أعجب والله من اللولوة التي ضربت بعض الأحزاب وجعلتها تهذي بأحاديث لا يملك قارئها أو مستمعها إلا أن يحتار حول مراميها وأبعادها. تأمَّلوا بربِّكم تصريحات محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب الشيوعي السوداني وهو يعلن أن حزبه لن يشارك في أي عمل مسلح وأنه لم يفوض مُوفدَه صديق يوسف الذي شهد اجتماعات الجبهة الثوريَّة السودانيَّة في كمبالا ووقَّع على وثيقة (الفجر الجديد) لم يفوِّضه للتوقيع بل إن الرجل قال عجباً.. إن صديق يوسف لم يشارك بصفته ممثلاً للحزب الشيوعي إنما بصفته رئيساً لقوى الإجماع الوطني!! يا سبحان الله.. صديق يوسف أشهر القيادات الشيوعية بعد وفاة محمد إبراهيم نقد والذي لم ينصب رئيساً لبعثة هيئة قوى الإجماع الوطني المشاركة في اجتماعات كمبالا إلا بصفته التي كان يشارك بها في اجتماعات الهيئة ألا وهي (ممثل الحزب الشيوعي السوداني).. صديق يوسف هذا تبرّأ منه سكرتير الحزب الشيوعي السوداني ونسبه إلى الهيئة التي جاءها طارئاً ليشارك في اجتماعاتها بكمبالا بالنيابة عن الحزب الشيوعي السوداني!! على كل حال (الشينة منكورة) كما يقولون ونحمد للرجل أنه تبرأ من الشينة وكان بودي ألا نضيِّق عليه الخناق أكثر من ذلك ونكتفي منه بهذا التصريح الذي نريد فقط أن نسبر غوره أكثر لنعرف حقيقته ولكن نداء الوطن يدعونا لأن نقول المزيد!! الخطيب الذي لا يميل إلى التصريحات الكثيرة كما يفعل (الزعماء) الآخرون قال: (نحن مع إسقاط النظام بالوسائل السلمية والنضال الجماهيري) لكنه قال في حوار (لينا يعقوب) بصحيفة (السوداني) في رده عن سؤال حول العمل المسلح الذي انتهجته الجبهة الثورية السودانية نحن (نحترم خيارهم لكن لن نشارك في عمل مسلح)!! وقال في مداخلة أخرى (نحن نحترم الأسلوب الذي يختارونه لإسقاط النظام) ثم قال أيضًا حول العلاقة مع الجبهة الثورية (العمل أساساً هو تنسيقي أي كلٌّ يحترم وسيلة الآخر.. نحن نعتقد أن الحركات المسلحة حملت السلاح بعد أن فشلت في حل المسألة بشكل سياسي) بربِّكم هل رأيتم مثل هذه (اللولوة) التي يقول رب العزة عن مثيلاتها. (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)؟! أزيدُكم كيلَ بعير فقد أصدر الحزب الشيوعي بياناً قال فيه (إن ممثلي المعارضة المبتَعَثين للحوار مع الجبهة الثوريَّة تجاوزوا حدود صلاحياتهم) ثم قال البيان إن (الحزب الشيوعي جدَّد تأكيده على ضرورة إيجاد صيغة مناسبة لإشراك كل القوى المعارضة تحت لواء التحالف بما في ذلك الجبهة الثورية واعتبره شرطاً موضوعياً لإسقاط النظام)!! إذن فإن الحزب الشيوعي هو الذي يصرُّ على إشراك الجبهة الثورية في تحالف أو هيئة (قوى الإجماع الوطني) التي بلغ من سيطرته عليها درجة أن يكون ممثلها في اجتماعات كمبالا أحد قيادييه (صديق يوسف) وليس مريم الصادق المهدي أو كمال عمر!! ثم بعد ذلك ورغم أن الحزب الشيوعي الذي يقود (قوى الإجماع) من خلال أبو عيسى في الداخل ومن خلال صديق يوسف في كمبالا.. أقول رغم أن الحزب الشيوعي يعلم أن الجبهة الثوريّة كانت ولا تزال تعتمد (العمل المسلح) ولم تركن إلى (النضال السلمي الجماهيري) في أي يوم من الأيام فإنَّه يطالب بأن تكون جزءاً من تحالف قوى الإجماع الوطني فهل فهمتم قرائي إستراتيجية الحزب الشيوعي وهل يحتاج الأمر إلى مزيد من الشرح؟! الأمر واضح تماماً فالحزب الشيوعي يريد أن يُسقط النظام من خلال العمل السلمي الديمقراطي الذي تقوم به آليات التحالف في الداخل ومن خلال العمل المسلح الذي تقوم به آليات التحالف في الخارج ومن هنا تأتي (اللولوة) التي رأيناها في تصريحات الخطيب!! بربِّكم كيف يتبرّأ الحزب الشيوعي من العمل المسلح وفي نفس الوقت يعلن عن احترامه لمن يستخدمه كوسيلة للتغيير بل ويبرِّر استخدامه بأن الجبهة الثورية حملت السلاح بعد أن فشلت في الحل عبر الوسائل السياسية بل ويقول إنها حملت السلاح بعد أن قال رئيس الجمهورية: (من يريد محاربة الحكومة فليحمل السلاح فحملوه)؟! إن الحزب الشيوعي بقوله هذا وبمطالبته بإشراك الجبهة الثورية في تحالف المعارضة كشف لنا ما كنا نعلم أنه جزء لا يتجزأ من مشروع الحركة الشعبية لتحرير السودان ووالله إن المدهش بحق واجهاته الأخرى (العنصرية) مثل حزب البعث (العربي) وبقية القوى اليسارية التي أنشاها ليمتطيها والتي تعلم وبعضها لا يعلم أنها تعمل ضد مرجعياتها الأساسية في أوطانها فأي بعثي ذلك الذي يحارب العروبة التي يستهدفها عنصريو الجبهة الثورية والحركة الشعبية لتحرير السودان؟!