ظلت ولوقت قريب العلاقات الاقتصادية السودانية الأمريكية يشوبها التوتر، فكثيراً ما استخدمت الولاياتالمتحدة الاقتصاد كرت ضغط على السودان من خلال فرض العقوبات طوال السنوات الماضية، واتجهت عدد من الشركات الأمريكية للاستثمار في السودان، ولكنها قوبلت بالمقاطعة من بعض الجماعات الرافضة للاستثمار في السودان، باعتبار أنها دولة ترعى الإرهاب. كل هذه العقوبات عرقلت التعاون. وفى خطوة استباقية لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، طرحت الإدارة الأمريكيةالجديدة اتجاهاً نحو تحسين علاقاتها مع السودان والتعامل معه اقتصادياً، مما عكس في آخر النفق ضوءاً للانفراج يتراءى حول الاستثمارات الأمريكية تجاه السودان، وذلك حسب حديث وزير الاستثمار د. مصطفى عثمان، باستثناء الولاياتالمتحدة لعدد من الشركات للاستثمار بولاية سنار في مجال السكر التقاني من قبل مؤسسة «الأوفاك» التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية، وهي التي تمنح الاستثناءات ويجري العمل لدراسة المشروع لإجازته. واعتبر د. مصطفى الخطوة بالرمزية، مبيناً أن نجاح الشركات سيشجع نظيراتها الأخريات للعمل في هذا المجال، مما يعطي إشارة للمصالح، وهو مسألة في غاية الأهمية. وأكد حرص السودان على التعامل مع الولاياتالمتحدة عبر تبادل المصالح وفتح باب الاستثمارات بالبلاد. وفي تصريح سابق لوالي ولاية سنار أحمد عباس أكد أن المشروع عرض على حكومة الولاية بتمويل من الشركات الأمريكية في أوروبا «إنتر كوركو» بمبلغ «805» ملايين دولار، وأبان أنهم قطعوا فيه شوطاً كبيراً، وتم التوصل لمرحلة العقد المبدئي الذي تمت الموافقة عليه من الحكومة، وتوقع، توقيع العقد خلال الشهرين المقبلين، وسينتج المصنع «1.2» مليون طن سكر مكرر، و«120» مليون لتر إيثانول، و«20» مليون طن من الأعلاف بتمويل أمريكي «تسليم مفتاح» يسدد على مدى «7» سنوات. وقال إن الشركة مموّلة فقط وستسترجع مالها، وإن المصنع ملك للحكومة، وأضاف أنّ الشركة جاءت باستثناء لهذا المصنع بالرغم من مُقاطعة التعامل مع أمريكا. وقال إنّ طلب الاستثناء هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن يتخطى بها المقاطعة، وسيكون المصنع الخطوة الأولى لإنهائها. وكشف أن الشركة تقوم بدراسة لتحويل مصنع «أبو نعامة» لمصنع سكر. ويرى المراقبون أن الخطوة يمكن أن تسهم في معالجة الخلافات بين البلدين، وقد يؤدي إلى رفع الحصار تدريجياً عن السودان عبر فتح تلك الاستثمارات. وتوقع عدد منهم أن يتم رفع الحصار في القريب العاجل في ظل استمرار سياسة الولاياتالمتحدة في الوقت الراهن. ويرى الخبير الاقتصادي ومدير عام التخطيط الخارجي بوزارة التعاون الدولي السابق أحمد مالك في حديث ل«الإنتباهة» أن اتجاه أمريكا لفتح الاستثمارات عبر إنشاء مصنع بولاية سنار، ليس البداية، وإنما هو استمرار لتعامل سابق بين البلدين منذ اتفاقية نيفاشا، مشيراً لدفع «8» ملايين دولار من قبل الولاياتالمتحدة كدعم للمناطق المتأثرة بالحروب كالنيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور. مبيناً أن السودان لم يكن راضياً عن طريقة تعامل الولاياتالمتحدة، مما دفع لوضع إستراتيجية جديدة بين البلدين لخمس سنوات قادمة، وذلك بتوجيه الأموال المقدمة من أمريكا للتنمية بتحديد مشروعات إستراتيجية، في مختلف مناطق السودان عبر إشراف الحكومة، وخير مثال إنشاء مصنع السكر بولاية سنار. موضحاً اتجاه الولاياتالمتحدة لذلك أن الأموال السابقة لم تُستغل بالصورة المطلوبة، بجانب أن الجنوب لم يسهم في تحقيق مصالحها السياسية، خاصة وأن الجنوب لا يُنظر إليه كدولة، بجانب أنها تريد أن تتعامل مع الجنوب عن طريق الشمال. وأضاف مالك أن العلاقة بين السودان وأمريكا خاصة الاقتصادية، يمكن أن تتحسن في مرحلة تولي أوباما الحكم بجانب التغيرات الاقتصادية التي اجتاحت العالم أخيراً، وتوقع تحسُن العلاقات من خلال تركيز الحكومة السودانية التعامل مع السوق الحر الأمريكي، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة دولة واقعية تقودها المصالح. وامتنع العديد من المسؤولين بولاية سنار على رأسهم وزير المالية ومدير تنسيق الولاية والمستشار الاقتصادي، الإدلاء بأية معلومة حول الأمر للصحيفة، في الوقت الذي سعينا فيه لمعرفة المزيد من المعلومات عن المشروع.