عندما ترى تجمهراً هادراً للمواطنين يقطع الطريق على المارة ويستهدف مواكب المسؤولين، سيتبادر الى ذهنك فوراً قطوعات الماء والكهرباء او زيادة في تسعيرة الكهرباء، لأنها السبب الرئيس لخروج المواطنين في مظاهرات تعطل حركة السير لساعات مقدرة تحدث نتائج ايجابية بالنسبة لمطالب المحتجين، لكنها تحدث خسائر زمنية ومادية، وقد تحدث فيها خسائر في الارواح. وسياسة قطع الطريق الاحتجاجية لا تقتصر على المواطن السوداني، فهي من اهم اسلحة الاحتجاج في العالم العربي، وتحدث تقرير للاهرام المصرية عن حجم الخسائر التي أحدثتها حوادث قطع الطرق في الاقتصاد المصري من قطع خطوط السكة حديد واحتلال الميادين العامة، وبالرغم من ذلك فهي وسيلة فتاكة في انزال المطالب الى ارض الواقع، خصوصاً عند انقطاع المياه عن بعض المناطق لأكثر من يومين، مما يحرك المواطنين نحو الشارع بعد أن تفشل المناشدات، كما حدث في بري والصحافة. وقد تكون الأسباب بسبب تكرار حوداث المرور التي يكون ضحاياها الاطفال كما حدث في الشجرة وأمبدة، ولكن ما حدث في الجريف كان الاقوى لأنهم قاموا بإغلاق شارع الستين بعد حادث حركة راح ضحيته اكثر من خمسة أشخاص، فتجمهر المواطنون ورفضوا التفاهم مع نائب الوالي، مصرين على حضور الوالي بنفسه، ونصبوا خيمة على الطريق مصحوبة بخدمات تقديم المياه والشاي، لحين تنفيذ مطالبهم، وعلى إثر ذلك، كانت الاستجابة الفورية من قبل جهات الاختصاص التي سارعت بإزالة الجزيرة الفاصلة بين مساري الطريق، وتم وضع إشارات المرور وفتح الجزيرة الفاصلة بين مساري الطريق. وعند زيادة تعرفة الكهرباء أيضاً خرجت تظاهرات أدت الى التراجع عنها اجتاحت كل انحاء السودان، حيث تظاهر الطلاب وعدد من المواطنين بمحلية رهيد البردي بولاية جنوب دارفور احتجاجاً على زيادة تعرفة قيمة الكهرباء بالمدينة. وخرج الطلاب من المدارس في تظاهرة ولحق بهم عدد من المواطنين، واحدثوا خسائر فى رئاسة المحلية ومحطة الوقود التى تضاربت الأنباء حول حرقها بالكامل أو الجزئي، بجانب إحداث خراب طال عدداً من المواقع. وشهد الأسبوع الماضي قيام متظاهرين غاضبين بولاية الجزيرة من انقطاع التيار الكهربائى وانتشار البعوض، بقطع الطريق الرئيس. وقال شهود عيان من مواطني المنطقة إنه لليوم التالى تجمع مئات المواطنين بسبب انقطاع التيار الكهربائى عن المنطقة، وأغلقوا طريق المرور السريع الرابط بين مدنى والخرطوم، وأحرقوا إطارات السيارات. وقالت الشرطة فى بيان لها: «امتداداً لأحداث «الثلاثاء» قامت صباح اليوم مجموعة من مواطني قرى ود الحداد بمحلية جنوب الجزيرة بقفل طريق مدني ورشق الشرطة بالحجارة، مما نتج عنه بعض الإصابات في صفوف الشرطة». وأضاف البيان أن المتظاهرين أحرقوا يوم الثلاثاء بعض طلمبات المياه وجزءاً من مبانى الوحدة الإدارية بود الحداد. وفي نفس السياق، أغلق مواطنو منطقة المحس طريق مرور سريع مدني الخرطوم، إثر انتشار الباعوض الذي يشاع انه ينقل الحمى الصفراء! والذي تكاثر بسبب مزرعة للأرز في مشروع الشيخ زايد. وشهدت منطقة المسعودية جنوبالخرطوم حالات قطع للطريق الرئيس أيضاً في احتجاجات على المرافق، ومنطقة ود ربيعة أيضاً شهدت قطوعات بسبب تدهور الماء والكهرباء. وقطع الطريق وما يصحبه من توترات ورشق بالحجارة وحرق للمرافق واشتباكات مع الشرطة يجعل الجهات المسؤولة تهب للمكان وتخفف من حدة الاجواء، وقد تحدث بعض الاشتباكات بين الطرفين، لهذا تظل وسيلة الاحتجاج السلمي بعيداً عن قفل الطرق هي الخيار الأمثل بالرغم أن الجهات المسؤولة كثيراً ما تتباطأ في تنفيذ مطالب ملحة وضرورية مثل مياه الشرب والكهرباء ومشكلات البيئة، لكن مع ذلك فإن وسيلة تعطيل حركة سير المرور لا يمكن تبريرها، فضلاً عن أنها تتسبب في معاناة آخرين منهم الأطفال والشيوخ والمرضى، إذن يمكن القول إنها خيار اليائسين في ظل خيارات أخرى عديدة يمكن أن تحقق للمحتجين مطالبهم بعيداً عن نهج قفل الطرقات.