يقع مقرّ الإتحاد العام لنقابات عمّال السودان الحالي في شارع الجمهوريّة تقاطع شارع المك نمر. هذا المبنى وهبته سلطات ثورة مايو الإشتراكية لعمَّال السودان في عام 1970م. هذا العقار كان ضمن ممتلكات رجل الأعمال كونت ميخالوس والتي تمَّت مصادرتها من قِبل ثورة مايو بقيادة الرئيس جعفر نميري. قامت السُّلطات المايوية في عام 1972م بإعادة كلّ ممتلكات كونت ميخالوس إلى أصحابها باستثناء هذا العقار الذي يقع على شارع الجمهوريّة تقاطع شارع المكّ نمر. حيث اتخذه اتحاد العمال مقرّاً وداراً منذ عام 1970م. في عهد حكومة السيد/ الصادق المهدي عام 1987م أصدر مجلس الوزراء قراراً يقضي بإخلاء العقار وتسليمه لأصحابه عائلة كونت ميخالوس. إستند قرار مجلس الوزراء عام 1987م على القرار الجمهوري الصادر عام 1974م. ولكن في سلوك لا يمكن تبريره قانونياً رفضت قيادة اتحاد العمّال حينها تسليم العقار وتمرّدت على قرار مجلس الوزراء. تمرُّد إتحاد العمال على قرار مجلس الوزراء دفع عائلة كونت ميخالوس إلى اللجوء إلى القضاء لاسترداد عقارها. وحكم القضاء لصالح عائلة كونت ميخالوس. حيث أصدرت المحكمة قرارها بناءً على قرار مجلس الوزراء بإخلاء إتحاد العمال للعقار وتسليمه لأصحابه في مدة زمنية معيَّنة حُدِّدت بعامٍ واحد. صادف تنفيذ الحكم القضائي الشّهور الأولى لقيام ثورة الإنقاذ الوطني حيث رفع اتحاد العمّال الأمر لمجلس قيادة الثورة فأصدر مجلس قيادة الثورة قراراً بمصادرة العقار وتمليكه إلى الاتحاد العام لنقابات عمّال السودان. وشيّد الاتحاد مبنى في العقار بتكلفة فاقت 700 مليون جنيه (بالقديم)، حسب إفادة اتحاد العمّال. من تلك الوقائع يتضح بصورة جليّة أن عقار كونت ميخالوس بغير حقّ قد اغتصب اغتصاباً من أصحابه وأن الاتحاد العام لنقابات عمال السودان يتخذ مقرّه في عقارٍ مغتصب انتزع ظلماً من أصحابه هذا العقار أعطاه من لا يملك لمن لا يتسحقّ. وقد سُئل الرئيس جعفر نميري بعد خروجه من الحكم عن أسوأ قرار نادم عليه خلال فترة حكمه التي بلغت ستة عشر عاماً فكانت إجابة الرئيس المخلوع بأنه نادم على قرار المصادرات الذي اتخذه عام 1970م. كان السيد/ كونت ميخالوس أحد ضحايا القرار الذي دمّر اقتصاد السّودان تدميراً وحطّم أعمدة المال والأعمال السّودانيين والذين كان السيد/ كونت ميخالوس أحدهم. حكومة السودان في غِنىً عن التشبُّث بقرارات الرئيس جعفر نميري العشوائية الظالمة، والتي ندم على خطئها حتّى من أصدرها. وهي قرارات يعلم الجميع أن إعدادها كان في مطبخ الحزب الشيوعي السوداني. قرار مصادرة هذا العقار لا تسنده شريعة أو قانون أو عرف أو أخلاق. قرار مصادرة هذا العقار نجم عن الغرائز السياسية الهمجيّة والعُقد العنصريّة والطبقيّة. الإتحاد العام لنقابات عمال السودان بعضويته في الاتحاد العالمي للنقابات، وبعضويته في اتحادات العمال العربية والأفريقية وبتضامنياته مع عمال وشعوب القارة الأفريقية وغيرها، وبدفاعه ب (الصوت العالي) عن حقوق العمال السودانيين وأجورهم واستحقاقاتهم، يقع مقرُّه على أرض مُغتصَبة!. الإتحاد العام لنقابات عمال السودان مفخرة وطنية حيث يقف على تراث حافل ممتدّ من المواقف الباسلة في الدفاع عن العدالة ونصرة المظلومين. حركة نقابيّة سودانيّة بهذا الثراء واتحاد عمّالي بهذه الوطنية والمواصفات لا يليق به أن يكون الطّرف الظالم في قضية عقار يمتلكه مواطن صنع نجاحه بصبره وعرقه فكان جزاءه أن ظُلِم. ولا يليق بمحامي العدالة ونصير الضعفاء أن يقيم مقرَّه على أرض مُغتصَبة في قضية حقّ بهذا الوضوح. أعيدوا عقار كونت ميخالوس إلى أصحابه. أعيدوا العقار الكائن في شارع الجمهورية تقاطع المكّ نمر إلى أصحابه. جاء في (رسالة القضاء)... «وارجع إلى الحقِ فإن الحق قديم». و«الرجوع إلى الحقّ خير من التمادي في الباطل». في منطقة السّوق الأفرنجي يحمل أحد شوارع الخرطوم اسم «شارع كونت ميخالوس». أعيدوا إلى عائلة السيد كونت ميخالوس عقارهم وكفى ما عانوه من الظلم والتسويف والمماحكة!.