هل نحلم بنهج جديد في الساحة السياسية السودانية التي امتلأت بزعامات حزبية جلست على كراسي القيادة لعدة عقود ولم تتنازل عنها ولم تأتِ بدماء جديدة من الأحزاب رغم التصريحات المتواترة هنا وهناك أحيانًا لكنها لا تلبث أن تذوب عند كل مطلع شمس نهار جديد.. ومع أجواء الاجتماع السابع لقيادة حزب المؤتمر الشعبي هذه الأيام ترقبت عضوية المؤتمر استمرار الدكتور حسن الترابي في موقع الأمين العام ومنحه الثقة لقيادة الحزب للمرحلة المقبلة رغم انه ظل ممسكاً بمقود القيادة منذ عام «1965م»، وكان إعلان الأمين العام للمؤتمر في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الجمعة الماضية عن إجازة القيادة في اجتماعها المتواصل حتى مساء السبت لأسماء تتولى مواقع الأمين العام ونوابه والأمناء الجدد وضم أعضاء للقيادة بعد انتهاء تكليفهم السابق وإجراء تعديلاتٍ في النظام الأساسي، ولما تبشرنا الأخبار بأي توقعات.. وكما تساءل رئيس تحرير صحيفة المجهر السياسي الأستاذ الهندي عز الدين هل يستطيع حزب «المؤتمر الشعبي» أن ينتخب أميناً عاماً غير «الترابي»، لنسف مقولة أن «الشعبي هو «الترابي».. فإذا غاب «الترابي» غاب الشعبي. فإن هناك من يرى أن اعتقال الترابي عدة مرات أثر كثيراً على مسيرة الحزب وأفقده حيويته، كما أن علاقته مع حركة العدل والمساواة خلقت نوعاً من الآراء المتباينة في الحزب بين مؤيد وموافق، وتلاها مقتل رئيس الحركة د. خليل ما ضيَّق مساحة المناورة التي كان يتحرك فيها الحزب، فضلاً عن التململ الذي بات بائناً في صفوف الحزب، وكان من علاماته رغبات البعض منهم في وحدة الإسلاميين، وهو الأمر المرفوض لدى الترابي وقد أعلن عن ذلك.. وفي الربع الأخير من عام 2009م تناول الترابي بمنزله مسألة تنحيه أمام قيادات من حزبه، منهم إبراهيم السنوسي وعبد الله حسن أحمد والناجي عبد الله وآخرون. وكان النقاش حول المؤتمر العام في 2010م الذي لم يُعقد، وأبدى حرصه على عدم الترشح ونيته التفرغ لإنتاجه الفكري والثقافي إلى درجة النقاش حول خلفه.. كما توقع قبلاً الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، أن تشغل امرأة منصب الأمين العام للحزب أو نائب الأمين العام ليرسي الحزب أدباً جديداً في الممارسة السياسية لكنها ظلت مجرد كلمات. وكشف د. الترابي أنه حال تخليه عن أمانة الحزب فسيتفرّغ للدعوة ومخاطبة الناس في داخل الحدود وخارجها.. وأشار من قبل الأستاذ المحبوب عبد السلام في حوار له مع «الصحافة»، أن حزبه مقبل على إرساء فلسفة جديدة في التنظيم والفكر والقيادة، بإدخال تغييرات جديدة على بنائه القيادي وأن الشعبي مقبل على تجديد واسع في صفوفه قد يشمل حتى دور أمينه العام حسن الترابي، مضيفًا أن الأخير ينوي التفرغ للعمل الفكري، دون أن تكون الخطوة مؤشرًا لنهاية الدور السياسي للترابي على مستوى التنظيم.. فهل تفرغ الأمين العام للكتابة خطوة إيجابية لمجالات الفكر خاصة وأن الرجل يمتلك رصيد تجربة وفكر يؤهله لعمل فكري يحرك الركود ويثير الجدل.. لكن حسمت الأمر الهيئة القيادية للمؤتمر وحيث إنه لم يكن هناك أي خلاف حول تمديد فترة الأمين العام لمرحلة قادمة وكما أكد القيادي البارز بالمؤتمر الشعبي الشيخ إبراهيم السنوسي ل «الإنتباهة» انه لم يفتح باب الترشيح أصلاً وفى غياب هيئة الشورى كان رأي الهيئة القيادية استمرار وتجديد منصب الأمين العام لصالح الدكتور حسن الترابي مرة أخرى.. فهل عجز الحزب عن تخريج قيادات جديدة أم تتحقق مقولة ان الحزب هو الترابي ولا يمكن الاستغناء عنه ءو تبديله أو تركه للحراك الفكري..