تظل خطوات الاعتماد على نفط الجنوب باعتباره المنقذ الوحيد لاقتصاد الدولة المتهالك الذي يعاني شحًا كبيرًا في موارده، الأمر الذي قاد بدوره إلى تدهور العملة الوطنية من أسوأ الحلول التي لاقت انتقادًا كبيرًا من قِبل مراقبين اقتصاديين لجهة أن انفصال الجنوب وما تبعه من أحداث عسكرية واقتصادية قادت إلى إيقاف ضخ النفط بات يؤكد حقيقة ماثلة مثول الشمس للعيان أن الجنوب لا خير فيه يرتجى حتى وإن بلغ عدد الاتفاقيات عنان السماء، فالتطورات التي حدثت بعد توقيع الجانبين على اتفاقية المصفوفة وبداية تصدير النفط عبر الشمال بل وصوله ميناء بورتسودان وما نتج عنه من تراجع ملحوظ في أسعار العملات بالسوق الموازي والرسمي وبعد أن علق المواطن آمالاً عراضًا على هدوء الأحوال الاقتصادية عمدت دولة الجنوب وكعادتها إلى قلب الطاولة في وجه المؤتمر الوطني وإعلانها تمسكها بدعم الجبهة الثورية الذي ظل الشرط الحاسم لكل القضايا بين الشمال والجنوب ليعلنها رئيس الجمهورية بإيقاف أنبوب نفط الجنوب ليتغير الحال للنقيض في طرفة عين لينعكس بصورة سلبية على أسعار العملات بالسوق الموازي في تطور ينذر بخطورة بالغة حيث قفز سعر الدولار إلى 7 جنيهات للبيع و(6,95) جنيه للشراء فيما سجل الريال السعودي بيع (1.800 ) جنيه وشراء (1750) جنيهًا، وتوقع تجار العملة بالسوق الموازي لدى حديثهم ل (الإنتباهة) مزيدًا من الارتفاع خلال الأيام القادمة، مشيرين إلى الزيادة السريعة في الطلب على العملة بعد قرار الحكومة بإغلاق خط أنابيب النفط العابر من دولة جنوب السودان.. وأكد أحد التجار فضل حجب اسمه وجود حالة من الهلع أصابت المواطن من ارتفاع أسعار السلع، بجانب تراجع الوضع الاقتصادي في البلاد نتيجة إيقاف بترول الجنوب واللجوء إلى خيار تخزين العملة كنوع من التحسب والاحتياط، لافتًا إلى أن اتفاق التعاون الآخير بين دولتي السودان وجنوب السودان كان قد أدى إلى تراجع أسعار الدولار بصورة ملحوظة ومتوالية مع إقبال متزايد من المواطنين على طرح مدخراتهم من العملة للبيع لتعاود الارتفاع مرة أخرى نتيجة للأحداث الأخيرة في وقتٍ تراقب فيه الشركات الأجنبية السعر الذي تضررت من سياسات المضاربات كثيراً لجهة أنها تبيع منتجاتها بالجنيه إلا أنها تواجه صعوبة في تحويل الأرباح لعملات صعبة الأمر الذي أثر بصورة مباشرة في حركة وجذب الاستثمار، وأكد مراقبون أن الدولة لن تتأثر بإغلاق أنابيب النفط لجهة أن الموازنة العامة للدولة لم تتضمن عوائد استخدام خط الأنابيب، مشيرين إلى أن الدولة تعتمد في إيراداتها على البدائل الاقتصادية كالذهب والزراعة والمعادن والتجارة والصناعة لزيادة الإنتاج وخفض معدل التضخم بالبلاد في وقت حذروا من الآثار السلبية التي سوف يتأثر بها الوضع في دولة الجنوب في حال إغلاق خط النفط الذي يمر عبر الشمال باعتبار أنها تعتمد على إيراداتها العامة على عائدات البترول بنسبة (98%). الخبير الاقتصادي د. محمد الناير أبدى أسفه من ارتباط استقرار عملة دولة الشمال بدولة أخرى ووصفه بالأمر غير الجيد اقتصاديًا، ونادى بضرورة إيجاد خطة عاجلة بعد قرار رئيس الجمهورية عبر إسراع الخطى في زيادة إنتاج بترول الشمال والتوسع في إنتاج الذهب لا سيما القطاع المنتظم لدوره في دعم الاقتصاد بنسبة عالية، بجانب زيادة الإنتاج والإنتاجية في القطاع الزراعي بشقيه والاهتمام بالقطاع الصناعي خاصة التصنيع الزراعي إضافة إلى طرح صكوك للنقد الأجنبي للقادمين من الخارج، وقال ل (الإنتباهة) إنه من الواضح أن قرار رئيس الجمهورية درس من قِبل القائمين بأمر الاقتصاد بوضع الترتيبات اللازمة لتقليل الآثار السالبة، لافتًا إلى أن التحدي الأكبر هذا العام استقرار سعر الصرف، مبينًا أن العائد المتوقع من نفط الجنوب كان سوف يحقق استقرارًا نسبيًا، وطالب البنك المركزي بضخ كميات من النقد الأجنبي لقطع الطريق أمام تجار العملة ومنعهم من المضاربة في السوق الموازي.