تفجرت الأوضاع بصورة دراماتيكية عقب حل رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت الحكومة، حيث أُعتقل بالأمس باقان أموم، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية، وتوجيه «9» تهم له من بينها تقويض النظام. وأشار القرار الرئاسي إلى منع باقان من مغادرة جوبا أو عقد أي مؤتمر صحفي أو الإدلاء بتصريحات. وفي السياق رفض سلفا كير مقابلة سفيرة واشنطن في جوبا، التي طلبت استفساره عن دستورية الخطوة التي قام بها بحل الحكومة. وبحسب المراقبين في دولة الجنوب فإن القرارات التي جاءت لم تكن مستغربة من قرارات الرئيس سلفا كير، فهذه الحكومة أثبتت فشلها ولم تقدم ما هو مقنع للمواطن طيلة الفترة التي قضتها جاثمة على صدور المواطنين، حيث تطايرت بين أعضائها اتهامات الفساد والخلافات الداخلية لدرجة أن بات هم الناس ألا تحدث حرب بسبب خلافات يفترض أن يكون مكانها أروقة الحزب بدل الحديث عن الفساد والقضايا العالقة بين جوباوالخرطوم. ولعل النقطة الحاسمة في هذه القرارات هي احتكام الرئيس إلى صوت العقل بدمجه للوزارات التي كانت تفوق ال «30» في الفترة السابقة واختصارها في «18» وزارة. وقالت صحيفة «المصير» الجنوبية في افتتاحية الرأي، إن الحكومة السابقة المترهلة لم تكن مقبولة أبداً لأنها كانت موجودة خصماً على تطلعات الشعب، وتستهلك ميزانية ضخمة مقارنة مع سكان البلاد والموارد المتاحة. وتشير الصحيفة إلى أن الجنوب مجتمع تسود فيه المفاهيم القبلية، لذلك تخلى الناس عن الإشارة إلى هذه النقطة الجوهرية، وركز في الحديث عن حالات الخروج عن النص المحتملة من كل منفلت. إن حل الحكومة لم يكن حدثاً لأنه أمر متوقع، بل يمثل مطلباً شعبياً، وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن القول إن إقالة الدكتور رياك مشار من منصبه هو ما شكّل خبراً بارزاً إضافة إلى اعتقال الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم أمس عطفاً على مواقف الرجلين في الآونة الأخيرة، وكشفت تقارير صحفية جنوبية عن تأييد قوى سياسية ووقوفها خلف القرارات الرئاسية التي أصدرها رئيس الجمهورية سلفا كير ميارديت مجددين الدعوة إلى ضرورة إحداث تغييرات واسعة خلال المرحلة المقبلة. ويقول الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني ماثيو مايور إن قرارات سلفا كير جاءت لتأكيد خطاب الرئيس في ذكرى الاستقلال بأن أوان التغيير قد حان، إضافة إلى تقليص الحكومة القومية، مؤكداً تأييد حزبه لقرارات رئيس الجمهورية التي قال إنها تصب في المصلحة العامة للدولة. وزاد قائلاً: «نتوقع خلال الفترة القادمة أن يتم استخدام الأموال العامة لتقديم خدمات للمواطنين وترقية الاقتصاد القومي وتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب». بينما قال عضو حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي صامويل ابان، إن قرارات سلفا تعتبر جزءاً من التغيير المنشود، واصفاً إياها بأنها إجراء طبيعي ومتوقع لتقليص حجم الحكومة القومية، معتبراً القرار بالمقبول في كل الأوساط الاجتماعية. وتوقع صامويل أن يتم توظيف الإيرادات المالية بصورة جيدة خلال الفترة القادمة. رغم اطمئنان الشارع الجنوبي الرسمي لتلك القرارات لكن توقعات المحللين في الخرطوم تشير إلى أن دولة جنوب السودان على شفا حرب أهلية، خاصة وأن سلفا كير رفض كل الوسطات الأمريكية والغربية لأجل إعادة نائبه مشار الذي يعد من أبناء النوير، وإطلاق سراح باقان أموم، وبحسب معلومات «الإنتباهة» فإن أبناء النوير بدأوا بالفعل في عمليات تجييش كبيرة انطلاقاً من حصتهم في الدولة، إلى جانب أن مجموعة «أولاد قرنق» اجتمعت بخصوص ما يجري، حيث يتوقع المحللون بأنهم سيردون على استبعادهم من الحكم.