تعدُّ خلوة أولاد الحاج جابر من أقدم وأعرق الخلاوى في السودان، وتقع هذه الخلاوى في بلدة الجوير بولاية نهر النيل محلية المتمة على الضفة الغربية للنيل، وتبعد نحو خمسة عشر كيلو مترًا عن مدينة شندي، وقد ظلت هذه الخلاوى منذ تأسيسها قبل أكثر من ثلاثمائة وستين عاماً تقوم بدورها الرسالي في خدمة كتاب الله حفظاً وتجويداً وشرحاً، وقد خرّجت هذه الخلاوى عبر مسيرتها الطويلة ما يزيد عن »900000« من الحفظة، فأصبحت منارة سامقة من منارات القرآن الكريم، ومركزاً للإشعاع الإيماني، يقصدها الطلاب من شتى أنحاء السودان والدول المجاورة. وقد مرّت إدارة هذه الخلاوى بسبع مراحل: أولها مرحلة الشيخ محمود عبدالرحيم وابنه الحاج جابر، وآخرها مرحلة الشيخ المأمون عبدالله الحاج جابر التي تعدُّ من أهم المراحل. ففي عهده بلغت أسمى مجدها، وأدخل فيها بجانب رواية الدوري رواية حفص ودراسة التجويد، وأصبح طلاب المؤسسات التعليمية النظامية يهاجرون إليها لتجويد قراءاتهم خاصة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، والجامعات الأخرى. »الإنتباهة« جلست إلى الشيخ عبد القيوم المأمون عبدالله الحاج جابر مسؤول العلاقات الخارجية وخرجت بإفادات حول تأسيسسها الذي كان في عام 1063ه الموافق1651م وكان ذلك في عهد السلطنة الزرقاء، وأصبحت قِبلة لطالبي العلم وحفظة القرآن الكريم في معظم أنحاء إفريقيا ما يقارب أربعة قرون، وقد خرّجت هذه الخلاوى مئات الآلاف من الحفظة وعادوا إلى ديارهم وأحيوا بها نار القرآن. أسسها الفقيه محمود عبد الرحيم طيب الله ثراه وهو جدنا الخامس ولم تتوقف منذ ذلك الوقت إلا إبّان ثورة المتمة، وبعد استتباب الأمن بدأت نشاطها من جديد. ويبلغ عدد طلاب هذه الخلوة حالياً نحو »300« طالب جاءوا من أنحاء السودان كافة والدول المجاورة، مثل إريتريا، ومصر، وتشاد، ويوغندا، وإثبوبيا، ومالي، وبوركينا فاسو بغرب إفريقيا، والطلاب في هذه الخلوة مفرّغون تماماً لحفظ القرآن الكريم وعلومه، ولايطالبون بممارسة أي عمل أو نشاط آخر. خرّجت هذه الخلاوى عبر عمرها الطويل مئات الآلاف من الحفظة والأئمة والدعاة منهم على سبيل المثال: الدكتور كامل الباقر، والشيخ عوض جاد الله المحاضر بجامعة شندي، والدكتور حامد نافع عم الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، والدكتور صديق بدر شطيبي المحاضر بجامعة الجزيرة وغيرهم الكثير. من أهم الأدوار التي تقوم بها الخلوة بجانب دورها التعليمي إصلاح ذات البين وفض النزاعات بين الخصوم، فقد كان جدنا العمدة الحسن يحوِّل القضايا إلى الفكي الحاج جابر للوساطة والإصلاح بين الناس، وما تزال الخلوة تقوم بهذا الدور. كانت الخلوة عند بنائها في عام 1651م عبارة عن غرف صغيرة من الطوب الأخضر وعدد قليل من الحمامات، ولم تكن مسوّرة، ولكن مع مرور الأيام وزيادة عدد الطلاب بدأت أعمال التوسعة والصيانة منذ العام 1964م ولم تتوقف إلى يومنا هذا. هذه الخلاوى ليس لها مصدر تمويل دائم وتعتمد على ما يجود به أهل البر والإحسان، وهناك الكثير من الخيرين الذين يمدون أيديهم بالمساعدة، منهم على سبيل المثال السيد رئيس الجمهورية الذي يدعمنا سنوياً ب »500« جوال ذرة، وكذلك الدكتور عبد الرحمن أحمد علي، مدير شركة تباشير الطبية، والسيد قسم الله العقيد، والسيد صالح محمد الحاج فضل الله بدولة الإماراتالمتحدة وكثير من الخيرين بولايات السودان المختلفة. من ضمن المشاريع والخطط المستقبلية هناك فكرة لإدخال الحاسوب في طريقه التحفيظ، وتم بحمد الله وتوفيقه إنشاء قاعة خاصة ومعدّة لاستخدام »26« جهاز حاسوب، ولكن العقبة الوحيدة التي تواجهنا هي عدم توافر أجهزة الحاسوب والمعدات والفنيين. وهناك مقترح افتتاح خلوة خاصة بالنساء منفصلة عن خلوة الرجال وتابعة إدارياً لهذه الخلاوى، ويكون القبول بها قاصراً على نساء المنطقة، لأنها ليس بها داخلية للنساء.