دعوة رئيس حزب الأمة الصادق المهدي تحالف المعارضة إلى تكوين جسم جديد يمثل القوى المعارضة خلاف التحالف القائم حالياً، ومطالبته في الاجتماع الذي عقده مع ممثلين للحزب الشيوعي وحركة حق بالقاهرة بإقامة مؤسسات للمعارضة على نسق المعارضة السورية عبر تكوين جبهة تشريعية تخاطب المجتمع الدولي. هذه الدعوة التي أطلقها السيد الصادق المهدي آثارت جدلاً واسعاً في الساحة السياسية خاصة على صعيدها المعارض وهي دعوة جاءت في الوقت الذي تعاني فيه أحزاب المعارضة من ضعف وشتات، وانقسامات حادة ، فجرسومة الإنقسام والتشظي لم تسلم منها أكبر الأحزاب وأعرقها مثل حزبي الأمة والقومي ... الناظر إلى الحزب الشيوعي مثلاً يجده منشطراً إلى أكثر من تيار وجناح كحق وغيره ، وكذا البعث لم يبق فيه سوى أمين سره، فبعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين سقط (الدعم) فكان حتماً أن يسقط الحزب. أما المؤتمر الشعبي بزعامة الترابي فيعتقدأن عدد أعضائه الفاعلين لايتجاوز ال «100» عضو، والمراقب لقوى الاجماع يلحظ أنها لا تزال مختلفة ومتقاطعة الرؤى والمصالح.، والأجندة فمثلاً إذا نظرنا إلى وثيقة الفجر الجديد فنجد أنها كشفت المزيد من حدة التباين داخل هذه الأحزاب ، تباين حتى فيما يجب أن يكون من الثوابت ، فالبعض أنكر توقيعه على الوثيقة، والبعض الآخر أقر، والبعض برر الوثيقة، والبعض الآخر برر التوقيع. ومن هنا بدأ التقاطع ليصل ذروته بمهاجمة دكتور الترابي للسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، وتحول النزاع بين البعث والأمة القومي إلى شكوى رسمية يطالب فيها البعث بتجميد عضوية الأمة، كما ظهرت الخلافات أيضا بين المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي حول مفهوم الدولة المدنية خلال صيغة ورقة الاستفتاء في إطار تحضيرات تحالف قوى الإجماع الوطني للمؤتمر الجامع لقضايا البلاد، وظهر جلياً في الخلاف أن ممثل الشعبي أصر على تثبيت الشريعة في الدولة المدنية، أما ممثل الحزب الشيوعي فرفض ذلك. فالأزمة عميقة الجذور، والتحالف بشهادة مكونيه لايزال هشا وضعيفا خاصة بعد أن كشف أحد القيادات حزب الأمة القومي عن خلافات وتكتلات سياسية بالمعارضة قبل الاتفاق على الإعلان الدستوري، كما أن حزب الأمة القومي يعيش خلافاتسياسية حادة وأسرية تبدأ من خلافات المكتب السياسي و(أحجية) التيار العام والأمانة العامة، وبداخله أيضا صراع مضروب بسياج من التكتم ... هذا فضلا عن الخلافاتالتي يبدو أقرب لل شخصية بين بعض قادة حزب الأمة ورئيس قوى التحالف المعارض فاروق أبو عيسى. ويرى المهدي أنهمالأقدر والأولى بقيادة المعارضة. فحزب الأمة بزعامة المهدي هو الآن جزء من عدد أربعة أحزاب، ويزعم أنه هو الأصل والأقوى، وما تعيشه الأحزاب الآن من ضعف وانقسامات وخلافات جعلت الحزب الحاكم يصف أحزاب المعارضة بالوهن والضعف، ولعل هذا الشعور لدى حزب الأمة جزء من المشكلة .. وليس بعيدا عن هذا الواقع أن دكتور نافعظل يسخر من هذه الأحزاب لكونها ممزقة وضعيفة وأشتات ويصفها بالهوان وقال إن اغلبية النقاط التي احتوتها وثيقة الفجر الجديد تمثل المنطلقات الفكرية للحزب الشيوعي.، مما يعني أن هذه الأحزاب تابعة بلا هدى وأكد أن هنالك علاقة وثيقة بين (الثورية) وفاروق أبو عيسى رئيس تحالف المعارضة. فهل هذه الأسباب مجتمعة هي التي دفعت حزب الأمة لطرح بديلا للمعارضة ، وهل ينجح البديل في قيادة راشدة. في هذا السياق ذكر البروفيسور والمحلل السياسي عبده مختار أنه لا يتوقع أن ينجح البديل لأن هذه المعارضة السودانية غير متماسكة وغير متجانسة وهي تجمع شتات من التيارات المتناقضة التي فشلت في تكوين تحالف تكتلي مرحلي لإسقاط النظام، ويكفي أن الولاياتالمتحدة قد أصابها اليأس في قدرة هذه المعارضة في إسقاط نظام الحكم القائم وأكد أن التجارب السابقة تقوم على أحزاب سقيمة وضعيفة (وفاقد الشيء لا يعطيه). مبيناً أن دعوة المهدي إلى تكوين جسم جديد لا يفيد ولا يقدم جديداً لأن هذا الجسم يتكون على أنقاض الجسم المعتل أصلاً، وربما لا يتجاوز التغيير في الاسم أو الشكل، وسوف يظل محتوى المعارضة، هو المعارضة بكل تناقضاتها وضعفها، ولا أتوقع جديداً في هذا الأمر.