أذكر ونحن أطفال صغار كيف كنا نفرح بقدوم شهر رمضان لما فيه من خيرات جمّة خاصة «بقايا طعام العشاء والسحور» حيث كنا نستبق عليها عندما يهل الصباح. ولكن كان الأهل خاصة الأمهات يحاولن تعويدنا على الصيام وذلك بحثّنا على صيام سويعات خلال اليوم في أيام الجمع ومن ثم زيادة ساعات اليوم بالتدريج حتى نتمكن من صيام اليوم كاملاً ويصاحب ذلك عادة نوع من التحفيز المادي والمعنوي.. «الإنتباهة» قامت باستطلاع شمل عددًا من الفئات ليحدثونا عن كيف نعوِّد أبناءنا على الصيام، وختمنا استطلاعنا برأي علم الاجتماع ورأي الدين.. بداية التقينا الأستاذة سعاد الفاضل وهي أم لأربعة أطفال قالت لنا في إفادتها: تعويد الأطفال على الصيام في وقت مبكر أمر مهم للغاية، ولكن حتى أطفال الأسرة الواحدة يوجد بينهم تبايُن فمنهم من يصوم في سن مبكرة ومنهم من لا يقوى على الصيام إلا حين يجد نفسه ملزمًا، ولكن على العموم يجب على الأمهات تعويد أبنائهن على الصيام في وقت مبكر حتى لايواجهون صعوبات عندما يصبح الصيام واجبًا عليهم . الحاجة مدينة أفادتنا بقولها: في الزمان الأسبق كان الناس لا يهتمون كثيرًا بمسألة الصيام ناهيك عن صيام الأطفال، ولكن مع تقدم العلم ومعرفة الناس بأمور دينهم أصبح الناس أكثر وعيًا، ونحن أطفال صغار كنا نحاول الصيام أسوة بوالدينا ولكن كنا لا نقوى على مواصلة اليوم فالجو كان ساخنًا ولا توجد كهرباء بالقرى ولا وسائل ترفيه على عكس أطفال هذا الزمن فهنالك المكيفات ووسائل الترفيه متاحة. ولكن أنا رأيي الشخصي أن مسألة صيام الأطفال هذه تتعلق بالجانب الديني والتربوي. الدكتور محمد ساتي «أب لطفلين مازن «10» سنوات ومزن «7» سنوات تحدث بداية عن نواحي الصيام الصحية مستعينًا بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام «صوموا تصحوا». أولاً ثم أضاف قائلاً: بالنسبة لابني عملت على تعويده على الصيام منذ أن كان عمره «8» سنوات حيث بدأ صيام اليوم من الصباح ثم أفطر عند الساعة الثانية عشرة ظهرًا وكافأته حينها بنزهة مساء وفي الأسبوع الثاني من رمضان صام حتى الساعة الرابعة عصرًا وبعد عدة أيام تمكن مازن من صيام اليوم كاملاً بفضل الله فاصطحبته معي إلى صلاة التراويح ومنها إلى المستشفى حيث كنت أعمل طبيبًا مناوبًا وقدمته إلى زملائي بأنه أصبح «بطلاً» وتمكن من صيام يوم كامل، وقد كان لذلك فعل السحر في نفسه حيث صام بعدها « 7» أيام وبفضل الله العام الذي يليه أي أن عمره «9» سنوات صام «15»يومًا والحمدلله آمل في هذا العام أن يعينه الله ويصوم أيامًا أكثر. لكن يجب على الآباء تعويد أبنائهم على الصيام في عمر مبكر وبالتدريج حتى لا يشعر الطفل بكراهية للصيام. الأستاذة غادة الطيب قالت في إفادتها لنا: يجب على الأسر تعويد أبنائهم على الصيام في عمر مبكر حتى لا «يتمردوا» على الصيام في الوقت الذي يصبح فيه واجبًا عليهم. ولكن يجب على الأسر مراعاة جانب اللين في حثهم لأبنائهم على الصيام وتعريف الأبناء بأهمية الصيام من ناحية صحية ودينية، وكذلك يجب تزويدهم بوجبات مكتملة القيمة الغذائية وإيقاظهم لتناول السحور في وقت متأخر حتى لا يشعروا بالإعياء. رأي علم الاجتماع.. الأستاذة بدرية الأمين بكالوريس علم اجتماع أفادتنا في هذا الموضوع قائلة : إن تشجيع الطفل على الصيام يساعد على اكتساب عادات روحية وأخلاقية من خلال ضبط السلوك وتعلّم الصبر، كما يساعد الصوم بالنسبة للطفل على تكوين شخصيته، وذلك أن شهر رمضان مرتبط بعمل الخير ومساعدة الآخرين، وهذه الصفات أهم وسائل تكوين الشخصية السوية. ويجب اتباع اللين واللطف وأن يتم تعويدهم على الصوم من خلال إدراك مدى قدرة الطفل، فالأطفال تتفاوت مقدراتهم حسب البنية. بجانب ذلك يجب أن يكون الصيام للأطفال تدريجيًا. والقدوة في حياة الأبناء مهمة جدًا فالطفل يقلّد كل من حوله وعندما يرى والديه يصليان ويصومان فإنه يحاول محاكاتهم حتى يصل إلى سن التكليف. كما أن هنالك طرقًا أخرى مثل بذل روح التنافس إذا كان بالأسرة أكثر من طفل واحد مع مراعاة عدم تأنيب الطفل الذي لم يتمكن من الصوم، وأيضًا يمكن للوالدين تحفيز الأطفال معنويًا من خلال الإشادة بهم أمام الآخرين. رأي الدين.. الدكتورمحمد أحمد النور دكتوراه في علوم الفقه قال في إفادته لنا: من الطرق المفيدة في تعويد الطفل على الصيام التوجيه والإرشاد وأن نبين لهم أن الصيام أحد أركان الأسلام. ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها الآباء أنهم يمنعون أبناءهم من الصوم بحجة الخوف على صحتهم ولنا في صحابة رسول الله أسوة حسنة حيث كانوا يعوِّدون أبناءهم على الصيام منذ نعومة أظافرهم وذلك ما أوردته الصحابية الجليلة الرّبيع بن معوّذ: «أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار» من أصبح مفطرًا فليتم بقية صومه ومن أصبح صائمًا فليصم» قالت: فكنا نصومه بعد ونصوم صبياننا ونجعل لهن اللعب من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار».