بدا واضحًا أن خطوات التصعيد بين الحكومة والمعارضة باتت تتسارع بوتيرة مطّردة مما زاد حدة الخلافات في وقت ارتفع فيه تيرمومتر الاستقطاب أكثر من ذي قبل وان كانت دعوة المؤتمر الوطني للحوار حول الدستور يمكن ان تلطف أجواء الخلافات ولكن عاد التصعيد مرة اخرى بلهجة حادة على لسان وزير الاعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة احمد بلال عثمان بمنع المعارضة غير المسؤولة من الدخول للاذاعة والتلفزيون لإرسال صوتها، وأشار إلى ما أسماه بالمعارضة غير المسؤولة والخطوط الحمراء وما زاد الطين بلة الهجوم القاسي الذي شنه نائب رئيس الحزب دكتور نافع علي نافع على المعارضة التي باتت لاترى بدًا من اسقاط النظام قبل الانتخابات، ولعل المتابع لمجريات الاحداث ان دعوة الحوار التي ظلت تطلقها الحكومة للقوى السياسية المعارضة سابقًا قد انخفضت وصحبتها لهجة تصعيدية حادة. ويرى مراقبون للشأن السياسي ان المعارضة ظلت تمارس التشكيك فهي غير واثقة في نزاهة أية انتخابات جرت أوستُجرى، وذا ما جعلها تفكر جادة في اسقاط النظام وتؤسس لعمل حكومة انتقالية وهذا الامر برمته ليس جديدًا، وانما الجديد تحالفها مع القوى الثورية في دولة الجنوب «متمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق»، فالتحالف مع المسلحين يتعارض كليًا مع الديمقراطية بحسب رؤية المراقبين فهم لا يتحدثون عن الديمقراطية وهذا يتناقض مع حملهم للسلاح وان التحالف ليس تحالفًا سياسيًا فالجبهة الثورية تعتمد أسلوب القوة وهو أمر يتناقض مع الديمقراطية، وحول هذا الخصوص، يرى عضو القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني دكتو ربيع عبد العاطي ان لهجة التصعيد جاءت نتيجة لان المعارضة لا تسهم في الحل والاقتصاد والتداول السلمي لما يدور من قضايا تمر بها البلاد فالثورة تفتقد لآراء الشعب كمعيار ديمقراطي، مشيرًا الى ان المعارضة ليس لديها رأي في المشاركة السياسية وحتى اذا دعيت لانتخابات فإنها ترفض اليوم. غير ان عضو المؤتمر الشعبي ابو بكر عبد الرازق قال في حديثه ل«الانتباهة» ان المعارضة لا تنكر عملها بصورة جادة لاسقاط النظام بوسيلة سلمية غير الثورة الشعبية بحشد الارادة العامة نحو التغيير بالتنسيق مع كل القوى السياسية الفاعلة بالداخل والخارج, لأن الوطن ليس ملكًا للمعارضة السياسية ولا ملكًا للحكومة بل هو ملك لاهل السودان ولكل ذي مظلمة او مصلحة وطموح لذلك لا بد من استصحاب قضايا الكل ورؤاهم في سياق التغيير والانتقال حتى لا يتحول السودان الى صومال جديدة وافغانستان أخرى ولذلك ليس هنالك مجال او تجاهل اي قوة مؤثرة كما ان ما يجري ليس سرًا واستطاعت الحكومة ان تصل اليه بل هو قرار معلن من قبل المعارضة التي استيأست من اي وسيلة سلمية متعلقة بصناديق الاقتراع، ويمضي ابو بكر ان صناديق الاقتراع تعبير عن ارادة الشعب الحرة النزيهة في تغيير الحكومة، اذ ان حكومة الانقاذ ظلت تزور الارادة العامة مما دفع المعارضة لاتخاذ قرار جديد يعبر عن يأس المعارضة من تزييف الإرادة في ظل وجود الحكومة. اما فيما يتعلق بتصريحات وزير الاعلام فيتساءل عبد الرازق هل هي تعبير عن رأيه الشخصي ام انها في مجال اختصاصه بحكمه الوظيفي وفي كلتا الحالتين الفضاء المفتوح لم يعد حكرًا على الحكومات بل على مستوى كل الدنيا عبر الاذاعات والقنوات واجهزة الانترنت والقنوات الخاصة فالمعارضة ليست بحاجة لقناة بائرة لا تجد قدرًا من المساهرين، والقنوات الخاصة مفتوحة لكل المعارضة كما القنوات الدولية والعالمية ولذلك المعارضة تظل من خلال قناة الجزيرة والحرة والعربية، وليس بالضرورة ان ما قاله وزير الاعلام يمثل الحكومة نحن نعيش في ظل التصريحات المتضاربة وفي ظل الرأي الشخصي الذي يبوح به كثير من قياداته.