولد! وعندما استفسرت من رجل الأمن في حس صحفي أخبرني أن هناك عصابة مكونة من ست نساء متخصصات نشل تتابعهن الشرطة باتقان شديد ورغم ذلك يحدثن مشكلات واشار الى احداهن «الواقفه هناك ديك منهن» !اندهشت جدًا لأن الفتاة ترتدي ملابس بما لا يقل عن مرتب موظف وتحمل جوالاً راقياً وتبدو «بنت ناس» ولكن للاسف يبدو انه المظهر الجديد للنشل. وعمل النساء في العصابات قديم منذ ان نفذ اول حكم اعدام على ريا وسكينة في القرن الماضي، وفي الماضي القريب كانت مشاركة النساء في السرقات تتمثل فقط في تفقد المنزل الذي عادة ما تعمل فيه خادمة او ترتاده لبيع منتجاتها البسيطة فتستغل كرم صاحبة الدار فتقوم بمساعدة لصوص بالسطو على المنزل، ولكن هذا الدور لم يعد يكفي النواعم كما يبدو فباتت لهم ادوار قيادية تتمثل في زعامة العصابات وتنفيذ الخطط وقيادة تيم قوامه الرجال ايضًا، ويحكي العم محمد «معاشي» عن سرقة سيارات حرمت النوم على شباب الحلة وارقت قيلولة الضحى، وبعد عمل دوريات من ابناء الفريق وقعت العصابة في كمين، وعندما داهمنا الوكر وجدنا الزعيمة سيدة خمسينية تبدو الوداعة على وجهها ولكنها زعيمة العصابة! اثناء ركوبي المواصلات العامة قادمة من ام درمان 2003 اندلع شجار كبير بين رجل اربعيني وفتاة تجلس جواره كان يصر على انها سرقت هاتفه الجوال وفي ذلك الوقت كانت الهواتف نادرة في المقابل كانت هي تقف متحدية وتمنعه ان يلمس حقيبتها فتحرك صاحب الحافلة بها نحو اقرب قسم شرطة فأصرت الفتاة على عدم النزول الى ان جاء الضابط وتحدث معها وبعد فترة جاء الرجل يحمل هاتفه ويسب ويسخط وهو يقول «بالله شوف المجرمة دي اتاريها عندها فيش»!! بدت الكلمة غريبة عليّ فسألت الرجل جواري عنها فاخبرني انها تعني ان الفتاة صاحبة سوابق! وفي المستشفيات تكثر حوادث السرقة خصوصًا في عنابر الجراحة والولادة لان اهل المريض ينشغلون به عن ممتلكاتهم فتسرق وفي مستشفى الخرطوم تجولت فتاة في عنبر الجراحة حريمات فانتهرتها الممرضة وطردتها بوحشية وبعد خروجها قالت: كل زول يفتش حاجاتو الزولة دي حرامية وبتقول هي ممرضة واندهشت لأني وقتها كنت طريحة الفراش بعملية زائدة وهذه المرأة كشفت عليّ بالليل وعاينت الجرح! ولعل اشهر عصابة نسائية كانت في احدى المدارس الابتدائية نظرًا لصغر سن الفتيات ولكن الترتيب كان عجيباً، وبدأت القصة بتكرار شكوى تلميذات الصف الاول من سرقة سندوتش الفطور ووصل الامر الى اكثر من نصف الفصل مما استدعى تحقيقاً ومراجعة مع كامل الاصطاف وفعلاً ضبطوا تلميذة في الفصل تسرق فطور زميلتها وبعد التحقيق معها اقرت بوجود زعيمة للعصابة تدرس بالصف الرابع يتم تجميع الفطور المسروق عندها لتوزعه عليهنّ اثناء فسحة الفطور! واحيانًا تكون السرقات فردية وليست لأغراض طويلة المدى بل بسبب معين.. تحكي سيدة عن سبب طلاقها من زوجها ان قريبته استعارت منها سوارًا ذهبيًا ضخماً واعادته لها، بعد فترة اكتشفت انها استبدلته بآخر مزيف يشبهه فكادت ان تجن الأمر الذي سبب مشكلات مع زوجها افضت للطلاق. وفي الداخليات تتعدد الحكايات ولكنها تتفق على شيء واحد ان لا احد كبير على السرقة والكل يخاف على هاتفه الجوال وحاسوبه الشخصي من السرقة وكثيرًا مايرتفع نواح يعلن تعرض احدى الطالبات للسرقة من زميلة مجهولة او احيانًا تحوم اصابع الاتهام نحو مجموعة بعينها. حكت لنا زميلة صحفية عن تعرض راتبها للسرقة اثناء وجودها في مناسبة اجتماعية لدى اصدقاء واثناء ادائها لفريضة الصلاة وجدت ان راتبها سُرق وعرفت فورًا ان ابنتهم الجامعية سرقته وفاجأتها بزيارة داخل الحرم الجامعي وطالبتها باعادة النقود فاخرجتها ولكن بنقصان مبلغ «100» جنيه! يحكي شاب ان سيدة طلبت ان يوصلها فتفضل عليها واثناء الطريق انهمك في مكالمة هاتفية وعندما انزل المرأة اكتشف انها سرقت نقوده التي كان يضعها في داخل طبلون سيارته. والسرقة سواء كانت من امرأة أو رجل تمثل فعلاً اجتماعيًا قبيحاً واثمًا دينيًا كبيرًا وحذرت منه الاحاديث و الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأخذ البيعة على من أراد الدخول في الإسلام على أمور عظيمة منها تجنب العدوان على أموال الناس بالسرقة: بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا ولا تزنوا . «روه البخاري ومسلم». ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أن المؤمن الصادق القوي في إيمانه لا يجرؤ على السرقة: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن.