وجد الإعلان الذي صدر من وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل الخاص بإعلان عن توظيف سودانيات في دولة الكويت، ونشرته وكالة «أبو جمال» للاستخدام الخارجي وجد صدىً وإدانات واتهامات مباشرة من قبل جمعية القرآن الكريم والوحدة النقابية بالوزارة، وطالبوا وزيرة العمل بتقديم استقالتها، فيما أعلنت وزيرة الموارد البشرية إشراقة سيد محمود استنكارها للهجوم الكاسح الذي شنته الهيئة النقابية للوزارة، وأكدت أن هذا الإعلان مسيء للقيم السودانية والكرامة، وأن وزارة العمل لا علاقة لها به، وأنه صادر من مكتب «أبو جمال»، وكشفت في مؤتمر صحفي أمس الأول ببرج الاتصالات أن هنالك تزويراً واضحاً بالإعلان قبل مرور المسودة الأولى منه، ولم تظهر فيه النقاط التي وردت في الإعلان، وأضافت أنها قامت بفتح بلاغ في النيابة ضد مكتب أبو جمال والتحقيق مع الموظفة التي مرّ عبرها الإعلان، وقالت هذه محاولة لاستفزازها ولإجبارها للتراجع عن قرارها الذي أصدرته في وقت سابق بعدم تحصيل الأموال خارج أورنيك «15»، وأكدت أن هذا الإعلان فجَّر المشكلات الحقيقية التي تواجهها الوزارة من فساد مالي وإداري، ولفتت إلى أن هذه الأموال يتم تحصيلها دون وجه حق مخالف للقوانين، وأكدت أن الإعلان المثير للجدل يعد أحد أسباب الصراع الدائر بين الموظفين والهيئة النقابية وبعض قيادات الوزارة، وقالت إنها مؤامرة ولا ينفصل الإعلان عنها، وقطعت أن البيان الذي أصدرته النقابة أمس يؤكد ضلوع النقابة في الخلاف الذي بدر منها مسبقاً على خلفية ما اعتبرته فساداً، فيما يتعلق بجباية أموال خارج أورنيك «15»، وقطعت بعدم تراجعها عن هذا القرار، وأضافت أن جملة الأموال التي تم تحصيلها بلغت «300» مليون جنيه في الشهر، في حين أن الخدمات التي تقدمها النقابة لا تتعدى «300» مليون في السنة، في وقت اتهمت فيه إشراقة مدير إدارة الشؤون المالية هاشم ميرغني الذي ارتكب «14» مخالفة مالية وإدارية أقلها «26» ألف جنيه شهرياً، وأكدت أن هذا المدير الذي تقف معه النقابة لحماية أموالها ليس موظفاً بالخدمة المدنية، بجانب أنه ترقى خلال خمس سنوات من الدرجة الثامنة إلى الثانية بتزويره مستندات، ووصفت إجراءات تعيينه أشبه بحادثة «طبيب عطبرة»، وأضافت أن هنالك خللاً إدارياً كبيراً، في وقت أقرّت فيه بصعوبات كبيرة تواجه وزارتها في الرقابة على مكاتب الاستخدام التي وصلت إلى «300»، وكشفت عن تخفيض هذه المكاتب بنسبة «50%»، وأضافت أنها تواجه معاناة حقيقية لمراقبتها. وفي السياق، أوضح وكيل الوزارة الفريق محمد أحمد رسمي أن الوزارة قررت منع استخدام تروسية الوزارة في الإعلانات إلا بعد أن يصدق عليها الوكيل، مشيراً إلى قرار تشكيل مجلس تحقيق حول الأسباب التي أدت إلى نشر الإعلان، وأضاف: نسعى إلى تقليص مكاتب الاستخدام إلى أكثر من «50%»، فيما أكد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي بروفيسور عصام عبد الوهاب بوب أن تردي مفاهيم الإدارة والأداء في الحكومة السودانية أمر يعترف به العديد من الخبراء، وقد تسبب رأيهم في تردي الأداء الحكومي بصورة عامة، وهذا نتيجة لتردي معايير الترقية والتعيين والأداء الوظيفي في الخدمة المدنية وفي صورة أخرى منها التعدي على المال العام. وقال بوب في حديثه ل «الإنتباهة» أمس أن هنالك إدارات عديدة غير ناجحة، ولكن لها سلطات واسعة لارتباطها بالهيكل السياسي والدولة على حد السواء، الأمر الذي أدى إلى خروج الكثير من ذوي الكفاءة إلى خارج البلاد، وأضاف أن التنمية ارتبطت بالإدارة الاقتصادية، وهذا أمر مثبت علمياً، موضحاً أن ما يحدث من تعدٍ على المال العام بسبب سوء الإدارة، بمعنى أن هنالك معالم أخيرة تؤثر على الأداء الإداري والتنمية الاقتصادية. بهذه الاعترافات التي صدحت بها إشراقة عن وزارة تهم العاملين بالدولة، وتؤكد على فسادها هذا يعني أن الخدمة المدنية في السودان تواجه العديد من المشكلات والفساد الإداري والمالي على مدى طويل، وهذا سببه إخفاق مؤسسات الخدمة المدنية، وعدم تطبيقها قوانين العمل ولوائح الخدمة المدنية العامة، وظلت هذه المشكلات قائمة منذ بداية تاريخ الخدمة المدنية في البلاد وحتى يومنا هذا، ولم تتدخل الجهات المسؤولة عن الخدمة المدنية على مستوى الدولة بصورة مباشرة، بل ظلت مكتوفة الأيدي تراقب من بعد، كما أن بعض مؤسسات الخدمة المدنية لديها أجندة وسياسات تتعارض مع قوانين العمل ونتيجة تلك السياسات الخاطئة التي أحدثت جدلاً كثيفاً نتساءل: هل ستصمد الوزيرة أم ستلحق بأختها أميرة؟ بهذه العبارة التي وجهها أحد الزملاء بصحيفة «السوداني» وكانت إجابة إشراقة: لن استقيل من الوزارة، وسأتابع ملفات الفساد من الشارع!