نبي شهد له الشجر والحجر والجماد والحيوان والطير والجن والنبات والبشر، لا يحتاج إلى شهادة هؤلاء، ولكن نرد بهم على سفهاء قومهم. وشعرنا الشعبي الدارجي والفصيح الذي تغنى ببليغ معجزات النبي، كان سباقاً في الرد بأبيات بسيطة فشاعرنا يقول: طفلاً بُلمْ يا نبي الله طيور عُجم يا نبي الله حجاراً صُم يا نبي الله جبالاً شم يا نبي الله شهدن أنك رسول الله وشاعرنا المرهف يوسف مصطفى التني «رحمه الله» يبتدر مدحته للنبي الكريم بأبيات يقول فيها: مدحته آياتُ الكتاب فما عسى بعد الكتاب يقول فيه قصيدُ لكن شُغفت بذكره وبذكره تحيا القلوبُ فلذَ لي التغريد إن الاحتفال بمولد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يكمن في حبه، وحبه يتجلى في حسن اتباعه. فيكون الإنسان بذلك قدوةً للآخرين والعالمين، وهو يتحلى بعظيم أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم . وحينما نستمع لبعض ترانيم مدائحنا الشعبية التي تمجد أخلاق الرسول الكريم فإننا نلمس مدى تمكن هؤلاء المداح من سيرته عليه أفضل الصلاة والسلام، وصياغتها في أبيات بسيطة، ويمدحه الشاعر أحمد ود سعد «رحمه الله» قائلاً: نعم السعى جافى البلاد والدار بي من معا على من خلقه القرآن يا الجامعة فيك ساير الأسرار متجمعة ثغرك خفي البراق اللامعا أذنك لقول من خالقك سامعا متواضعا لله كان خشوعاً خاضعا كان يلبس المخصُوف ومرقعة كان ضحكه تبسيم مو قعقعة قالت عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن رسول الله في بيته قالت: إنه كان يعمل في مهنة أهله، يخصف نعله ويخيط ثيابه. وحينما سألها إعرابي عن أخلاق النبي قالت: ألست رجلاً عربياً تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قالت: فإن القرآن خلقه. وما أعظم القرآن لو اتبعناه لاتبعنا به كل القيم والأخلاق التي تخرج البشرية من الظلمات إلى النور. فتكون الدعوة بالقدوة. فلننظر أيضاً إلى بعض آراء وشهادات عقلاء كتاب الغرب الذين أعجبتهم سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وانظر كذلك يتشدق سفهاؤهم بإساءات هذه الأيام وتجنيات بجهالة على سيرة أفضل الخلق محمد النبي الكريم.. ماذا يقول مفكروهم: برناردشو الفيلسوف والكاتب والروائي الانجليزي الألشهر يقول: أعتقد أن رجلاً كمحمد لو تسلم زمام الحكم في العالم بأجمعه لتم النجاح في حكمه، ولقاده إلى الخير وحل مشكلاته، على وجه يكمل للعالم السلام والسعادة المنشودة. ٭ الكاتب الانجليزي ب. سميث قال عن النبي محمد «صلى الله عليه وسلم». «كان محمد مؤسساً لأمة، ومقيماً لامبراطورية، وبانياً لدين في وقت واحد. وهو وإن كان أمياً فقد أتى بكتاب يحوي أدباً وقانوناً وأخلاقاً عامة وكتباً مقدسة في كتاب واحد، وهو كتاب يقدسه إلى يومنا هذا سدس مجموع النوع البشري لأنه معجزة في دقة الأسلوب وسمو الحكمة وجلال الحق» إذن معنى ذلك أن هؤلاء الذين يسيئون إلى النبي الكريم لم يطلعوا حتى على آراء عقلائهم. { أما الجنرال الأمريكي د. ف. جودلي فقد قال: «لقد كان محمد على نقيض من سبقه من الأنبياء، فإنه لم يكتف بالمسائل الإلهية، بل تكشفت له الدنيا ومشكلاتها، فلم يغفل الناحية العملية الدنيوية في دينه، فوفق بين دنيا الناس ودينهم. ولذلك تفادى أخطاء من سبقوه من المعلمين الذين حاولوا خلاص الناس من طريق غير عملي. لقد شبه الحياة بقافلة مسافرة يرعاها الله، وإن الجنة نهاية المطاف. { الشاعر الفرنسي لامارتن قال: «إن حياة محمد وقوة تأمله وتفكيره وجهاده ووثبته على خرافات أمته وجاهلية شعبه، وشهادته وجرأته، وثباته على الدعوة ثلاثة عشر عاماً في وسط اعدائه وتقبله سخرية الآخرين وحميته في نشر رسالته وإيمانه بالفوز والنجاح ونجاح دينه بعد موته، كل ذلك أدلة على أنه كان يعيش على حق ولم يكن يعيش على باطل. أما تولستوي فقد خطَّ أيضاً بيراعه كلمات رصينة عن نبي الهدى خاتم الأنبياء والمرسلين قائلاً: «لم يقل محمد عن نفسه أنه هو وحده نبي الله، بل اعتقد في نبوة موسى وعيسى، وقال إن اليهود والنصارى لا يكرهون على ترك دينهم واعتناق الإسلام. وفي سني دعوته الأولى احتمل كثيراً من اضطهادات أصحاب الديانات القديمة، ولكنها لم تثنه عن دعوته. ولا ريب أن هذا النبي من كبار المصلحين الذين قدموا للمجتمع البشري خدمة جليلة، ويكفيه فخراً أنه هدى أمة كبيرة إلى نور الحق». كل هذه الآراء من مفكري الغرب وردت في كتاب «نبي الإسلام في مرآة الفكر الغربي للأستاذ/ عز الدين فراج». وبعد يبقى السؤال الكبير هل نحن حقاً نحتفي ونفرح ونحب رسولنا الكريم . فإن كنا كذلك أليس الأجدر بأن نتبع ما يحب هو ويرضى؟