الوحدة بين حزب المؤتمر الوطني والشعبي وعودة المياه إلى ما كانت عليه قبل المفاصلة عام 1999م ظلت تمثل أشواق العديد من الإسلاميين، كما ظلت بالمقابل مزايدة بين الطرفين عندما يحتدم الخلاف بينهما، وللوقوف على حقيقة الحوار واللقاءات التي تمت وتجرى خلف الكواليس بين الوطني والشعبي التقينا بالرجل الثاني في حزب المؤتمر الشعبي، الذي أكد عدم وجود أي مفاوضات تجرى الآن في السر أو العلن ما بين الوطني والشعبي، مشيراً إلى عدم وجود قيادات عليا أو دنيا تم اللقاء بينهما، وعزا ذلك إلى رفض المؤتمر الشعبي للتفاوض إلا من خلال مجموعة المعارضة، وأضاف قائلاً: صلتنا بالحركة الإسلامية العالمية مباشرة وليس عن طريق المؤتمر الوطني، مبيناً أن العقبات التي تواجهنا للحوار هي بقاء النظام، وتحدث عبدالله حسن أحمد في هذا الحوار على عدة محاور بالشأن السياسي الراهن فإلى إفاداته في هذا الحوار: بداية نريد التعرف على حقيقة الحوار واللقاءات التي تمت وتجري خلف الكواليس بين الوطني والشعبي؟ ليس هناك أي مفاوضات تجرى لا في السر أو العلن بين المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي. لكن يقال إن هناك لقاء تم خلال اليومين الماضيين بين قيادات بالصف الأول في المؤتمر الوطني وقيادة المؤتمر الشعبي. أنا أؤكد أنه لا توجد قيادات عليا أو دنيا تم اللقاء بينها في الوطن والشعبي هذا خبر غير صحيح. توجد مبادرة قبل ذلك طرحها الوطني لجمع الصف؟ لكن المؤتمر الشعبي لم يقبل التفاوض معهم، وقال نحن لا نتفاوض إلا من خلال مجموعة المعارضة ولا نتفاوض لوحدنا في أي مفاوضات، فنحن جزء من المعارضة ولا نتفاوض منفردين. هل لديكم شروط للحوار؟ نحن ربطنا التفاوض بإسقاط النظام وقبول النظام بتنازله عن الحكم وإخلاء طرفه من الحكم ويمكن بعد ذلك أن نتفاوض معه في تسليم الحكم، ومشروعنا هو إسقاط الحكم بالعمل السياسي وليس عن طريق السلاح والعنف ولكننا لا نتفاوض معهم في غير ذلك. تتحدث عن إسقاط النظام بالعمل السياسي وهذا النظام جاء عبر انتخابات؟ نعم جاءوا عن طريق انتخابات ولكنهم لم يحسنوا الحكم في البلاد والآن يوجد فساد كبير جداً والحالة المعيشية والاقتصادية تدهورت ولم يفوا بما وعدوا به والآن الحالة مؤسفة. إذا سقط النظام هل يمكن مجئ حكومة أفضل؟ نعم وإذا كنا نرى أنه لا يوجد أفضل منهم لاتبعناهم والحكم القائم عاجز والآن توجد حرب في دارفور وجنوب كردفان. أشار البعض إلى أن هذا اللقاء نتيجة للمؤامرات الدولية والإقليمية التي تسعى لتغيير النظام الإسلامي بالسودان وأن هناك خطراً يهدد الحركة الإسلامية العالمية؟ صلتنا بالحركة الإسلامية العالمية مباشرة وليس عن طريق المؤتمر الوطني وليس عن طريق وسيط أو بالتعاون مع المؤتمر الوطني. في تصريح لأحد أعضاء المؤتمر الوطني أكد وجود قيادات من الشعبي رحبت بالحوار واستجابت؟ أنا لا أعلم الغيب ولا يوجد قيادي من المؤتمر الشعبي حتى الآن أعلن أنه اتفق في تفاوض مع المؤتمر الوطني إلا إذا كان هذا الحديث يكتمه في سره ولكن إذا وجد ذلك لابد من هذا المفاوض أن يعرض ذلك على الحزب ويتم المناقشة في ذلك فإذا كانت هذه المبادرة قدمت على شخص وليس الحزب أنا أعتقد أنها ليست ذات جدوى. وفقاً لما ذكرت ألا يوجد أشخاص تم التفاوض معهم؟ أنا لا أعلم الغيب، صحيح يمكن أن يكون هناك أشخاص تفاوضوا ولكن هؤلاء لم يعرضوها للحزب وحتى الآن لم يحدث أي تفاوض بيننا وبين الوطني. في تقديرك ما هي عقبات الحوار الآن؟ العقبات التي تواجهنا هي بقاء النظام!! فمن المفترض أن يذهب هذا النظام عن طريق العمل السياسي السلمي، لأن هذا له أكثر من «20» عاماً وليس من السهل إسقاطه إلا إذا حدثت لقاءات كلية. ألا يؤدي ذلك إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار خاصة أن البلاد تمر بمرحلة حرجة؟ يكون الإسقاط عن طريق العمل المدني السلمي دون إحداث أي عنف أو «ربكة» في البلد. ماذا تقصد؟ زوال النظام بمجئ نظام انتقالي لا يمانع أن يكون المؤتمر الوطني جزءاً من النظام الانتقالي كحزب من الأحزاب وتحدث بعد ذلك حكومة انتقالية تتمثل فيها جميع الأحزاب وتقوم بفترة انتقالية لا تزيد عن عام ونصف أو عامين، كما كانت الفترات الانتقالية قبل ذلك، وهذه تعمل مسودة للدستور وتخطط لانتخابات حرة ونزيهة يشترك فيها الجميع. الوطني ظل يؤكد جاهزيته لخوض انتخابات مبكرة فهل أنتم جاهزون؟ طبعاً بالتأكيد «لا» فنحن ما دام الوطني في الكرسي لا نخوض انتخابات، فإذا تغيّرت الحكومة وأصبح الوطني جزءاً من هذا النظام الجديد فله الحق أن يترشح. كيف تنظر إلى وثيقة الفجر الجديد «كمبالا»؟ وثيقة كمبالا لم يحالفها التوفيق ومن الواضح أن فيها تأثيرات بجهات داخل المجموعات والواضح أن الأثر الأكبر لمجموعة قطاع الشمال، ووضح ذلك عندما تحدثوا عن تقسيم السودان إلى أقاليم، وجعل جنوب كردفان التي هي أقل من مليون مواطن ولاية كذلك جعل النيل الأزرق ولاية وهذه هي مناطق تأثيرهم، ويريدون تقسيم السودان مثلاً دارفور ولاية والشرق ولاية والشمال ولاية، فالواضح أنه يوجد تأثير أكبر من المتفاوضين بقطاع الشمال أكثر من غيرهم لذلك هم جاءوا بما يرغبون إلى جانب أن النظام المقترح نظام رئاسي يكون فيه رئيس ونواب في هذه الولايات والحكم لأربع سنوات وتكون الوحدة طوعية، وحدة طوعية معناه يمكن قيام استفتاء بعد حكم شهرين أو ثلاثة في النيل الأزرق ويمكن تقول إن خيارها الانفصال كذلك جنوب كردفان يمكن أن تستقل وتقول إنها لا تريد وحدة، فهذا نظام فيدرالي يقوم على وحدة طوعية خاصة إن هذه الولايات غير مستقرة أمنياً وحتى الآن توجد فيها قوات معارضة فالفرقتين التاسعة والعاشرة، حتى الآن موجودتان، فكيف يكون هناك اطمئنان إلى وحدة البلد وبالتالي افتكر أن هذا الاقتراح يهدد وحدة البلد ونحن رفضنا هذه الوثيقة لذلك. تبرأتم منها لهذا السبب؟ نحن لا نتفق معهم على ما ذكروه بأن يكون هناك فصل كامل بين الهيئات، المؤسسة الدينية والمؤسسة الحاكمة، أي معنى ذلك أن يقام نظام علماني لا يعترف بالدين فنحن إسلاميون وبلد مسلم نرفض هذا تماماً ولا نقبله. لكن توجد تضاربات في الآراء داخل حزبكم حول الوثيقة؟ بالتأكيد لا، فمندوبنا لم يكن في السودان فهو عائش خارج السودان سنين طويلة جداً وهو بنفسه ذكر أنه غير مفوض وهو ليس متابعاً للسياسة السودانية. صرح القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر قائلاً: إننا لم نتنازل ومتمسكون بها كيف يتفق ذلك مع ما ذكرت؟ إذا عدلت المذكرة وألغي ما اعترض عليه يمكن أن يكون بيننا وبينهم تفاوض لأننا نحن معارضة سلمية وهم معارضة مسلحة ولكننا جميعاً معارضون للنظام، ولكن إذا اختلفنا حول ما هو المستقبل إذا حدث تغيير، يجب أن يكون هناك اتفاق بيننا.. أما إذا أرادوا نظاماً علمانياً أو نظاماً فيدرالياً بهذه الطريقة ويريدون أن تكون الوحدة طوعية أن يحكموا لأربع سنوات متصلة في الوقت الذي لا تزيد الفترة الانتقالية فيه عن عامين لا نكون طرفاً معهم في أي اتفاق. فالنظام الانتقالي وظيفته أن يعد البلد إلى دستور جديد وانتخابات حرة نزيهة. ظهرت في الآونة الأخيرة خلافات وانشقاقات داخل هياكل المؤتمر الشعبي كيف تفسر ذلك؟ لا توجد خلافات داخل المؤتمر الشعبي، فنحن نجتمع ومؤسساتنا حاضرة وموجودة وقواعدنا على اتصال بها ولا يوجد أي اتفاق. كيف تنظر للقضايا العالقة بين الشمال والجنوب مثل أبيي وترسيم الحدود؟ قضية أبيي فيها تفريط من الحكومة وهي منطقة سودانية ويوجد تفريط منذ أن ذهبوا إلى التفاوض في لاهاي، واضح كذلك في المفاوضات اللاحقة لم يكن السودان حريصاً منذ البداية على موضوع أن هذه الأراضي سودانية أساساً وأبيي عبارة عن دينكا نوك، فالحاكم العام للسودان سنة 1905م ضمهم وأدخل معهم قطعة صغيرة جداً من الأرض من بحر الغزال وأسكن الدينكا في الشمال وجعلهم في الإدارة الشمالية مع ولاية كردفان وأنا افتكر أن عدم المتابعة اللصيقة بالمسيرية هي التي أدت إلى التحكيم يقول في النهاية «استفتاء» وجاء المفاوضات ورأت أن يكون الاستفتاء في أكتوبر ولكن في أكتوبر المسيرية لا يكونون رعاة ويقضون أغلب زمنهم في أبيي ولكن في الخريف نسبة للذباب والأمطار يخرجون من المنطقة ويبدأون الرجوع في أكتوبر ونوفمبر فإذا عمل الاستفتاء في أكتوبر معناه حرمان المسيرية والعالم الآن جميعاً معترف بأن دينكا نوك والمسيرية عندهم أحقية في هذه الأرض فكيف تحرم طرفاً من الدخول في استفتاء للواقع، فقضية أبيي حدث فيها تقصير من جانب الحكومة وإذا ترك الأمر للمسيرية منذ البداية يمكن أن يصلوا مع دينكا نوك إلى حلول. كيف تنظر إلى تعنُّت الحركة الشعبية الحاكمة في دولة جنوب السودان وعدم فك الارتباط بقطاع الشمال وتسريح الفرقتين التاسعة والعاشرة؟ هذه مسألة ليس فيها نقاش وكان من المفترض أن يحدث ذلك من قبل الاستفتاء وأنا افتكر أن هذا خلل في نيفاشا نفسها، فكيف يتم الاستفتاء في بلد تم فصله وحدودك معه، يوجد فيها نزاع مثلاً «14 ميل» ولم تحدد الحدود التي بينك وبينه ولم تخلِ وطنك من الجيش الذي كان موجوداً أثناء الحرب لأن نيفاشا أوقفت الحرب ومن المفترض أن كل من كان يحارب يرجع إلى منطقته، ومن المفترض أن يكون هناك نص واضح جداً في نيفاشا يوضح أن قبل الاستفتاء أو جزء من الاتفاق ينص على أن الفرقة التاسعة تنسحب أو الفرقة العاشرة تنسحب وهذه واحدة من أخطاء نيفاشا وكان من المفترض أن تكون هذه المسألة محسومة وأن يكون جيش جنوب السودان قد أخلى كل جنوده من شمال السودان وكل الحدود اتفق حولها ورسمت.. في تقديرك ما هي أسباب الازدواجية والتناقضات في سياسة حكومة الجنوب؟ الآن اللجنة السياسية المشتركة في أديس أبابا تقول لم يصل خطاب من الرئيس حتى الآن من الانسحاب، فالواضح أن في الجنوب الآن أكثر من قوة والآن يوجد عناد من الجنرالات في الجنوب في أنهم لا يتخلون من الذين حاربوا معهم في السابق إلى جانب أن هؤلاء لهم حقوق في الفرقتين، فإذا أرادوا أن ينسحبوا لابد أن يتحملوا كل الالتزامات والواضح وجود أكثر من رأي، والحكومة في الجنوب ضعيفة جداً ولا تحيط بأمن البلد والجميع في يد الجنرالات حتى الآن. وفقاً لهذه القراءة ألا تعتقد أن حكومة الجنوب ليس لديها إرادة سياسية؟ لا توجد إرادة سياسية لحكومة الجنوب وتوجد قوة أخرى في الدولة هي يمكن أن تضغط وتُسير خطها الذي تريده وهذه القوة هي «الجيش» ولكن في النهاية التفريط في اتفاقية نيفاشا وفي الاستفتاء ومن المفترض أن لا يحدث استفتاء قبل أن تحل كل القضايا من الحدود، والفرقة التاسعة والعاشرة حتى لا تكون هناك خلافات بعد الاستفتاء.