اعترف الحزب الشيوعي السوداني قبل أيام خلت، بالرغم من ان اعترافه هذا لا يعني شيئًا فهو واضح وضوح الشمس، اعترف بعلاقته المباشرة والموصولة مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، وظل الحزب الشيوعي يجاهر بعلاقته تلك مفتخرًا متبخترًا بها، وهو الافضل حالاً من حزبي الامة والاتحادي الديمقراطي في تقديري - فالأخيران ببرجماتية بالغة لديهم رجل في الحكومة ورجل في المعارضة، معاكم صباحًا وعليكم ليلاً، وهم مذبذبون في السودان لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء، في الوقت الذي رفض فيه الشيوعي المشاركة في الحكومة منذ اندلاع فجر الانقاذ وظل ثابتًا على موقفه بغض النظر إن كان صحيحًا ام خاطئًا، والسؤال الذي يطرح نفسه ما علاقة الحزب الشيوعي بما يسمى الآن بالجبهة الثورية؟ الجميع يعلم ان قادة ما يسمى الجبهة الثورية هم الحلو الذي لا عقيدة له وعقار الذي قال ان ربه ذاك الجبل، وعرمان الذي صرح بأنه إذا استلم الحكم فإنه سوف يعتقل كل من رآه «يتشطف»، بتهمة الشروع في الوضوء، ما يجمع بين هؤلاء هو الاعتقاد الفارغ الاجوف، والحالة اللادينية التى تنتابهم، الذي يجمع هؤلاء هو التاريخ الطويل في القتل والتعذيب وانتهاك الحرمات في كل شعوب العالم، ما يوثق عضد هؤلاء هو مسلسل من الانهيار والسفور الاخلاقي على مدى التاريخ الحديث، وعلى امتداد هذه البسيطة، وتجاربهم في العالم تشهد بهذا، وليس بعيدًا عنا مجزرة بيت الضيافة بعد فشل انقلاب هاشم عطا ورفاقه، لقد قام الحزب الشيوعي بعد الثورة البلشفية في روسيا بإعدامات القياصرة هناك بلا محاكمات واتباعهم وكل من ساندهم، كما أن ستالين «القبضة الحديدية» أعدم مئات الالوف من المواطنين الروس العزل دون ان يطرف له جفن، مواريًا جثثهم في العديد من المقابر الجماعية، أما في الصين فقد قتل ماوتسنغ مئات الآلاف من الشعب الصيني، وهو يستعبدهم عمالاً تحت الآلة المنتجة ليسدد الديون الروسية التى عليه مما اضطره لزيادة الانتاج في صادراته عن طريق جثث هؤلاء العمال لم يفرق ابدًا بين كبير او صغير رجل او امرأة، حتى نصحه خروتشوف الرئيس الروسي بأن يقلل من هذه الدماء، لقد كان الصينيون يموتون من الجوع بسبب السياسة الماوتسونغيه، كانت ينتهك اعراضهم الشيوعيون القادة الذين لهم ولاية على رغيف الخبز، وفي اليمن الجنوبي سابقًا الدولة الوحدية التى حكمها الحزب الشيوعي من 67 الى 1990 م قُتل في مدينة خور مكسر وحدها بمدينة عدن المقاطعة الدبلماسية آنذاك لوجود السفارات والقنصليات بها قُتل أكثر من اربعة عشر ألف قتيل في ظرف ستة أيام عندما اندلعت الحرب الأهلية في شوارع عدن بين الجناح الشيوعي الصيني بقيادة علي ناصر محمد «الآن هو رئيس المركز الإستراتنيجي لدراسات الشرق الاوسط بسوريا» وبين الجناح الروسي بقيادة عبد الفتاح اسماعيل حيث قتل في تلك المعارك، وذلك في ابريل من العام 1986، حيث كانت الرصاصة والدانة تعرف صاحبها بالهوية، وقد كتبت الاديبة والقاصة اليمنية هدى العطاس في صحيفة الثقافية اليمنية أن الامن الشيوعي كان يسحل شيوخ الدين في بداية الثمانينيات من القرن المنصرم، كان يربطهم في السيارات ويطوف بهم الشوارع حتى تأكل الارض أجسادهم من أطرافها، ولم يكن أئمة الجوامع في معزل من الآلة الشيوعية القاتلة، ذكر لي الدكتور عبدالمطلب جبر«يشغل الآن منصب امين الثقافة بالاتحاد العام للادباء والكتاب اليمنيين» ذكر لي أنه جاء ذات يوم الى زميل له بالسكن عندما كانوا طلابًا أبان فترة الحكم الشيوعي، فوجد باب غرفته مغلقًا على غير العادة، فطرق الباب، وعندما سأل زميله عن سبب اغلاقه المحكم للباب أجابه قائلاً: لقد اصبت بوعكة صحية واخاف ان تكون حمى كتلك التى انتشرت في المدينة تقتل الناس فبدأت بالصلاة وبقراءة القرآن حتى أموت على ذكر الله! وخشيت أن يراني المحسوبون على الحزب وأنت تعلم ما هي عاقبة المصلين!!، وحدثني الدكتور عبد المطلب أن تلفزيون الدولة الرسمي آنذاك عرض فيلم السهرة وهو فيلم «الرسالة» فما كان من وزير الاعلام الا أن أصدر قرارًا بإقالة مدير التلفزيون ومدير البرامج والمناوبين جميعًا في ذلك اليوم، وإحالتهم الى التحقيق، هؤلاء هم الشيوعيون، وأذيالهم الآن من قيادات ما يسمى بالجبهة الثورية يقصفون كادقلي ويقتلون الأطفال والنساء لا لشيء الا لإثبات أنهم موجودون عبر المرتزقة من الفرقتين التاسعة والعاشرة، هؤلاء لا يبحثون عن حرية او ديمقراطية أو حوق المهمشين في الأرض، هؤلاء يريدون مالاً وثروة وسلطة حتى ولو كان على جثث الابرياء من أبناء بلادي، الشيوعيون لا اخلاق لهم تحكمهم او تردعهم رضوا بالقوانين الوضعية وبأفكار البشر، أشهد الله أنني سألت الراحل محمد ابراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السابق في حوار صحفي لصحيفة المستقلة التى كان يرأس تحريرها الاستاذ عابد سيد أحمد «مدير فضائية الخرطوم الآن»، سألته: هل قرأت رواية وردة فأجابني بلا، طبعًا لم أصدق الراحل كيف لا ورواية وردة انتشرت في نهاية التسعينيات انتشارًا واسعًا وقد كتبها الروائي الشيوعي المصري «صنع الله ابراهيم» وهو يخلد فيها ذكرى الشيوعيين من الجبل الأخضر بجنوب عمان الى عدن باليمن مرورًا بليبيا والسودان ومصر بل وحتى في المغرب العربي، وهو يذكر الأحداث بالتواريخ وقد أمده بمعلومات ووثائق الحزب الشيوعي السوداني الأستاذ خضر الشفيع عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الآن، كما أمده بوثائق الحزب الاشتراكي اليمني عضو اللجنة المركزية للحزب «جار الله عمر» الذي تم اغتياله قبل سنوات في إحدى مؤتمرات حزب الإصلاح اليمني بصنعاء بينما كان يلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية، حيث اتهم قاتله بعد ذلك بالجنون، رواية وردة كشفت الوازع الاخلاقي للشيوعيين عبر بطلة الرواية «وردة» وكيف كانت تمارس الدعارة مع رفيقها الثائر، الراحل محمد ابراهيم نقد كان يعلم انني سأسأله عن هذه الاخلاق، فآثر ان يجيب بأنه لم يقرأها اصلاً، إن الحزب الشيوعي حزب مات سريريًا ولا يمكن ان تقوم له قائمة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية المحافظة، الحزب الشيوعي سقطة أخلاقية وعار في تاريخ السياسات العالمية عامة والعربية خاصة...