بدأت الحكومة استخدام طائرة الأنتنوف الروسية الصنع منذ وقت بعيد، وعقب تنفيذ الحظر الاقتصادي والعسكري على السودان، كان قطاع الطائرات واحداً من المجالات الذي تأثر بالحظر، وبالتالي اتجهت الحكومة إلى شراء الطائرات الروسية والأوكرانية بتوجه سياساتها شرقاً عقب دخول قرار الحظر مرحلة التنفيذ، ولعل الطائرات المستخدمة في السودان والمؤجرة بثمن بخس من روسيا وأوكرانيا تعتبر من أقدم الطائرات المصنعة في تلك الدول. ويبدو أن سياسات التقشف والأزمة المالية التي ضربت الدول التي استقلت من الاتحاد السوفيتي، دفعتها إلى بيع وتأجير طائراتها إلى الدول الخارجية، خاصة الدول الإفريقية وبأسعار بخسة بهدف استيعاب الأعداد الضخمة من العاملين بالشركات المصنعة للطائرات. وذكر لي مصدر قريب من مجال الطيران أن روسيا وأوكرانيا قامتا بتأجير أعداد كبيرة من الطائرات الأنتنوف القديمة والمستخدمة إلى الدول الإفريقية، وربما السبب من توجهها إلى إفريقيا لعدة اعتبارات، منها أن الدول فقيرة وليست بها مقومات أو بنيات تحتية قادرة على استيعاب طائرات حديثة. ولعل من المميزات المهمة لطائرة الأنتنوف أنها تستخدم في مهام متعددة وتحت ظروف معقدة وصعبة، كما فعلت الحكومة عندما عدلت أغراض استخدام الطائرة الإنتنوف من مدنية إلى عسكرية، لسد الفجوة في هذا المجال الحيوي. وبحسب معلومات خاصة ل«الإنتباهة» فإن الطائرة الأنتنوف (An26) أوكرانية الصنع، تعد من أقدم الطائرات العسكرية الخاصة بنقل الركاب والمعدات وشحن الآليات، ولم يعد هذا الطراز من الطائرات العسكرية يستخدم، سوى في بلدان محدودة منها السودان، بينما بقية دول العالم أخرجت هذه الطائرة من الخدمة منذ سنوات عديدة، ولكن الرئيس عمر البشير كان قد أصدر قراراً في يونيو 2008؛ أقال بموجبه اللواء أبو بكر جعفر أحمد من منصب مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني «المشرفة على المطارات في البلاد»، عقب ثلاثة حوادث متوالية في نفس الشهر لطائرات من طراز أنتنوف واليوشن، كما قرر تشكيل لجنة محايدة للتحقيق في أسباب حوادث الطائرات في السودان، في الآونة الأخيرة، ووجه بإيقاف الطائرات من طراز «أنتنوف واليوشن» عن العمل في جميع مطارات السودان في مجالي الركاب والشحن الجوي، فيما وصف «برلمان» عمر البشير في قرار سابق حوادث الطيران بالفضيحة عقب سقوط طائرة كانت تقل عدداً من مسؤولي وقيادات النظام التنفيذية والأمنية والسياسية والعسكرية في كادوقلي بجنوب كردفان العام الماضي. ويؤكد خبراء الطيران أن الانتنوف طائرة شحن إستراتيجي. وليست طائرة لنقل الركاب، ولكن الحكومة وبحسب مصدر كانت مضطرة لاستخدام طائرات الانتنوف لفك ضائقة الطيران الداخلي، وتقليل تكلفة النقل عبر الولايات. ويعزو المصدر السبب الرئيس لذلك إلى الحظر الاقتصادي الذي فرض عليه، إضافة إلى إمكانيات الطائرة للاستخدام في أجواء ومطارات السودان إذا كانت جيدة، وربما دفع هذا السبب أن يكسر وزير النقل أحمد بابكر أحمد نهار قرار الرئيس بحظر نشاط طائرة الأنتنوف والتوجه والانخراط في محادثات مع أوكرانيا لشراء خمس طائرات أنتنوف، لتعزيز أسطوله الجوي، وتفادي عقوبات تجارية أمريكية ألحقت به أضراراً جسيمة. وتحديث أسطول طائرات أنتنوف التابعة للجيش السوداني لتعدد حوادث التحطم في الآونة الأخيرة. وقال نهار ل«رويترز» بعد زيارة كييف الأسبوع الماضي، إن الحكومة وقّعت اتفاقاً أولياً مع أوكرانيا لشراء خمس طائرات أنتنوف، وستختارها من نماذج أنتنوف «158» وأنتنوف «148»، وقال إن الاتفاقية ستشمل اتفاقاً للصيانة مع ورشة طائرات أنتنوف في الخرطوم، ولكن وزير النقل قال إن النماذج الجديدة تتسم بمستويات عالية ومعايير السلامة فيها مرتفعة للغاية. وتشتهر الأنتنوف «إن 26» بكثرة حوادثها، وكان آخر تلك الحوادث شهده السودان في أغسطس الماضي، وأدى إلى مقتل «36» عسكرياً هم كل ركاب الطائرة، وأثيرت إثر الحادث حملة كبيرة في وسائل الإعلام وأوساط الطيران، الأمر الذي دفع بالرئيس ،إصدار توجيه بإيقاف هذا الطراز من الطائرات عن العمل، وإخراجها من الخدمة، خصوصاً بعد أن شهد السودان عدداً من الحوادث لنفس الطائرة، وبينها الحادث الشهير الذي أدى إلى مقتل نائب الرئيس السوداني عام «1998» الزبير محمد صالح وهي نفس الطائرة التي سقطت وعلى متنها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في صحراء ليبيا، بسبب عاصفة رملية. إذاً صورة الطائرات الروسية والأوكرانية المشهورة بطائرات «الأنتنوف» ستكون مربوطة بعقلية الرأي العام السوداني بكثير من الحوادث التي وقعت وذهبت بالعديد من الرموز الوطنية. إذاً هل يصلح استجلاب الأنتنوف الأوكرانية ما أفسده الحظر الأمريكي على قطع الغيار لطائراتها بالسودان؟