نشطت في الفترة الماضية الأخيرة حركة الاستثمار في البلاد خاصة مع الشقيقة المملكة العربية السعودية على ضوء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لرجال الأعمال بالاستثمار في السودان خاصة في مجال الأمن الغذائي. ويجري حالياً الاستعداد لعقد الملتقى الاستثماري السوداني السعودي بالعاصمة الرياض الشهر المقبل وعقد رجال الأعمال في البلدين اجتماعاً موسعاً نهار الإثنين أول أمس برئاسة الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الوزير بالمفوضية العامة للاستثمار ورأس الجانب السعودي رجل الأعمال المعروف الشيخ حسين بحري. والذي كان ل «الإنتباهة» معه الحوار التالي حول موضوع الاستثمار وسألناه في البداية أن يحكي تجربته في الاستثمار في السودان فقال: اهتم بالمجال الغذائي وهو المجال الذي تخصَّصت فيه ولديَّ فيه استثمارات عديدة في السعودية ومصر والإمارات.. وبدأت دخول السوق السوداني بتوريد الصيصات.. الكتاكيت من مزارعنا في مصر للسودان وأحياناً من مزارعنا بالسعودية.. وعرض عليَّ الوزير السوداني الدكتور فيصل حسن إبراهيم الاستثمار في السودان و قدم لي تسهيلات كبيرة جعلتني أبدأ المشروع. متى كانت البداية وأين؟ بدأت في العام 2004 حيث مُنحت أرضًا مساحتها ثلاثة آلاف فدان في منطقة كيلو 9 ليكون في طريق شريان الشمال شمال أم درمان وأقمنا المشروع بعد أن بعثت بعضًا من السودانيين العاملين معي في السعودية إلى السودان للمعاينة وجاءت شهادتهم إيجابية وبالفعل وجدتها كذلك، وبدأنا وتوسعنا والحمد لله إذ أنشأنا الفقاسة وصرنا نصدر لمصر من السودان بدلاً من العكس ولذلك تحولنا من تصدير الصوص «الكتاكيت» إلى تصدير البيض وهو أسهل ثم أنشأنا المزارع وارتفع الإنتاج وتضاعف خمس مرات وحالياً ننتج أكثر من (25) مليون كتكوت في السنة. ثم انتقلنا للمرحلة التالية وهي إنتاج الدجاج اللاحم بمشروع أطلقنا عليه اسم «البراري» هل التوسع في استثماركم في السودان انعكس على المستهلك السوداني؟ نعم.. وبصورة كبيرة وأسهمنا في رفع معاناة الناس واجتهدنا وخفضنا كلفة الإنتاج حتى صرنا نبيع كيلو لحم الدجاج للمستهلك بسعر عبارة عن ثلث قيمة سعر اللحوم الحمراء.. فازداد إقبال السودانيين على اللحم الأبيض ولم يعد الاستهلاك للأغنياء بل أصبح أكل وطعام معظم السودانيين. شيخ حسين لا بد أن نسألك ونطلب الإجابة بصراحة عن أبرز المشكلات التي تواجه المستثمرين في السودان؟ ليست لديَّ مشكلات على المستوى الشخصي والحمد لله نعمل وبتوسع ولكن المشكلات موجودة وأبرزها في العملة الأجنبية إذ يتدهور سعر الجنيه السوداني.. وكذلك نجد صعوبة في الحصول على النقد الأجنبي وفتح الاعتماد لشراء احتياجات مشروعات الاستثمار وتحويل الأرباح للخارج وحالياً لدينا أحد عشر مليون ريال سعودي نعمل على تحويلها للمملكة.. وبصراحة سياسة ومناخ الاستثمار في السودان غير جاذب. نوافقك على أن مشكلة العملة وتدهورها هي من أبرز المشكلات ولكن هل توجد مشكلات ومعوقات أخرى؟ نعم ملكية الأرض في السودان مشكلة، ودعني أسألك: هل يمكن أن تشيد عمارة من عدة طوابق بملايين الدولارات فوق أرض مستأجرة وليست ملكاً لك مهما كانت فترة الإيجارة.. وهذه مشكلة لا تجد مثلها في الخارج، ونحن نمتلك الأرض في أمريكا وكندا ولكن في السودان لا يمكن، وأرى أن هذه المشكلة يجب أن تجد الحل وتوعية الأهالي بثقافة الاستثمار لأن معظم المشكلات من نزاعات حول الأرض بين المستمرين والأهالي. هذا إضافة لمشكلات أخرى مثل البنية التحتية والكهرباء والمياه والنقل. هل تتوقع تجاوز المشكلات لاسيما بعد حماس المستثمرين السعوديين بعد توجيهات خادم الحرمين الشريفين؟ نعم، أتوقع وشرحنا للمسؤولين المشكلات التي تعوق الاستثمار. وبمناسبة مبادرة خادم الحرمين وتوجيهه لرجال الأعمال في الاستثمار في السودان خاصة في مجال الأمن الغذائي فإننا نرى الفرص أكبر في الفترة المقبلة وهي فرص تاريخية للسودانيين لاستثمارها. في العديد من مجالات الاستثمار وليس الأمن الغذائي وحده وهنالك مجالات في النفط والتعدين والخدمات. يبدو أنك متفائل بنجاح خطوات تفعيل الاستثمار السعودي في السودان؟ نعم وللحد البعيد، والملتقى سيتم في الثالث والعشرين والرابع والعشين من شهر فبراير المقبل، وهنالك العديد من الأوراق والمشروعات الجاهزة لإقناع المستثمر السعودي للإقبال على السودان بعد أن وضح أن هذا الأمر هو خيار إستراتيجي للسودان والسعودية معاً. ما هي احتياجات المملكة من الاستثمار في السودان إذا كان هذا إستراتيجته؟ الأمن الغذائي وهو ما ورد في توجيه خادم الحرمين الشريفين والمملكة تحتاج للمحاصيل الأساسية القمح، الشعير والأعلاف.. وبمناسبة الأعلاف فقد كان ضمن استثماراتنا في السودان زراعة ألف فدان في القضارف لتوفير الذرة المطلوبة لأعلاف الدجاج ونجحنا والحمد لله وصرنا نصدر لمصر والسعودية. في الختام أود سؤالك عن رأيك بصراحة في العمالة السودانية من واقع تجربتك؟ العمالة السودانية من أنجح العمالات، ولا اخفي سراً فإن «40%» من عمالتنا في مشروعاتنا في السعودية والإمارات من السودانيين وفي مصر لدينا عمالة سودانية بل مدير مشروعنا هناك سوداني.. وأرى إضافة ثقافة العمالة السودانية والتعامل معها عن طريق حوافز الإنتاج بدلاً من الراتب وليتكم تتوسعون في هذا المجال.