قال تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية تحت عنوان «الدكتور رياك مشار: هل سيكسب المتمرد السابق معركته في دولة الجنوب». فشل الدكتور رياك مشار الذي حصل على درجة الدكتوراة من جامعة براد فورد البريطانية في كسب أصوات الجنوبيين في انتخابات العام 2011م الذين لم ينسوا المكائد والدسائس التي كان يديرها ويدبرها إبان فترة الحرب الأهلية. ويعتبر رياك أحد السياسيين الجنوبيين الذين يخططون للإطاحة بالرئيس سلفا كير ميارديت المعروفين في بريطانيا، كون الرجل كان متزوجاً من الناشطة في مجال حقوق الإنسان البريطانية إيما ماكوين التي ذهبت للعمل في السودان في العام 1987م أثناء الحرب الأهلية، وكان مشار آنذاك أحد قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تقاتل الحكومة في الخرطوم، وبعد أن تزوجا التقت ماكوين بعدد كبير من قادة الحركة الشعبية والمتمردين الجنوبيين، وفي العام 1993م تم اغتيالها بحادث سيارة في نيروبي وهي حامل بطفل مشار، حيث سردت قصتها في وقت لاحق في كتاب حمل عنوان حرب إيما للكاتبة ديبورا اسكور جينق، وقد شهدت مهنة مشار كقيادي في حرب العصابات، شهدت تباينات مماثلة، حيث شهدت رحلته في البحث عن الاستقلال جملة صراعات أولها صراعه مع زعيم الحركة الشعبية السابق الدكتور جون قرنق دمبيور الذي كان يؤازره ويناصره بغية بناء السودان الجديد الذي يحترم المساواة بين المسلمين وغير المسلمين والعرب وغير العرب، وذلك أنه في العام 1991م انشق مشار عن الحركة وكون فصيلاً متمرداً، حيث تبع ذلك ظهور تحالفات متنافسة بدولة الجنوب قوامها أسس عرقية وقبلية، حيث دار قتال عنيف بين قوات مشار والحركة الشعبية. وبحسب التقرير فإن مشار قد تلقى دعماً من الحكومة السودانية في العام 1997م لدعمه وغيره من المتمردين الساخطين، وبعد ذلك وقع مشار اتفاق سلام هش مع الخرطوم وعمل مساعداً للرئيس السوداني عمر البشير إلا أن مشار سعى لرأب الصدع بينه وبين الدكتور قرنق، حيث عاد للحركة الشعبية بوصفه أحد كبار قادتها في العام 2002م، وشارك بعد ذلك في المفاوضات التي أدت إلى اتفاقية السلام الشامل في العام 2005م والتي أنهت الحرب الأهلية، وبعد وفاة جون قرنق أصبح مشار نائباً لرئيس حكومة الجنوب في العام 2011م إلا أن الصراع على السلطة ظهر من جديد على السطح، حيث ارتفعت شدة الاختلاف بينه وبين الرئيس سلفا كير خلال العامين الماضيين، في وقت تكافح فيه الأمة الجديدة من أجل بناء نفسها من الصفر. ويقول مراقبون سياسيون في جوبا إن ذكريات الحرب المريرة ومكائدها التي خلفت العديد من الضحايا والجروح مع جون قرنق أدت إلى إحساس بانعدام الثقة في الرجل وسط الشارع الجنوبي. وفي مقابلة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية انتقد مشار أداء الرئيس سلفا كير وطالبه بالتنحي، واصفاً أن ذلك السبيل الوحيد لسلفا كير لتجنب منافسته على كرسي الرئاسة، مؤكداً استعداده للقتال. وقال إنه رفض مقارنته بقوردن براون، مشيراً إلى تجارب كل من مارغريت تاتشر التي تنحَّت عن قيادة حزب المحافظين وتوني بلير من أجل منح الفرصة للأجيال القادمة، حيث يرى مشار أن ذلك هو السبيل الوحيد لتحول الدولة من دولة يقودها رجال عصابات إلى دولة مؤسسات ديمقراطية. وقال مشار إن تطلعات الشعب الجنوبي بعد الانفصال عالية وغير منطقية كونهم يتوقعون أن يتحول الجنوب إلى دبي أو ماليزيا، إذ أن ذلك لا يتماثل مع الوضع على أرض الواقع. ويبدو أن قرار إبعاد الدكتور رياك مشار من دهاليز الحكم في دولة الجنوب من خلال مرسوم سلفا كير الرئاسي الذي أقال بموجبه كامل طاقم حكومته السابقة خطوة رآها المحللون السياسيون إستراتيجية سلفا كير لإبعاد خصومه عن الساحة السياسية قد لاقى رفضاً قوياً وسط الجنوبيين وخاصة في دول المهجر، حيث عارض الجنوبيون في الولاياتالمتحدةالأمريكية قرار الإقالة بعد أن عزوا قرار إقالته لرغبة سلفا كير في إبعاده عن انتخابات العام 2015 من داخل الحزب. وقالت المجموعة في بيان نشرته «سودان تربيون» أمس إن مشار قد نادى القيادة الجنوبية لمواجهة الفساد والقبلية وإصلاح الاقتصاد ومعالجة انعدام الأمن والسياسة الخارجية الضعيفة، بعد أن وصف الحزب بفقدان الرؤية والتوجه تحت إدارة كير. وقال البيان إن الرئيس سلفا كير ينتهك الدستور عندما قام بتقليص حريات الأمين العام للحزب باقان أموم بمنعه من الحركة خارج العاصمة أو التحدث إلى وسائل الإعلام متهماً إياه بالعصيان والتحريض، بعد أن نصحه الأخير بعدم التصرف بدكتاتورية. وطالب البيان كلاً من الاتحاد الأوربي والولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الإفريقي باتخاذ إجراءات ضد الرئيس سلفا كير وحماية دولة الجنوب من حكمه الدكتاتوري. وحذر البيان من استخدام سلفا كير لأموال الشعب في شراء تأييد المواطنين وتجنيد المدنيين لترهيب أعضاء الحكومة المقالين، متهمين سلفا كير بالعمل لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب مصالح الأمة.