ربما من المبكر إصدار حكم نهائي بأن القضاء على الفساد في المؤسسات الحكومية أو الخاصة قد وصل نهايته باعتبار أن هنالك مسألة ما زالت عالقة وهي تجنيب الإيرادات من قبل بعض المؤسسات والهيئات المتفلتة على سلطة الدولة وقوانينها رغمًا عن جهود المسؤولين في هذا الجانب وسعيهم لوضع حلول جذرية ومعالجات تضع نهاية مناسبة لما يدور من فساد وضرر باقتصاد الدولة الذي يواجِه صعوبات نجمت عن الوضع الداخلي وأخرى خارجية تشكل ضغوطًا كبيرة عليه، وقد سبق للبرلمان إصدار قانون لمحاسبة ومراجعة بعض المؤسسات التي تتهرب عن كشف إيراداتها المالية السنوية الأمر الذي أدى لخلل واضح في الوضع الاقتصادي للبلاد وهناك لجنة تعمل في إطار هذا الأمر لإنفاذ القانون وإنزاله على أرض الواقع. رئيس لجنة تجنيب الإيرادات المكلف بالبرلمان الفاتح عز الدين خلال حديثه ل«الإنتباهة» أكد أن اللجنة تسعى لرفع التقرير النهائي في شأن تجنيب الإيرادات بنهاية الشهر الجاري للإطلاع عليها بقبة البرلمان ووزارة المالية والاقتصاد الوطني ورفض الخوض في تفاصيل أخرى إلا بعد رفعه للبرلمان ومن جانبه رفض وبصورة قاطعة مدير عام ديوان الحسابات بوزارة المالية رحمة الله علي بابكر الحديث عن الموضوع وركز على الحديث لجانب الرقابة المالية للوزارة والتي تتمثل في تحويل كل الحسابات الحكومية للبنك المركزي بما في ذلك الهيئات والشركات الحكومية لوقف كافة اساليب تجنيب الإيرادات وإيداعها فورًا لدى البنك المركزي وأن تتم كل المعاملات للنماذج الأصولية والرقابة والتفتيش الدوري لكافة الوحدات للتأكد من تحسين الايرادات وفق القرارات المتفق عليها مع وزارة المالية بأن يتم الصرف وفقًا للموازنة المجازة والأسس والضوابط والقوانين المنظمة لذلك بجانب تفعيل المراجعة الداخلية ومتابعة تقاريرها، مبينًا الالتزام بقانون ولائحة الإجراءات المالية والمحاسبية ولائحة الشراء والتقاعد والتخلص من الفائض وقانون ولائحة المراجع الداخلية، وبدوره رأى الخبير الاقتصادي البروفيسور عصام الدين عبد الوهاب بوب أن مسألة تجنيب الايرادات جريمة اقتصادية لافتًا الى توجيهات المراجع العام سنويًا بضرورة ألغاء أي تجنيب للايرادات مبينًا أنه تحصيل لأموال عامة لا تورد في خزينة الدولة ويتم التصرف فيها بدون لوائح أو قوانين منصوص عليها في الإدارة المالية أو دستور البلاد وقد لجأت اليها مجموعة من المصالح الحكومية والشركات العامة باعتبار أن هناك بطئاً في إجراءات إعادة تخصيص الأموال بالصرف والتصرف في العمل العام مشيراً الى مخالفة كل الإجراءات المالية مما يؤدي لفتح الباب للفساد العام وتغويض الاقتصاد القومي ومخالفة لقوانين المحاسبة المالية وقال «إذا كانت المشكلة في إعادة تخصيص الأموال بالقنوات الرسمية للفرز في الأوجه المختلفة لا يجب معالجة الأمر عن طريق لوائح وزارة المالية والمراجع العام» وليس عن طريق التجويد أو التخصيص أو غيره من المسميات التي تصادر الأموال العامة وتفتح باب الفساد على مصراعيه.. ويؤكد بوب تأثر الاقتصاد بتلك العوامل مجتمعة.. مؤكدًا سن عشرات القوانين سابقًا لمنع التصرف غير القانوني في الأموال العامة لجهة صعوبة اكتشاف الجرائم المالية إلا عبر وزارة المالية ووافقه الرأي د. محمد الناير الخبير الاقتصادي مؤكدًا أن الأمر به مخالفة للقوانين واللوائح وأهمها قانون الموازنة العامة الذي نص صراحة على عدم تجنيب الإيرادات ووصاية وزارة المالية على المال العام وجدد دعوته للوزارات للالتزام بإيصال «15» وتوريده للخزينة العامة ولزيادة حصيلة الأموال بشكل جيد والمساهمة في تقليل عجز الموازنة.. وجدد دعوته لإلزام كافة المؤسسات بالتوريد لأموالها تحت رعاية ووصاية وزارة المالية.