بعد الدعوة الفضيحة التي أطلقتها العانس الحاقدة سوزان رايس تحث فيها الحكومة السودانية على مفاوضات وحوار قطاع الشمال بدون شروط، تهافتت أقلام كثيرة في هتاف فارغ أجوف، تقدِّم المبررات والأسباب التي تحفِّز على هذا الحوار، كأنّ سوزان رايس قد جاءت بشيء جديد، وكأنّ الإدارة الأمريكية قد طرأ على عادتها السيئة القائمة دوماً على دعم الحركة الشعبية منذ أن كانت حركة إرهابية متمردة إلى مرحلة تحولها إلى عصابة مجرمة تحكم جنوب السودان بالحديد والنار، أشبعته فقراً وجوعاً على فقره وتخلُّفه، وزادته حرباً وقتلاً وفوضى على هشاشة تكونه ونسيجه المفكك المتداعي نحو السقوط والانهيار الحتمي المرتقب. تسابقت هذه الأقلام لتؤيد دعوة هذه العانس الحاقدة بالرغم من إعلان الدولة بأدوات النفي المستمرة، أنها لا تعترف بقطاع الشمال.. ولن تتحاور معه، لأنه ليس كياناً سياسياً مستقلاً قائماً بذاته.. وإنما كما قلنا من قبل في كتابات سابقة إنه الوليد المشوَّه.. واللقيط المقطوع الذي لا يُعلم أبواه. بعد أن أيقنت أمريكا من فشل أدواتها ومكرها الذي تخر لهوله الجبال من النيل من كرامة أهل السودان وصمودهم النادر كانت آخر محاولاتها القذرة المؤامرة الدنيئة التي حاكت خيوطُها في عاصمة كلبها في وسط إفريقيا يوري موسفيني، والتي عرفت «بوثيقة الفجر الجديد» والأصل فيها أنها وثيقة.... الخائب الفاجر!! تلك الوثيقة التي دعت صراحة إلى فصل الدين عن الدولة في السودان، وإقامة دولة علمانية إذا قُدِّر لها القيام فلن تكون لها صفة لازمة سوى الإباحية والفوضى وتدمير هُوية السودان الإسلامية... لقد اُبتُلي السودان منذ عقدين من الزمان بمؤامرات عاهرات بريطانيا وأمريكا بدءاً بالبارونة كوكس عضو مجلس اللوردات البريطاني والتي تخصص في حقدها الراحل الدكتور إبراهيم عبيد الله رحمه الله لقد ملأت كوكس فضاء الدنيا بتقاريرها المغرضة عن دعاوى الرق والتطهير العرقي في السودان.. مروراً بالشمطاء اليهودية مادلين أولبرايت، انتهاء بكوندليزا رايس، و سوزان رايس، الأمر الذي يستدعي إجراء دراسة أكاديمية نفسية واجتماعية لتفسير نفسية هؤلاء العاهرات وسر حقدهن الدفين تجاه السودان حكومة وشعباً. قطاع الشمال وما أدراك ما قطاع الشمال.. ثلة سافلة من العملاء والمرتزقة يقودهم عقار الذي قال ربي الجبل!! وعرمان الذي قال الجلد في جريمة الزنا انتهاك لحقوق الإنسان، واعترض بشدة على كتابة البسملة في صدر الدستور!! والحلو الذي لا يصلي ولا يصوم!! وكلهم شيوعيون، والشعب السوداني هو الذي خرج في مظاهرة مشهورة حل على إثرها وبسببها الحزب الشيوعي الملحد الذي يقول أنصارُه.. لا إله والحياة مادة!! والشعب السوداني الآن بعد الانفصال 99% منه يقول «لا إلا إلاّ الله، محمد رسول الله، ولن يحكمنا إلاّ كتاب الله القرآن.. القرآن دستور الأمة. لن يستطيع أحد أن ينفي أن قطاع الشمال يُموَّل من جنوب السودان وأمريكا والاتحاد الأوربي، فدولة جنوب السودان فشلت في تنفيذ اتفاقية التعاون المشترك «البشير سلفا كير» التي وُقِّعت بأديس أبابا، بسبب ارتباطها العسكري مع قطاع الشمال داخل أرضنا السودانيَّة في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وأمريكا قدَّمت دعوة رسمية لقيادة قطاع الشمال الإرهابية للاجتماع في واشنطن عبر سفيرها المبعوث السابق اليهودي ليمان، وسلمت قطاع الشمال «24» مليون دولار لمواصلة حربه في جنوب كردفان والنيل الأزرق، والاتحاد الأوربي قدَّم دعماً عبر سفاراته في كمبالا لعملاء الفجر الفاجر، الذي دعا إلى تغيير نظام الخرطوم بالقوة العسكرية!! وهو أمرٌ يفضح أمريكا والاتحاد الأوربي وجنوب السودان الذين ظلوا يتحدثون باستمرار عن التحول الديمقراطي السلمي وحماية حقوق الإنسان والحرية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة. لقد انتقدنا بشدة ولمدة طويلة حالة الذوبان والتوهان والغفلة وتقديم الخد الآخر للطمة بعد لطمة الأول التي ظلت تدور في فلكها الحكومة دون أن تكترث أنها تفاوض العفاريت والأشرار والأشباح الشيطانية.. فكم حذرنا من مغبة القرار الظالم «2046» الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي ضد السودان ووافقت عليه دبلوماسيتنا الفاشلة ممثلة في وزارة الخارجية التي صراحة لا تشرف السودان بما فيها من حمائم.. وكم انتقدنا ليلة عشاء باقان الحمراء على أنغام الكابلي مع مفاوضين صار همهم إطالة أمد التفاوض لكنز الحوافز والنثريات، وتغيير أجوائهم بالأسفار والفنادق.. وكم انتقدنا الحريات الأربع وقلنا نرجو ألاّ تبالغ قيادة الدولة في الاطمئنان من غدر الحركة الشعبية، فتتعدى الخطوط الحمراء في متوالية تطبيع العلاقات قبل حسم الحدود وقضايا التجارة والاقتصاد والأمن.. وكم حذرنا ولا نزال نفعل من ثامبو أمبيكي هذا العميل الأمريكي المنحاز دوماً لجنوب السودان الذي سوف يفعل في ملف أبيي السودانية العجائب.. وكم حذرنا من مغبة الاستعجال في إقامة احتفالات المطار استقبالاً لأعضاء الوفد المفاوض الذين كشفوا ظهر السودان وجاءوا إليه بالوهن والمصائب!! وكم حذرنا من خطورة فتح الحدود وتصدير الذرة إلى جنوب السودان من جهة واحدة.. لقد أكدنا مراراً أن الحركة الشعبية ليس لها إرادة في رعاية عهد أو ميثاق وما شيمتها إلاّ الغدر والخيانة. حين ظللنا نحذر من كل هذه القضايا وغيرها صبَّت علينا أقلام قصيرة النظر جم أحبارها نقداً وشتماً وغضباً واصفة إيانا بدعاة الحرب ومسعِّريها!! واليوم هؤلاء جميعاً حصدوا مشروع الهواء والماء خانته فروج الأصابع، لقد اكتشفوا أنهم كانوا يمارسون الحراثة في البحر، ويفاوضون عفاريت قاع المحيط!! نحن نعارض الحكومة معارضة مسؤولة ترتكز على ضوابط شرعية وأخلاقية نتعاون ونتعاضد معها حين تصيب، وننتقدها بشدة حين تغفل وتسهو وتفسد، فالمعارضة الحقيقية تكون ضد سلبيات وتجاوزات النظام من جهة وتتكامل دعماً وسنداً عندما يعدل النظام ويلتزم بمعايير الحكم الراشد من جهة أخرى، فالسياسة لا تحكمها معادلة المعارضة المطلقة المعارضة لأجل المعارضة ولا قيمة الموالاة المطلقة «تحليل ذبح الساق» حتى لا تكون مداهنة ومجاملة وتعاونًا على الإثم والعدوان. إن قطاع الشمال ليس كياناً سياسياً ينتهج العمل السياسي السلمي، ولكنه كيان مسلح متمرد خارج عن طوع الدولة والقانون، ارتكب جرائم حرب وتسبب في كوارث إنسانية، وعميل لقوى خارجية معادية للسودان، ولذا لا ينبغي الاعتراف به دع عنك حواره، بل ينبغي أن يكون أعضاؤه هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة والمجاهدين، ولا بد لقواتنا المسلحة من حسم المعركة في جنوب كردفان والنيل الأزرق عسكرياً، ولا بديل من العمل لغزو الحركة الشعبية في معقلها طالما هي تقاتلنا داخل أرضنا، وقواتنا المسلحة ودفاعنا الشعبي والمجاهدون ومن خلفهم الشعب كله لقادرون على إنجاز هذه المهمَّة الوطنيَّة المقدَّسة، فقط ألاّ يتدخّل القرار السياسي في ثنايا هذه المهمَّة، ولا بد من صنعاء وإن طال السفر وهذا هو الحل.. إن هذا الشعب السوداني المسلم الذي هزم مشروع الاحتلال بعد خمسين عاماً، وهزم مشروع السودان الجديد بعد خمسين عاماً أيضاً، هو قادر على هزيمة مشروع قطاع الشمال بعد خمسة أعوام.