أخيرًا ... ها هو الجنوب يستنجد بالشمال بعد عداوة غير مبررة وكيد عظيم رغم بر وإحسان منقطع النظير... الشمال الذى قدم ولم يستبق شيئًا ... الشمال الذى تغاضى بكل سماحة عن الابادة الجماعية والتصفية العرقية التى مارسها أبناء الجنوب بحق إخوانهم الشماليين من التجار والمعلمين فى توريت عام 1955 رغم فجيعتها ومرارتها فى حينها .. تنكأ جراحاتها وتخرج اضغانها اليوم حين يحتفلون بها فى كل عام فى وقاحة وحقد دفين لا يصدر عن بشر سوي أو نفس أبية. الشمال الذى تنازل عن كثير من شروط الخدمة المدنية أو القبول الجامعى أو حتى الخدمات العامة حصرًا لأبناء الجنوب فى سماحة وبلا من ولا أذى. الشمال الذى تخلف عن ركب التنمية والرفاهية حين غاص بين الغابات والمستنقعات ينقذ إخوته من الجهل والمجهول ويدفع بهم لعالم الحضارة والانسانية. الشمال الذى دفع بفلذات كبده من العسكريين وكرام أبنائه من المجاهدين لحماية إخوته الجنوبيين من أطماع جيران السوء ووكلاء المستعمرين من كل جنس ودين الذين استغلوا جهل وتطلعات بعض الجنوبيين حتى صاروا وبالاً على الشمال والجنوب معًا .. سيفًا بيد الآخرين وخنجرًا فى الخاصرة. الشمال الذى صبر وغفر لكم استعداء بعضكم لامريكا ورهطها ضد الشمال جميعه وفى كل المحافل الاقليمية والدولية فى خسة ووقاحة غير مسبوقة. الشمال الذى سكت عن قول كبيركم فى الخرطوم إنكم مع الوحدة ثم حين يعود الى جوبا يحرضكم على الانفصال من داخل كنيسة كتور بقوله «إن أردتم أن تكونوا مواطنين من الدرجة الثانية فصوتوا للوحدة». الشمال الذى ظل يقرع اجراس الانذار دومًا لا حبًا فى الوحدة معكم فقد عرف صدودكم عنها مسلمين ومسيحيين وكجوريين لكنه كان ولا يزال يقرعها خوفًا عليكم من شراك الانفصال الذى يجعلكم لقمة سائغة فى أفواه المستعمرين.. وما أكثرهم... فضلاً عن خوفه عليكم من بأس بعضكم بعضًا... ولقد قال حكيمكم قبل اليوم «إن وجود الشماليين بيننا ضرورى كضرورة الفلين بين الزجاج» ..إن الاجراس يقرعها الشمال إنذارًا من كوارث مجاعات وشيكة وغياب خدمات اكيدة تضربكم يا من لم تمارسوا عملاً أو تمتهنوا مهنة بل عشتم عالة على الشمال وأهله. الشمال الذى أوفى بعهده ومواثيق كارثة نيفاشا كاملة غير منقوصة وسلمكم الجنوب لا يعاني حروبًا اهلية ولا مجاعة طاحنة ولا غبنًا شعبيًا ..بل سلمكم دولة ذات بنية تحتية قوية قوامها البترول الذى بسببه يذل الرؤساء وتزلزل الدول وتجتاح الشعوب ... فوالله.. وبالله.. وتالله... لو حاربتم الى قيام الساعة لما استطعتم تحرير ولاية ولا استخراج بترول يملأ زجاجة النميرى التى عرضها فى سبعينيات القرن الماضي. الشمال الذى قدم لكم كرسى الرجل الثانى فى الدولة والنائب الاول لرئيس الجمهورية بكل صلاحياته وسلطاته فتركتموه شاغرًا طوال سنوات الوهم والوهن.. فلا أنتم قمتم بأداء أمانة التكليف تجاه المواطنين ولا خففتم من أعباء الرئيس ولاتركتم القوس لباريها الذى ظل جالسًا فى مقاعد المتفرجين كل تلك السنين العجاف. الآن يعود «شيخ علي شيخ الحركة الإسلامية» لموقعه الطبيعى والطليعى ليواصل جهوده المشهودة تحقيقًا لتطلعات المواطنين وتخفيفًا لأعباء الأخ الرئيس المجهد «للطيش» ... ويعود للكرسي وقاره وسلطانه. آآآ....الآآآآآن يا سلفا كير تعود للشمال ضيفًا بعد ما كنت رب الدار وصاحب القرار ... تعود تستجدي غوثًا وعونًا بعدما خذلك اليهود والامريكان والجيران ... لا بل هم يقفون لك بالسوط والكرباج لتسديد فواتير السنين الطوال من الدعم العسكرى واللوجستى والسياسى والاعلامى بلا رحمة ولا شفقة.. ولا تأخير. مرحبًا بك إن جئت مسالمًا وباحثًا عن المصالح المشتركة وهي كثيرة ومتوفرة.. ولكن قبل ذلك نريد توبة وبراءة وبرهانًا على صدقكم مما يجرى الآن في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق وميثاقًا غليظًا بعدم العودة لدعم الحرامية والبلطجية ووكلاء الاستعمار. سيدى الرئيس... في مباحثاتك مع سلفا كير ورهطه ... أرجو أن تبعد عنا ثلاثة «الطيبين الذين تأسرهم دموع تماسيح الجنوبيين، والحالمين الذين يرجون جذرة الأميين، والمنبطحين الذين ترعبهم عصاة الأمريكيين» وتوكل على الله.