تحدَّثنا بالأمس عن كيف غيَّرت نيفاشا من موازين القوى وجعلت السُّودان منطقة ضغط منخفض تهبُّ عليها رياح الغدر والتآمر من كل مكان وتدور رحى الحرب في ربوعه وتُستنزف مواردُه ويُستهدف من الخارجين عليه من أبنائه الذين مردوا على العقوق وصُنعوا على يد دولة الجنوب التي باتت تعيش في أمن وأمان تصدِّر بترولها عبر الشمال ويتعاطف معها الغرب وأمريكا ومجلس أمنها المتآمر كما تحسَّرنا أن كيف أصبح المسيريَّة الذين كانوا قبل نيفاشا يتقلَّبون في عزِّهم وأرضهم المعطاء التي أضحت اليوم مُستباحة بعد أن أذلَّتهم نيفاشا وجعلتهم في مقام اليد السفلى يُعتدى عليهم ولا يحق لهم أن يثأروا ويتطاول عليهم دينكا نقوك الذين كان زعماؤهم من لدن دينق مجوك يلوذون بالمسيريَّة ويحتمون بسلطانهم فإذا بالحال غير الحال وإذا بهم يُحمَّلون مسؤوليَّة جرم لم يتسبَّبوا فيه ويتحرَّك العالم أجمع بمجلس أمنه في هذا الزمن العجيب لكي يطاردهم ويلاحقهم فيا حسرتاه!! أكرِّر أنَّ السلطان القتيل والقوات الإثيوبيَّة هم الذين بادروا بالعدوان حين دخل الرجل حرم المسيريَّة متعمِّداً في استفزاز عجيب وتطاوُل يُشبه ما أفرزته الحالة النيفاشيَّة لكن الأمر تحوَّل إلى حملة شعواء ضُخِّم بها الحادث كما ضُخِّمت مسؤوليَّة المسيريَّة عنه للدرجة التي جعلت رجالاً كباراً من المسيريَّة يركبون موجة الاعتذار وجلد الذات وهو أمرٌ لو تعلمون عظيم ستدفع ثمنه قبيلة المسيرية والسُّودان بأجمعه. اقرأوا معي تصريحات زعماء دولة الجنوب العدوانيَّة وقارنوها بأقوال الزعماء السودانيين فقد أعلن سلفا كير خلال حفل تأبين كوال دينق بجوبا تبعيَّة أبيي لدولة الجنوب مضيفاً أن (أبيي ستعود لجوبا يومًا ما بأي ثمن) ومضت جوقة المطبِّلين والمتعاطفين مع دولة الجنوب في النواح والعويل حيث قالت رئيسة الاتحاد الإفريقي إن (على الخرطوم أن تقدِّم المسؤولين عن الحادث للعدالة).. إذن فإن الخرطوم هي المتهمة والملاحَقة حتى إن كان الحادث بفعل فاعل آخر!! أما السُّودان فيكفي تصريحات أحد كبار رجالات المسيريَّة الذي بكى كوال دينق بأكثر مما بكاه دينق ألور وبرَّأه من أي خطأ رغم تجاوزه واستفزازه وبالرغم من سرقة أبقار المسيريَّة وأهم من ذلك بالرغم من أنَّ المسيريَّة فقدوا «17» من فرسانهم في تلك الواقعة التي قُتل فيها كوال دينق بل إن دينكا نقوك في رد فعل عنيف عقب مصرع زعيمهم قاموا بإحراق سوق المدينة بالكامل وبهدم المسجد وقد أوردنا بالأمس تصريحات دينق ألور وإدوارد لينو المستفزَّة والمتطاولة ولا يفوتنا أن نذكر أن الرجلين اللذين يُعتبران من قيادات قبيلة دينكا نقوك زارا في معيَّة السلطان القتيل مناطق المسيريَّة سبع مرات في تجاوُز واحتقار وتطاوُل واستفزاز لشباب المسيريَّة الذين يُراد لهم أن يطأطئوا رؤوسهم وينكسروا استعداداً لتسليم أبيي للجنوب كمهر أو ثمن لدم كوال دينق. على كلِّ حال لا أحد يتمنَّى موت سلطان دينكا نقوك وذلك خوفًا من انفجار الأوضاع بما يؤدي إلى الحرب بين الدولتين خاصةً أنَّ السودان (ما ناقص) سيَّما في هذه الظروف التي يتعرَّض فيها لضغوط وحروب في جنوب كردفان امتدَّ أُوارها إلى أم روابة في شمال كردفان وكذلك في دارفور التي تتعرَّض لهجمات في عدة مناطق في عدد من ولاياتها. قبل أسبوع قُتل «11» تاجراً شمالياً مُحمَّلين بالمواد الغذائيَّة في عدد من الشاحنات ولم يحدث من أولئك التجار ما حدث من سلطان دينكا نقوك من استفزاز وتجاوُز تكرَّر عدة مرات الأمر الذي يكشف أن الجنوب لن يكون موطناً آمناً للشماليين وقد تكرَّرت واقعة قتل التجار الشماليين ونهب شاحناتهم وتجارتهم مما يدعوني إلى أن أطلب من أبناء الشمال خاصَّة المتاجرين مع الجنوب أخذ الحيطة والحذر ففي حين يتعرَّض هؤلاء للغدر والقتل لم نسمع في يوم من الأيام بحادثة واحدة لاعتداء من الشماليين على أبناء الجنوب. أقسم بالله إننا نريد سلاماً وأمناً مع الجنوب وكل العالم فهل من عاقل في الدنيا يُحبُّ الحرب التي نعلم مرارتها أكثر ممَّن يتهموننا بإلهابها وتسعيرها ولكن فليحدِّثني أولئك الظرفاء اللطفاء عن معنى قوله تعالى (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)، (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا). بالله عليكم على من تنطبق هذه الآية إذا لم تنطبق على من شُرِّدوا في أب كرشولا والله كريم والسميح؟! أقسم بالله إن مافعله أوباش الجبهة الثوريَّة بمواطني أب كرشولا وبنسائها خاصة لم يفعله مشركو مكة الذين نزلت هذه الآيات تتحدَّث عن استضعافهم للمسلمين. أيُّها الناس.. دعونا نتَّحد ونوجِّه اقلامَنا جميعاً نحو أوباش الجبهة الثوريَّة وقطاع الشمال فهم الذين يقتلون ويخرِّبون أمَّا من يدافعون عن الأرض والعِرض ويسعَون لصدِّ المعتدين فإنهم يطالبون بما ينبغي أن تحتشد الأمَّة جمعاء من أجله. لستُ أدري والله هل تُوجَّه تهمة دعاة الحرب نحونا نحن الذين ندعو إلى الذَّود عن الأرض والعِرض والدين أم نحو القرآن الكريم وهو يخاطب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)، (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ). تعالوا أيها الإخوة نتحاكم إلى القرآن الذين نصلي جميعًا امتثالاً لأمر مُنزله علينا جميعاً.. تعالوا نتحاكم إلى منطق الناس في العالم أجمع.. هل يتصدَّون بالقوة للخارجين على القانون وعلى سلطان الدولة أم يستكينون وينهزمون لتذهب ريحُهم ويُقتلَعون من أرضهم ويُستعبَدون؟!