يوم السبت بأكمله قضيناه في ولاية النيل الأبيض عبر زيارة صحفية لمصنع سكر النيل الأبيض عند مدخل كبري الدويم، مع نفر كريم من شباب الصحفيين حيث بدأت الرحلة عند السابعة صباحاً وانتهت عند السابعة في مساء نفس اليوم، وقفنا فيها على البيّارة الضخمة المقامة على النيل الأبيض والتقنيات الحديثة والطلمبات الضخمة المقامة على النيل الأبيض التي تسحب المياه من النيل لتناولها في مرحلة ثانية إلى بيّارة ثانية ترفعها إلى الحقول الواقعة شرق شارع الخرطومكوستي الأبيض السريع.. وتناول الحديث خلال المسافة ما بين البيارة الرئيسة والطلمبات الساحبة عدد من المهندسين السودانيين المتمرسين الحافظين لدروسهم بصورة تعطي الثقة التامة للمتلقي بأن بلادنا تعج بأمثال هؤلاء العاملين في الحقول بعيداً عن ضوضاء الساسة والسياسة في مدن البلاد ينتجون ويبتكرون ويغذون شرايين الاقتصاد السوداني بالدماء الصحية بصورة مباشرة قوية، همهم الأساس هو الإنجاز وتكريس الإنتاج وزيادته والارتقاء به.. تبادل المهندسون كل في مجال تخصصه مد البيّارة وكيفية تصميمها وحجم المياه والتقنيات المستخدمة والتحوطات الموضوعة لتفادي أي خلل يؤدي إلى تعطيل واستمرار ضخ المياه لشرايين المزرعة.. ثم انتقلنا إلى الزراعة والرقعة المزروعة وكيفية استخدام التقنيات الحديثة في الري والزراعة وكيفية استخدام الآلة في جميع مراحل الإنتاج بديلاً للعمل التقليدي المعروف عند المصانع الأخرى باستقدام العمالة اليدوية سنوياً لسكب القصب ونقله إلى المصنع وإعداد القصب للزراعة بل وحتى الزراعة نفسها عبر الآلة مما يحقق الكثير من الفوائد أهمها الجودة ثم الوقت ثم توفير العمالة.. إلى جانب أسس وطرق حديثة تقلل من درجات تبخر المياه أثناء نقلها وتقليل الفاقد منها.. بمعنى أن المشروع الذي يعد أكبر مصنع في السودان وإفريقيا تفادى جميع سلبيات المصانع والمشاريع الأخرى وبدأ من حيث انتهى الآخرون بما في ذلك مشروع سكر كنانة، يمتد المشروع من الشمال إلى الجنوب بطول«50» كيلو متراً وبعرض «20» كيلو متراً شرقاً وغرباً ويحده من الشرق مشروع الجزيرة ومن الشمال مشروع المزارعين ومن الجنوب مدينة الكوة ومن الغرب طريق الخرطوم ربك كوستي وتقدّر المساحة الكلية للمشروع «165» ألف فدان، ومنطقة المشروع كانت تخلو من الخدمات وسكانها رعاة متجولون، وعند التفكير في المشروع أجريت دراسات اجتماعية بجانب الدراسات الاقتصادية والجوية للمشروع وكان اسم المنطقة عطشانة.. فتحولت اليوم إلى منطقة رويانة ومليئة بالحياة والإنتاج والعمل.. حيث أقيم مشروع كامل للمواطنين يسقي من المياه الراجعة من المصنع.. وقد أنشئ المصنع لأهالي المنطقة وهو عبارة عن مشروع زراعي تبلغ مساحته«33» ألف فدان تقع «24500» فدان في الجزء الشمالي من المشروع و«8500» في الجزء الجنوبي منه، ويزرعون الذرة وزهرة الشمس.. وأنشأت الشركة خمس مدارس أساس بنين وأربعاً للبنات. وخمس مدارس ثانوية بنين وأربعاً للبنات، ومدارس أساس مختلطة أربع، وعشرة منازل لمديري المدارس وأحد عشر ميزاً للمعلمين، وفي مجال الصحة أنشأ المشروع سبعة مراكز صحية وسبع صيدليات وخمسة ميزات للأطباء بجانب معدات وأجهزة طبية وأنشأت الشركة عشرة مساجد وأربعة مراكز للشرطة بجانب «17» بئراً لمياه الشرب ومحطات المياه وشبكات لتوصيل المياه للمنازل. المهم فإن الشركة التي أنتجت هذا العام الموسم الأول، كما هو مخطط لها «140» ألف طن وفق الخطط المرحلية المرسومة لتصل عند نهاية الخطة الإستراتيجية بعد ثلاثة مواسم إلى قمة الإنتاج المتوقعة بأربعمائة وخمسين ألف طن ويرتفع إلى خمسمائة ألف طن.. حسن ساتي قائد مسيرة هذا العمل الكبير الذي تشارك فيه عدد من المؤسسات السودانية بحنكة وتعاون من كل العاملين والمسؤولين بمختلف تخصصاتهم وواجباتهم ورغم كل ما قيل وحدث في الافتتاح الأول للمصنع فإن المشكلة حلت بأيدي أبنائنا وخبراتنا.. وها هو ذا الإنتاج يتدفق ليملأ الأسواق بالسكر عالي الجود وبكميات وفيرة.. ونقول قالوا قطعة سكر.. قلنا أحلى وأنضر..