تحت إصرار أسرة «ن» رفضهم زواجها من الشاب الذي اختارته بمحض إرادتها لم تجد سبيلاً غير الذهاب إلى المحكمة لتقف أمام القاضي طالبة منه تزويجها على سنة الله ورسوله مما أثأر غضب أسرتها وهددها والداها بالطرد من المنزل ومقاطعتها طول العمر، وقال لها: «كان مت ما تقيفي في جنازتي»، هذا السيناريو هو نموذج للزواج بالمحكمة أو زواج العضل.. فما الذي يدفع البنت للجوء إلى أبواب المحكمة؟ وكيف ينظر لها المجتمع ؟ والعديد من التساؤلات التي حاولنا التعرف عليها مع عدد من المكتوين بنار القضية وهكذا جاءت إفاداتهم ل «البيت الكبير».. مصيره الفشل الأستاذ إبراهيم محمد/ المحامي عرَّف الزواج بالمحكمة بأنه في القانون يسمى زواج العضل لأنه يتم دون موافقة ولي الأمر، فالفتاة ترفع دعوة للمحكمة مفادها أنها ترغب بالزواج من الشخص المعني وهو كفء لذلك الزواج ومن ثم تستدعي المحكمة ولي الأمر لمعرفة أسباب رفضه وفي حال أثبتت الفتاة الكفاءة له من ناحية الدين والتعليم يحق للمحكمة تزويجها والإشكالية تظهر دائمًا في عدم قناعة الوالد بمدى كفاءة الزوج لذلك دائمًا ما يُكتب لمثل هذا الزواج الفشل، وبرغم كثرة المشكلات الاجتماعية وظهور العديد من الإفرازات السالبة إلا أن مجتمعنا لا يزال بخير ونادرًا ما تحضر فتاة إلى المحكمة تطلب تزويجها وأغلب القضايا اليوم هي حول الطلاق والنفقة والحضانة، وفي ذاكرتي فتاة من إحدى الولايات حضرت إلى المحكمة طالبة الزواج من شاب بالعاصمة وبعد جدل استمر طويلاً مع أهلها تم الوصول إلى اتفاق. وفي اعتقادي والحديث لا يزال للمحامي أن مثل هذا الزواج مكتوب له الفشل فهو لا يتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا ومكتوب له الفشل لأن الزواج في الأصل لا يقوم على شخصين أو فردين. صدمة وتروي الأستاذة الجامعية آمنة جمعة خاطر تجربة إحدى الفتيات تزوجت بالمحكمة تحت إصرار رفض أهلها وكانت الصدمة الكبرى لها بعد الزواج فقد قبضت عليه الشرطة بعد أسبوع واحد من الزواج واكتشفت أنه مخادع ومنافق ومحتال وعاشت معه أيامًا من الجحيم وكانت تعيش بين نارين فهي حاربت أهلها من أجله وأصبح من الصعب عليها العودة إليهم فاشلة ولكنه لم يترك لها خيارًا سوى أن تعود إليهم حاملة بين أحضانها طفلتها الوحيدة لتذكرها بتلك الأيام المريرة وبخيبة أملها في الاختيار وتؤكد آمنة ان عدم نضوج الفتاة هو الذي يرميها في مثل هذه التجارب الفاشلة فهي تنظر إلى ذلك الشاب الذي قررت الارتباط به بعين العاطفة ليحدث الطلاق والندم وتنصح كل شاب أو شابة مقبلة على الزواج بضرورة معرفة الطرف الآخر والتركيز على أمر الدين والأخلاق مؤكدة أن فتاة اليوم أصبحت سهلة المنال وعزت ذلك للقنوات الفضائية والثقافات الجديدة التي أثَّرت فينا كمجتمع. إقناع الأطراف وأبدى هاشم عثمان «موظف» دهشته من الموضوع، وقال إن الفتاة التي تسلك درب المحاكم عليها أن تضع في اعتبارها أن أسرة زوجها الذي رجحت كفته على أهلها لن تنظر إليها باحترام وسوف تنظر إليها بدونية واحتقار وهذا بلا شك سوف يؤثر عليها مستقبلاً فالشخصية التي تقلل من شأن والدها لن تحترم أسرتك ومن الصعب عليها تنشئة أسرة بأسس سليمة وعن نفسي لا أشجع دور المحاكم ولا الذهاب إليها في حال رفض الوالدين وإذا أصرت الفتاة على اختيارها يجب أن تحاول إقناع والديها فهما في النهاية يفكران في مصلحتها وعليها أن تتذكر دومًا أنها يجب أن تحافظ على رأس أسرتها مرفوعًا دومًا وإلا فلا داعي لحياتها. حقوق المرأة فيما يرى الأستاذ مصطفى الطاهر المحامي أن القانون يكفل حقوق المرأة بما فيها حقها في المهر والزواج وحقها في اختيار الزوج وفي الطلاق والتفريق والنفقة والسكن المناسب والشرط الأساسي لقبول المحكمة تزويجها قبول ولي الأمر القريب ثم القريب فلا يمكن أن تقبل المحكمة تزويج فتاة لرجل غير كفء لأن جميع المذاهب الإسلامية تشترط الكفاءة في الزوج بما فيها المذاهب التي تجيز للمرأة تزويج نفسها ومن حق الولي طلب فسخ الزواج إذا كان الزوج غير كفء خلال فترة عام. عدم احترام وتؤكد سهام السيد «طالبة» أن الأسر هي التي تدفع البنت إلى أبواب المحكمة بعد أن تغلق أمامها كل الأبواب على الرغم من قناعتنا بأن كل أسرة تبحث عن الشخص المناسب وعن نفسي فقناعتي تملي عليَّ عدم الزواج من شخص لا يرضي طوح أهلي ولا ينظرون إليه باحترام والفتاة التي تقدم على هذه الفعلة ليس فيها خير لأهلها وبالتالي لن يكون به خير لزوجها وقد تظل مرتبطة في أذهان المجتمع لسنين بأنها من تخلت عن أهلها لأجل رجل كذلك لا أعتقد أنه سينظر إليَّ باحترام ففي أول مشكلة تحدث يذكرني بأنني بعت أهلي وفضَّلته. رأي الشرع مولانا خالد عبد اللطيف تناول القضية من زاوية الشرع، وقال إن الأصل في الزواج أن المرأة لا تزوج بغير ولي فإن لم يوجد أو وجد ولكنه يضار بسبب طلاق والانتقام منها في ابنتها أو بسبب أن الأب كافر وهي مسلمة حيث إنه لا ولاية لكافر على مسلم ففي هذا الحالة يتولى تزويجها القاضي إذا أثبتت كفاءته والكفاءة هنا مقصود بها الكفاءة في الدين.