إذا تأملنا واقع الحوادث البشعة التي راح ضحيتها نفر كريم من أبناء السودان، نجدها في الغالب الأعم نتاجاً لسلوك قائدي المركبات، ودونكم حادثة بص القطينة والقلاب بشارع الأبيض وحادثة بص سنار ومدني والقضارف، والقائمة تطول، وكلها نتاج سلوك مستخدمي الطريق، وإن كان علماء المرور يرون أسباباً أخرى تتعلق بالمركبة والطريق إلا أن الحوداث في السودان تتخذ من سلوك البشر سبيلاً. مسألة أخرى ناقشها اجتماع السلامة المرورية وأقرَّ فيها بازدياد حوادث المشاة، حتى تم إعلان عام 2013م عاماً لسلامة المشاة، إلا أن المقصد العام للمجلس جعله عاماً للسلامة المرورية. لذلك كان لا بد من إيجاد وسائل توعوية مؤثرة ومستمرة، ورغم الجهود المبذولة من القائمين على أمر التوعية إلا أن حوادث السير وخسائرها في ازدياد، فكان لا بد للقائمين على هذا الأمر أن يتم النظر إليه برؤية إستراتيجية بعيدة المدى، تراعي غرس قيم التربية المرورية في نفوس النشء، وظل هذا الأمل حلماً يراود المهمومين بهذا الأمر حتى قرَّ الله أعينهم بمنهج التربية المرورية الذي تم إعداده ليدرس ضمن مناهج التعليم العام بمرحلتي الأساس والثانوي، وقد اختير له أفضل العناصر التربوية والمرورية سواء من بخت الرضا أو المرور، وقد تم إعداد المنهج ليدرس هذا العام بولاية الخرطوم بعد تدريب «2177» معلماً ومعلمة، وهذا بلا شك سوف يسهم في إيجاد أجيال واعية مرورياً في المستقبل القريب مما يسهم في الحد من الحوادث المرورية. اطلعت على نسخة من مقرر مرحلة الأساس للصفين السادس والسابع، وقد جاء في «66» صفحة وثلاث وحدات وبإشراف عام من البروفيسور الطيب أحمد المصطفى حياتي المدير العام للمركز القومي للمناهج، وقد احتوى المقرر على مادة مبسطة في عباراتها وخفيفة الفهم حول مفاهيم السلامة المرورية والسير في الطريق والحوادث وتنظيم المرور. أما مقرر الثانوي فقد جاء في «90» صفحة وأربع وحدات، تناولت الطرق والمركبات والعلامات ومشكلات المرور وآثارها، ولعل القائمين على أمر المنهج سواء من وزارة التربية أو المرور قد نجحوا في إيجاد تعاريف علمية بسيطة الفهم عميقة المعاني حول الطريق ومساراته، كما جاء في القانون، ومقارنة ذلك بمقاصد الشريعة والإشارة إلى أهمية تعاون الأسرة في الالتزام بآداب الطريق وحقه وتشريعات المرور، ثم ينتقل المقرر تدريجياً إلى التعريف بأنواع المركبات وأجزائها الرئيسة ومعرفة خصائصها والتعرف على الملامح العامة لعملية الصيانة، ولو نظرنا لهذه العلوم التطبيقية ومقارنتها مع أعمار طلاب الثانوي فإنها بلا شك ستكون نتائجها إيجابية وفي القريب العاجل. أفق قبل الأخير هذا المنهج من شانه أن يوجد جيلاً آخر غير الذي يستخدم الطريق حالياً. أفق أخير من يعيد للمدارس مناهج التربية الوطنية؟