حوار: فتحية موسى السيد تصوير: متوكل البجاوى دعا القيادي في الحركة الإسلامية الدكتور أحمد الدعاك إلى ضرورة تحرير الحركة الإسلامية من الأشكال الجامدة التي وُضعت فيها الحركة أمام تحدٍ أساسي هو التحرر من الدستور الذي وُضع لها في الوقت الراهن، وقال الدعاك في الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» بمناسبة انعقاد مؤتمر الحركة الإسلامية الثامن إنه يتوجب علينا تحرير شورى الحركة وتحرير الحركة نفسها من الدولة والحزب الذي انشأته الحركة فأصبح أعلى منها وهو الذي يحدد خياراتها ويحاسبها. وأضاف الدعاك أن التيار الذي يرفض اتجاه تذويب الحركة ليس ضعيفًا وليس تيارًا قابلاً للتهميش، إلا أنه عاد وقال لكن الحركة مجمَّدة والذي ينظر إلى مؤتمرات الحركة الإسلامية يعلم ذلك وليس لها وظيفة متميِّزة..وزاد: «من المُؤسف أن الحركة بعد سبعين عامًا تواجه أزمة في القيادة وترى أن هنالك خيارات محدودة للقيادة.. والحركة ليست محدودة العدد لكن هناك نوعًا من الالتفاف حول شخصيات بعينها لا تريد أن ترى الحركة بعيدًا عنها، فإلى التفاصيل الكاملة للحوار: أولاً كيف تقرأ نتائج مؤتمر الحركة الإسلامية المقبل؟ هو «نستشرف» وليس «نقرأ» نتائج المؤتمر الذى لم ينعقد بعد، وقد يُعتبر مفصليًا فى تاريخ الحركة الاسلامية لأن به اما ان يعود للحركة الإسلامية دورها وروحها وإرادتها على إحداث التغيير وتقويم المسار او ان تتحول الحركة الإسلامية الى جسم ملحق لكيانات السلطة او المؤسسات الأخرى وبالتالى يصبح تيارًا تابعًا لا يمتلك الارادة او القدرة على التأثير.. اذًا هو مؤتمر مهم فى تاريخ الحركة باعتبار ان نواتجه هى وجود او عدم وجود الحركة الاسلامية. من حيث التوقيت، والظروف المحيطة، ماذا تقول عن انعقاد المؤتمر؟ هذا التوقيت يعتبر مناسبًا لانعقاد المؤتمر لأن بعد انفصال جنوب السودان حتمًا تشكلت دنميكية جديدة فى السودان وحدث نوع من اعادة طرح الاسئلة الاساسية حول وجهة وهوية السودان حيث المكون الجنوبى ترتب عليه وضعية سياسية واجتماعية جديدة تستدعى حفاظًا واطروحة سياسية جديدة.. الحركة الاسلامية هى الافضل والاكثر قدرة على تقديم تلك الاطروحة فى هذا الوقت بالذات. لكن البعض يرى ان فكرة قيام مؤتمر الحركة فى هذا التوقيت سببه وجود تيارات منافسة فى بعض الدول العربية لذا ارادت الحركة ان تثبت أنها هى الاقدم.. بماذا ترد؟ هي ليست تيارات منافسة بقدر ما هي معاضدة لفكرة الحركة الإسلامية باعتبار أن ما يحدث الآن فى المحيط السودانى يؤكد جليًا ان الاطروحة الاسلامية هى صاحبة القدم الاعلى فى تشكيل الواقع السياسى الآن وفى تحقيق تطلعات ورغبات الجماهير.. لذلك إحياء الحركة الإسلامية فى السودان فى تلك النقطة تحديدًا هو استجابة الى روح اللحظة وتناصر مع تحرك المحيط العربى الآن.. لذا لها فرصة اكبر ان تنجح مقارنة بالماضي. برأيك ما هى ابرز التحديات التى تواجه الحركة حاليًا وهى تعقد مؤتمرها الثامن؟ التحدى الاول هو قدرة الحركة الاسلامية على ان تستعيد مشروعيتها الاخلاقية، ان ينظر الناس وان يحس افراد الحركة والمنتمون اليها انهم متصادقون مع قيمهم وافكارهم. هناك احساس بعدم امتلاك المشروعية الكافية للتعبير عن قيم الحركة واطروحاتها لأن ممارسات الواقع قدحت فى هذا الامر وقيدت من قدرتهم على التعبير عن هذه الافكار وتبنيها والانطلاق بها. التحدى الثانى هو تحرير الحركة الاسلامية من الاشكال الجامدة التى وضعت فيها هذه الحركة امام تحد اساسي هو التحرر من الدستور الذى وضع لها. هذا الدستور الذى سيطرح فى المؤتمر القادم حيث نجد الاخير مُقيدًا للحركة الاسلامية باعتبار فرض القيادة عليها بعدم انتخابها. اذا اردنا ان نحرر الحركة يجب علينا تحرير شورى الحركة اولاً. وتحريرالشورى يعنى الفيصل فى اختيار القيادة العليا.. وتعنى ان الشورى لا تنتخب الحركة الاسلامية وتحاسَب من كيان لم تنتخبه الحركة وقيادات من الخارج ويكونون على قمة الحركة.. اذًا تحرير الحركة من قبضة الدولة والحزب الذى انشأته اصبح اعلى من الحركة وهو الذى يحدد خياراتها ويحاسبها. اما التحدي الثالث فهو: تجديد الاطروحة الفكرية للحركة فى ان تتواكب مع المتغيرات الحاصلة الآن فى السودان تتمثل فى تقديم اطروحة لمعالجة المشكلات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. الحركة تقاصرت فى تقديم اطروحة اكثر نضوجًا وفعالية. تحدث الكثيرون عن تهميش الحركة ومحاولة تذوبيها فى الحزب؟ اين تقف انت من هذا الجدل؟ قد يكون الأمر ليس تهميشًا بهذا المعنى لأن الذى يهمش هو الضعيف. والتيار الذى يرفض اتجاه تذويب الحركة ليس ضعيفًا وليس تيارًا قابلاً للتهميش والذين يتحركون فى هذا التيار من القيادات الفكرية والتاريخية وكل فعاليات الحركة اذا هو نجد كلمة التهميش لا تتسق مع هذا الحال. لكن هناك تيار فكرى داخلي يؤمن بأن الحركة يجب ان تذوب فى الدولة وان الحركة انتفت مُسببات وجودها اصلاً وقدر لذلك التيار ان يكون من اكبر القيادات المؤثرة التى تؤمن بهذا الامر. لكن هناك تيارًا عريضًا يرى ان للحركة دورًا متمائزًا عن الدولة وعن التنظيم السياسى «المؤتمر الوطنى» بالتالى الحفاظ على كينونتها يعنى الحفاظ على الوظيفة المائزة لها وهى وظيفة الدعوة والتربية وادارة الحوار الثقافى والفكرى. وابداع المسارات الجديدة بل والدور الاهم ان تكون ضميرًا حارسًا للإسلام والشريعة وتطبيقاته على مستوى الدولة والمجتمع.. اذًا هذا هو التيار الذى يريد ان تكون الحركة الإسلامية وجودًا متميزًا وكينونة منفصلة وهو تيار فاعل وقوي ويحرص على اجراء تعديلات فى الدستور القادم حتى يحقق الحركة القادرة والفاعلة. هل وجود تيارات مختلفة بدأ يشكل مشكلة بالنسبة للحركة؟ طبيعي فى جسم مثل الحركة الاسلامية توجد فيه فواعل مختلفة متفاعلة من الطبيعى وجود تيارات، لكن نؤمن ان الحق قديم وغالٍ واطروحة الحركة والحفاظ عليها ودورها ترتكز على منطق قوي جدًا وحرص كبير من الحركة على الادوار التي تحتاج السودان من اى وقت مضى وجود المعارضة امر حيوى يساعد كل الاطراف لأن الهدف الاساسى تبنى افضل الخيارات للحركة وللسودان وليس الانتصار لشخص او تيار. اذًا إلى أي التيارات يقف د: الدعاك؟ من الطبيعى ان اكون انا وعدد كبير من الشباب وقيادات الهيئة الحركية والإسلامية نمثل تيارًا فكريًا يمكن ان نسميه اصلاحيًا او احيائيًا واتشرف ان اكون جزءًا منه والذي يريد تجسيد واقع جديد ومشرق للحركة والسودان. هناك تيار داخل الحركة يتزعم احقية الشباب فى قيادة الحركة؟ انا لا اعتبر الإصلاح والتجديد هو امر احلال جيل مكان الآخر هو ليس صراعًا للاجيال.. الاصلاح الحق يجب ان يشارك فيه كل الاجيال ولكل جيل سهمه وخبرته وميزته، ولكى نقدم اطروحة ناضجة يجب ان تستوعب كل القدرات والمجهودات والافكار لكل الاجيال وانحصار عملية الاصلاح فى جيل من الاجيال هو اضطراب استبيانى غير ناضج لمشروع الاصلاح. الامر الثانى اى اصلاح ناجح يجب ان لا يتمحور حول اشخاص بل يجب ان يتمحور حول الافكار ما عدا ذلك يكون ميتًا لا محالة. برأيك من صاحب المصلحة فى تقليص هيمنة الحركة الاسلامية؟ معروف طبعًا هم اعداء الاسلام، ولا اعتقد من لا يكون حريصًا على الاسلام يكون حريصًا على تقليص دور الحركة الإسلامية وقيمها وحركتها، لكن داخل الحركة نعم هنالك مجموعة نؤمن انها تتحرك بحسن النوايا وقناعات وهم من شيوخ الحركة والذين لهم السهم الاكبر منها نحن لا نفعل معشار ما قدموه للحركة لكن وصلوا الى قناعة فكرية بأن الحركة الإسلامية الآن يجب ان تذوب وتنتقل بشكل كامل فى منظومة السلطة، هذه قناعة فكرية نحن نقول انها خاطئة ونستطيع ان نبين لهم ذلك ونسأل الله تعالى اذا تبين لهم الحق ان يتناصرون فيه. البعض يتحدث عن الحركة وكأنها اصبحت جسمًا هلاميًا وتابعًا.. برأيك هل فعلاً اراد لها البعض هذه الحالة الهلامية؟ الحركة الآن لا نستطيع ان نقول هى موجودة كجسم بل هى منبثة فى شكل لطيف فى كل مفاصل الدولة والمجتمع وغيره لكن انا اشك ان هناك وجودًا محددًا لحركة فى السنين الفائتة.. نعم هناك هياكل لكن الحركة مجمدة، والذى ينظر الى مؤتمرات الحركة الاسلامية يعلم ذلك وليس لها وظيفة متميزة ولا عطاء مخصوص يستطيع ان يقول انفذت كذا فى الفترة الكذا لكنها تدّعى انجازات الاجسام التى يُحسب انها تنتمى للحركة الاسلامية. وهى ليس لها محاسبة او توجيه او رقابة على تلك الاجسام. هناك وجود معنوى للحركة وليس لها وجود حسى وهذا المؤتمر اول المؤتمرات تشكيل جدي للحركة ان تعود كما كانت بحضورها المعنوى والبرامجى والفكرى وان يكون لها رأي وشوكة. د. الدعاك حدِّثنا عن رؤيتك حول الخلافة داخل الحركة؟ وما هى مواصفات من يخلف طه فى قياداتها، وفيمن تتوفر هذه الصفات برأيك؟ كلمة الخلافة تعطى ايحاءات ان هناك شيخًا للحركة الإسلامية الذى لا يقوم على خلافة شخص لآخر.. نحن لسنا طريقة صوفية ولا جماعة من الجماعات التى ينعقد فيها الامر لشخص ولا يخلفه الا من قرب منه فى الصلة او القربى او الهوى.. الحركة الإسلامية قائمة على اختيار الانفع لكل مرحلة. وهى عملية اختيار الشخص الذى يتناسب مع اللحظة الزمانية، لأن الذى ينفع الآن ربما لا ينفع غدًا والعكس تمامًا.. هذا تقدير متروك لأعضاء المؤتمر لكن لكل تيار او مجموعة شخص يحقق له الشروط المناسبة للحظة. اذًا ما هى مواصفات القيادة؟ مواصفات القيادة الراهنة لهذه المرحلة المفصلية لا بد ان تستجمع ثلاث صفات اساسية. الأولى هى المشروعية الأخلاقية الذى يكون شخصًا فى تاريخه ومؤسسات الحركة جسد قيم الحركة افضل تجسيد حتى يكون ملهمًا للشباب وللعالم من حولنا. ثانيًا يجب ان يكون هذا الشخص صاحب رؤية متكاملة للنهوض بالحركة الإسلامية واصلاح شأنها. الأمر الثالث يجب ان يكون شخصًا صاحب ارادة حقيقية يستطيع ان يمضي بالحركة ويتدافع بها فى المسارات التى تريد تفتيتها وتجزيئها. هناك جدل أيضًا يُثار حول موضوع خلافة علي عثمان.. فما هى مبررات ذلك الجدل؟ هو الحقيقة من المُؤسف ان الحركة بعد سبعين عامًا تواجه ازمة فى القيادة.. ان ترى ان هنالك خيارات محدودة للقيادة.. والحركة ليست محدودة العدد لكن هناك نوعًا من الالتفاف حول شخصيات بعينها لا تريد ان ترى الحركة بعيدًا عنها.. الأخير اصابها عدوى كل الكيانات التى تتركز كل القيادات لفترات طويلة تدريجيًا يتحول مجموعة من الأشخاص ان يضربوا عليه سياجًا قدسيًا وذلك السياج من الصعب اختراقه او الخروج من اطاره.. الحركة مليئة بالرجال وايضًا بالشباب الذين يستطيعون ان ينهضوا بالحركة الى مفاسح بعيدة لكن القيادة محصورة فى اعداد بعينهم، وهذا من ازمات الحركة الإسلامية واتمنى فى هذا المؤتمر ان يتحرر من هذا الالتفاف حول العدد المحدود من القيادة والنظر نحو الخيارات المتعددة التى نعيد بها الحركة الإسلامية فى السودان. موقف الحركة من قضايا الفساد والإخفاقات التى صاحبت تجربة الحكم، كيف تقيم الموقف في هذا الامر؟ الحركة الإسلامية من وظائفها الأساسية كما اسلفت الضمير الخالص الذى يمتلك حساسية زائدة عن كل مكونات المجتمع تجاه الفساد والإفساد وحساسية ايضًا حول إحقاق الحق وإبطال الباطل. وبالتالى كل شخص ينتمى للحركة الإسلامية هذا القدر الذى اصاب الدولة من فساد والذى لا يمكن انكاره ان يحس يالمسؤولية وان تطهر نفسها مما اصابها من انحرافات وان تجدد عدم المحاسبة فيها وتستطيع ان تعيد تشكيل تركيبتها القيادية بشكل تبتعد به عن العناصر التي ارتبطت بها شُبهة فساد حتى تستعيد مشروعيتها الأخلاقية من جديد.
