تطرقت الأستاذة رباب في عمودها «ولكن» الذي تحدثت فيه عن معاناة المغتربين الذين يتركون ابناءهم خلفهم وما يعانيه هؤلاء الابناء من مشكلات اجتماعية ونفسية كثيرة، وهي بهذا ضربت على وتر حساس حول اسباب الاغتراب التي تتعدد، ولعل أكثرها شيوعاً هو الاغتراب من اجل تحسين الوضع المادي، ونعلم جميعاً ما يعانيه المغترب في الغربة، فهي غربة عن الوطن والأهل والأحباب والأصدقاء، يكابد كل مغترب لكي يلبي طلبات أسرته وأهله، وما أقسى الغربة وامرها عندما يكون المغترب متزوجًا وأسرته بعيدة عنه، وردود فعلها على الأسرة كبيرة وخطيرة جداً، وبالأخص أولئك الذين يُمضون في الغربة سنين طوالاً، يفتقد الأطفال حنان ورعاية آبائهم، ونعلم يقيناً الدور الكبير الذي يقع على عاتق الأب تجاه أطفاله، فالأطفال يحتاجون كثيراً إلى وجود آبائهم بجانبهم باعتباره موجهاً لهم، فكم من أسرة تدهورت، وانحرف اطفالها لعدم وجود توجيهات الأب، نعم للأم دور أيضاً في تربية أبنائها، ولكن لا بد من وجوده هو كذلك ولا ننسى أن المسؤولية مشتركة، وان الزواج هو عبارة عن شراكة. أستاذة رباب..أيضًا للغربة جانب آخر ورد فعل على اسرة المغترب وأسرته معه تتمثل في عدة اشياء؛ فكم من طفل في الغربة يمارس حياته كأي طفل آخر وهو بعمره دون أن يشعر بأن هناك شيئًا ينقصه، فتعامل الأطفال في بلاد الغربة مع بعضهم يختلف اختلافًا كبيرًا عن تعامل اطفالنا السودانيين. قد يعيشون في مكان محصور جداً وهم دائماً تحت مراقبة أسرهم، ليس لديهم أي حرية في اللعب، والمعارف قد يكونون محدودين لذا يفتقدون الشعور بحنية اهلنا الطيبين «السودانيين بطبعهم حنينين»، يفتقدون الإحساس بالوطن والأهل. فالأطفال يتعاملون مع أهل بلد تختلف طبيعتهم اختلافًا كبير عن طبيعتنا... الشقق والعمارات بها كل ما يحتاج إليه الطفل «تلفزيون، ديجتال، كمبيوتر، انترنت» في متناول يده وكل ما يطلبه يجده لذا قد ينشأ مدللاً نسبة للحنية والعطف الزائد، ومعظم المغتربين يعملون لساعات طويلة، وقد يكون لدى لمغترب عملان او دوامان وكل هذا لكي يوفر لاسرته مستلزمات البيت وكل ما يحتاجون إليه ويأتي إلى اسرته في وقت متأخر. نستطيع القول بأنه قد يكون هناك عائد مادي في الغربة ولكن لا تخلو الغربة من الخسائر المعنوية والنفسية. فهل تتفقون معي في ذلك ؟ مرتضى الجمري الرياض من المحررة: ليس هناك اشد وقعًا على الافئدة من ان يطرح «صاحب الوجعة» وجيعته بكل شفافية تحمل ما يعانيه من الغربة والاغتراب وقضاياه المتشعبة.. القاؤنا الضوء على قضايا المغتربين ليست بدافع الخوف عليكم في الأساس بل لشحذ هممكم حولها ولتكون نصب اعينكم لا تبارح فكركم حتى لا تتسع الفجوة باغترابكم وتزيد الخسائر.. دمتم بألف خير..