في زمن سابق كان الرجل يرفض أن يُحضر لزوجته غرضًا يخصها من السوق أي غرض نسائي بحت وكان العمل في بعض المهن وبعض الأغراض مقتصرًا على النساء «الدلاليات» فقط يأتين بالأغراض للنساء حتى باب المنزل ولكن الآن مع تغير كثير من الأوضاع الاجتماعية والانفتاح على العالم الخارجي أصبح الرجال يقومون ببيع أغراض النساء الخاصة وفي محلات تجارية بل ونجد أن النساء أنفسهنَّ يشاورن اصحاب تلك المحلات عن أجود الماركات وفعالية كل ماركة! وكثير من التجار في تلك المهنة من حملة الشهادات الجامعية ، فهل متطلبات الحياة غلبت على طموحاتهم بل جمَّدت الحياء؟ اجرينا استطلاعاً شمل عددًا من التجار وأصحاب المحلات النسائية المتخصصة للأجابة عن هذا السؤال.. كما ختمنا جولتنا برأي علم الاجتماع: كتبت: سحر بشير سالم «أحمد» يعمل بائعاً في محل لبيع ادوات الزينة والعطور النسائية وهو صاحب مؤهل أكاديمي بدرجة البكالوريس عند سؤالنا له عن سبب امتهانه لهذه المهنة أجاب بامتعاض: الظروف وحدها هى التي فرضت عليَّ ممارسة هذه المهنة فطموحي لاتحده حدود لكن الله غالب! أما «عبد الله إبراهيم» صاحب محل تجاري تجد فيه المرأة كل متطلباتها العامة والخاصة فأفادنا قائلاً: درست الجامعة خارج السودان بدولة شقيقة وعندما أنهيت دراستي وعند عودتي للسودان حملت معي بعض الأغراض النسائية مثل ادوات الماكياج والعطور بغرض أهدائها لقريباتي بحكم معرفتي بولعهن بتلك الأشياء، ولكن اشارت عليَّ شقيقتي الصغرى ببيعها وبالفعل أخذت جزءًا منها كعينات لزميلاتها بالجامعة وفي المساء عرفت أن الكمية التي أخذتها قد نفدت وبأسعار مغرية بل وأحضرت قائمة طلبات لمستحضرات بعينها، راقت لي الفكرة خاصة في ظل شبح العطالة الذي كان يلوح على الأفق، فقررت السفر مرة أخرى وجلبت كميات أكثر وكنت اكتفي بالبيع من المنزل بمساعدة شقيقتي حتى تطورت تجارتي وقمت بفتح دكان صغير داخل الحي ومع تكرار السفر وكثرة الطلب قمت بفتح هذا المحل التجاري وتركت ذلك الدكان الصغير لشقيقتي لتعمل به وأصدقكم القول إن بنات الحي يفضلن الحضور الى هذا المحل على الذهاب الى دكان اختي رغم أنه صورة مصغرة من محلي هذا! ورغم ذلك فإني أضع محاذير لأختي تجاه بعض المستحضرات والملابس بالنسبة لاقتنائها لها شخصيًا وهذا رأي شخصي لا علاقة له بسوق العمل. طالبه جامعية التقينا بها داخل محل «بوتيك» بالحي تقوم بعمل خلطات تجميلية تفتيح وتنعيم حسب اللافتة وعند طرح سؤالنا لها أجابت بشيء من عدم الرضا: هذه أول مرة ألج هذا المحل ولكن «اسم صاحب المحل» شهرته طبقت الآفاق فهو خبير في شأن البشرة!! فقاطعتها بقولي: ومن الذي نصبّه خبيرًا؟ هل عن دراسة فأجابت وهي تهم بالمغادرة: اسألي اي فتاة غيري من تلك المنطقة عن ذلك الشاب وخبرته.. وبدلاً من أن أسأل أي فتاة كما أشارت عليَّ سألت صاحب المحل فأجاب: اقوم بعمل الخلطات عن طريق خلط بعض الكريمات مع بعضها مثلاً كريم «بارد» مع كريم «ساخن» لعمل موازنة للبشرة خاصة بشرة الوجه وفي حال سفري للخارج لإحضار تلك الكريمات أقوم بالسؤال والاستفسار عن خواصها ومع طول الزمن اكتسبت خبرة لابأس بها. رفض ذكر اسمه لكنه يعمل في بيع الملابس النسائية الخاصة عند طرح سؤالنا عليه أجاب باختصار شديد: وهل تعلمين أن مصممي تلك الأزياء أنفسهم من الرجال! ثم انصرف لمبايعة زبونة كانت تهم بقياس أحد القطع المعروضة للبيع! رأي علم الاجتماع الأستاذة سلافة بسطاوي أفادتنا برأي علم الاجتماع قائلة: هنالك مثل قديم يقول «إيه الجبرك على المر؟ يقول الأمرّ منو؟؟» فهنالك أسباب عامة منها الوضع الاقتصادي وهذا النوع من التجارة سهل من ناحية جمارك وترحيل وربحها مضمون فهي خفيفة الوزن لكن عالية القيمة من نظرة تجارية. وهنالك سبب آخر مهم هو هوس النساء خاصة الشابات بتغيير لونهن وشكلهن عن طريق مستحضرات بعينها ثم الظهور بشكل جميل باستعمالهن لأدوات الزينة فتحيّن الشباب ذلك الشيء وعملوا على غمر الأسواق بما يرضى البنات ويلبى رغباتهن، فهنالك أشخاص كانوا يعملون في تجارة أخرى مثلاً صاحب مكتبه قام بإغلاق مكتبته لارتباطها بموسم المدارس والجامعات ولجأ لسوق الأشياء النسائية تفاعلاً منه مع القوى الشرائية المسيطرة على السوق وهذه القوى همها وشغلها الشاغل هو الشراء بغض النظر عن احتياجاتها وعن من يكون البائع؟ وهنالك مفارقات في هذا المجال فنجد أن النساء أصبحن يعملن في مجال بيع الطواقي والسبح والرجال يعملون في بيع الأغراض النسائية فالمرأة غالبًا تعتمد على التصنيع اليدوي ولكن الرجل لديه إمكانات السفر والحركة والتنقل بسهولة، أضف الى ذلك أن النساء في حالة بحث دائم عن الجديد والغريب ولقد عرف الرجال نقطة ضعف النساء تجاه كل ما هو جديد ومستحدث فاصبحوا يجلبون من الخارج الأكسسوارت وادوات المكياج والملابس من أرقى محلات البيوتات العالمية.