زمردة طفلة ذات أربعة أعوام. سموها (زمردة)، هذا الاسم الجميل، فهي آخر العنقود عند والديها لذلك فهي مدللة من كل أفراد الأسرة، وأحياناً يصغرون اسمها ب (زمرودة). في رمضان وكعادة أهل السودان يفطر الرجال في (الضرا) في الشارع، أما (زمردة) فقد فرحت بهذا السلوك العجيب فظلت تتردد على مائدتي أمها من الداخل وأبيها في الشارع. لكن المشكلة تكمن في أن (زمردة) تأكل وتشرب (على عينا) كما يقولون فهي لا تعرف حدوداً للارتواء أو الشبع حسب طفولتها. تناولت (زمردة) الإفطار مع أمها وأخواتها في الداخل فشربت برتقالا وجوافة وحلو مر ونشا... وتناولت معهم العصيدة، وهي تحب البيض فأكلت منه وشيء من السجوك والطعمية وسلطة الروب!! أحسست الأم بأن (زمردة) بدأت (تتضايق) بعد أن التهمت كل تلك النوعيات الشهية من الشراب والطعام، وظهر ذلك في صمتها والنعاس الذي بدا على عينيها وهي حالة متأخرة من (التُخمة).. كما أن بطنها انتفخت فارتفعت الفنيلة التي ترتديها كثيراً لأعلى. وعلى عجل قادتها أختها الكبيرة لأبيها في الخارج (عشان تفرق وتتفشى شوية). لم يلحظ الأب هذه الحالة على ابنته لأنه كان مشغولاً بالونسة مع الجيران زملاء الفطور... فناول زمردة كباية من الكركدي البارد... فزاد الكركدي (الطين بلة) أو (البطن تخمة)، ذلك بعد أن رشفت منه زمردة (بُقَة) واحدة بعدها (كضمت) وغارت عيناها أكثر للداخل وارتمت في حضن أبيها. بعدها اكتشف الأب الحكاية وقاد ابنته الدلوعة سيراً على الأقدام من شارع لشارع وفي الطريق بدأت (زمردة) في إفراغ شحنتها تلك شيئاً فشيئاً حتى إذا ما (اتفشت) أعادها لأمها وأوصاهم قائلاً: البت دي عميانة بتشرب على عينا ختوا ليها بالكم! خرج الأب ليكمل باقي الونسة وجلست (زمردة) على السجادة في الأرض بجانب ما تبقى مما لذ من الطعام والشراب. قعطت الأم ونستها مع بناتها لتلاحظ أن زمردة وقد صنقعت بي كباية مانقو مثلجة فصاحت في بنتها الكبيرة: حصلي يا بت امسكي الكباية من زمرووووودة!!.