الحضور الكثيف للإسلاميين الذي تجاوز أربعة آلاف عضو بخلاف ضيوفهم الذين ضاقت بهم قاعة الصداقة أمس وهم يشهدون المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية، كان علامة بارزة وإشارة صريحة إلى أنهم حضور في الساحة حاكمين للبلاد بواسطة حزبهم «المؤتمر الوطني» حيث جرى هذا الاسم «المؤتمر الوطني» على لسان رئيس اللجنة الفنية للمؤتمر حسن رزق عندما قال «نحن نشهد المؤتمر الوطني بدلاً من المؤتمر العام للحركة» وقد ضجّت القاعة بالضحك.. الترتيب الدقيق والمراسم المنتبهة والتنظيم الفاعل بواسطة ما يقارب سبعمائة شاب تأنقّوا ببدل سوداء وربطات عنق حمراء كان يقف من خلفهم الوزير كمال عبد اللطيف وهو يشرف على كل تلك التفاصيل بما فيها التأمين، كانت إعلاناً لانطلاق المؤتمر العام الثامن للحركة الإسلامية الذي نحاول أن نرصد بعض تفاصيله في هذه المساحة. البشير.. نجومية وملامح تجديد وقوف الآلاف داخل القاعة الرئاسية والقاعات الرديفة لحظة وصول البشير كانت علامة واضحة لشعبية «الريس» التي تجلّت أمس الأول في حفل استقباله بالمطار.. دُويّ التهليل والتكبير في المكان ترحيباً به يُشعرك أن المكان يهتز!. وكان الرئيس قد وصل القاعة عند الواحدة وخمس دقائق بينما كان موعد كلمته عند الواحدة وعشر دقائق. وقد نقلت له الشاشات حديثاً باسماً بينه وبين علي عثمان أثناء كلمه الأمين العام لمرشد الإخوان بمصر وتحديدًا عندما امتدح الكرم السوداني، وربما استفسر البشير طه عن ذلك الكرم، فكانت الضحكات.. كلمة البشير كانت قصيرة دعا فيها إلى تقوية النسيج الاجتماعي ومواجهة الاختراق بعد أن حيّا الجماعات الإسلامية في السودان. عودة سيخة.. «جرسة» وتغيير كانت المفاجأة عندما فتح باب الترشيح لرئاسة المؤتمر ورشح الوالي الأسبق د. عبد الله محمد سيد أحمد، الوزير والوالي الأسبق د. الطيب إبراهيم محمد خير «سيخة» حيث ضجّت القاعة بالتهليل والتكبير والذي تلته همهمة كون الرجل ظل غائباً عن المسرح السياسي لفترة طويلة.. ولعل التكبير المدوي أن سيخة يعدُّ وجهاً جديدًا سيما وأن الجميع ينشد التغيير وقد آثر من رُشحوا معه وهم والي الخرطوم، عبد الرحمن الخضر والسفير مهدي إبراهيم الانسحاب ومن ثم تغلّب على منافسة القيادي المعروف د. عبد الرحيم علي، وللمفارقة أن الأخير رشحته القيادية البرفيسور سعاد الفاتح ولم تفلح محاولاتها في التأثير على المؤتمرين عندما كالت له المدح كما لم يفلح دعم د. نافع له عندما استهدفت الشاشات المنصوبة «نافع» رافعاً يده مؤيدًا له. لكن بالمقابل وجد سيخة تأييدًا من الأمين العام للحركة الإسلامية علي عثمان ومن نائب الرئيس الحاج آدم. رغم أن سيخة «تجرّس من التكليف» وقال صراحة «أنا معصور» لكنه أكد أنه سياسي محنك عندما أثنى على البروف عبد الرحيم وسأل عن موقعه في القاعة، فما كان من الأخير إلا أن وقف وفي لفتة بارعة من الطيب ذهب إليه وعانقه، كما لم ينسَ الطيب أن يترحّم على الإسلاميين الذين رحلوا للدار الآخرة في أربع السنوات السابقة وعلى رأسهم العالم أحمد علي الإمام. إخوان الخارج.. مؤازرة السودان المشاركة الكبيرة لإسلاميين من كل أنحاء العالم «120» شخصية يمثلون «30» بلداً كانت بائنة.. قوة الحضور الخارجي تمثلت في قدوم زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي الذي أوجز في القول وأبدى فخره بحمله للجواز الدبلوماسي السوداني في مطلع التسعينيات وأشار إلى أن الشرارة التي انطلقت من بلاده وصلت مصر وتحولت إلى حريق وبالفعل أشعل المرشد العام للإخوان المسلمين في مصر محمد بديع الحماس في المؤتمرين محيياً وناقلاً إليهم تحية مصر الثورة ومصر الحرية.. تلك الحرية التي ذاقت طعمها ليبيا، عمر المختار، وذلك ما ذكره القيادي الإسلامي الليبي بشير الكبتي الذي أكد معاناتهم والسودان من الراحل القذافي. بينما علا التكبير والتهليل مع كلمة القيادي بالجماعة الإسلامية في السنغال مختار كبي الذي قال : « إن رياح التغيير التي هبت في العالم العربي نحن نشم روائحها وستسمعوا فينا خيراً» كانت للضيوف كلمات بين السطور وبالقطع لم تأتِ عفوية والمجاهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي بثت كلمته القوية الحماس في أوساط المؤتمرين دعا إسلاميي السودان كونهم رواداً في الحكم مقارنة بنظرائهم وأهل خلاوي إلى أن يوحدوا صفوفهم على مستوى القيادة والقاعدة وهي إشارة صريحة لرأب الصدع بينهم والمؤتمر الشعبي، بينما قال بشير الكبتي إن بلاده ستلغي التعامل الربوي بدءاً من نهاية هذا العام!! الأمين العام.. المباراة المهمة انتخاب سيخة الذي تجاوز الفارق بينه وبين عبد الرحيم نحو«800» صوت بمثابة إحماء للمباراة القادمة والممثلة في اختيار أمين عام، حيث يرى الكثيرون ضرورة اختياره من المؤتمر العام وليس مجلس الشورى، وتابعت «الإنتباهة» في أروقة المؤتمرين رغبة قوية أن يتم الاختيار من المؤتمر العام رغم تسريبات أن تعبئة تمت وسط الوفود منها ما جرى من اجتماع لوفد الجزيرة الذي تناول وجبة الغداء أمس الأول في الجديد الثورة جنوبي الخرطوم. الإسلاميون.. حرمة «القُعاد وراء» من الرسائل التي أرسلها الطيب سيخة عقب فوزه حمده لله أن هيّأ لهم بعد بلوغهم سن الستين أن رأوا الحركة الإسلامية تقود أهل السودان وهي الرسالة التي التقطها البروفيسور إبراهيم أحمد عمر قال في كلمته: «يا الطيب من تجاوز سن الستين«11%» فقط من المؤتمرين الذين منهم «59%» يحملون درجة جامعية و«10%» فوق الجامعية» وأضاف إبراهيم : «حركة كهذه حرام تقعد وراء» وزاد « وهي حركة شابة وأهلاً بالشيوخ» وذكر أعمار الحاضرين «8%» أقل من «30» سنة و«19%» «3040» سنة و«34%» «41 50» سنة و«29%» من «5160». حضور الترابي وجدل الشباب!! شرّفت أعداد من القيادات الإسلامية والسياسية بالداخل المؤتمر منهم ممثل الإخوان المسلمين البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم، ورئيس جماعة أنصار السنة، والقيادي بالاتحادي أحمد سعد عمر، ورئيس حزب منبر السلام، الطيب مصطفى، والأمين العام لحزب الأمة د. إبراهيم الأمين الذي حضر متأخرًا بعض الشيء وجلس في الصفوف الخلفية وقد كان في أثناء انتخاب رئيس المؤتمر مشغولاً بهاتفه وغادر عقب فوز سيخة. الأمين العام للشعبي، حسن الترابي، شارك في المؤتمر مشاركة من نوع خاص حيث شكر رئيس شورى الإسلاميين إبراهيم أحمد عمر وكلَّ من ساهم في مسيرة الحركة وبالقطع يأتي الترابي في مقدمتهم وإن لم يذكره صراحة، كما كان الترابي حاضرًا خارج القاعة الرئاسية ففي المعرض المصاحب للمؤتمر نُصبت له لوحة ضخمة تحوي صورة باسمة له مضمنة فيها السيرة الذاتية إلا أن اللافت هو ذكر مذكرة العشرة والانقسام وهو الأمر الذي استهجنه عدد من شباب الإسلاميين وطالبوا رئيس البرنامج المصاحب سناء حمد بحذفه. إسلاميات السودان محظوظات أعطت لائحة الحركة الإسلامية نساءها نسبة «10%» من عضوية المؤتمر لكن المفاجأة كانت في حصولهن على نسبة «21%» من العضوية ووجدن دعماً من إبراهيم أحمد عمر الذي هدد الولايات التي لا تُصعِّد النساء بأن «يشيلو شيلتهم معاهو» هكذا قال وهو الأمر الذي هللت وكبرت له كلٌّ من مستشارة الرئيس السابقة رجاء حسن خليفة والوزيرة مشاعر محمد الدولب«تعليقاً على سؤال الإنتباهة لهن». كما حظيت الإسلاميات بتحية خاصة من خالد مشعل رددنها بأحسن منها. من هنا وهناك كانت كلمة الأمين العام علي عثمان شاملة وطوّف على كل القضايا الداخلية والخارجية وقدم مسببات لانفصال الجنوب من الملاحظات، أن طه ارتدى بطاقة عضوية المؤتمر بخلاف قيادات مثل نافع ونائب الرئيس الحاج آدم. مما زاد المؤتمر روعة التقديم الرائع لفقراته بواسطة صاحب اللسان الذرب والعبارة الجزلة السفير مهدي إبراهيم الذي تم ترشيحه رئيساً للمؤتمر وكان أول المنسحبين.. بروز مهدي وفوز سيخة دفع القيادي الشاب بالقضارف خالد إبراهيم للقول «والله يبدو التغيير قادم». النائب البرلماني المثير للجدل دفع الله حسب الرسول طالب بقفل باب الترشيح. كان لافتاً ارتداء الإسلامي عمار محمد آدم للزي الختمية المعروف.