شنقيتل... الشبكة المبروكة والمحبوبة لدى الموريتانيين..علاقة الخرطومونواكشوط متينة عبر الحقب عصيَّة على الانقطاع..البادية في بلاد الشناقيط صورة خارج الإطار.. موريتانيا: الصادق الرزيقي لو كانت المقابلة التاريخية تصلح، لتتساوي كفتي الميزان بين بلاد السودان وموريتانيا، لكانت... فقد سميت موريتانيا ببلاد البيضان، مقابل بلاد السودان التي تمتد من وطننا السودان وكل إفريقيا جنوب الصحراء حتى المحيط الأطلسي.. ولم تكن موريتانيا وليدة صدفة تاريخية مثل بلدان كثيرة في العالم، كانت حقيقة موجودة من سحيق التاريخ والزمن، منذ العهد الروماني حيث كانت تُنسب للقيصرية ويلحق اسمها بطنجة في المغرب وكانت تسمى موريتانيا الطنجية نسبة للمنطقة الشهيرة في المملكة المغربية، فقد كانت ومنذ الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا والأندلس ثم بعد قيام دولتي المرابطين والموحدين، أرض هجرة للعرب والقبائل الصحراوية والأمازيغيين، التي تأبى الضيم والانصياع للسلطان، وانصهرت المجموعات السكانية من أصل عربي بربري وقادمين من تخوم مملكة غانا القديمة، ونتج عنها الوجود الحالي في موريتانيا، التي عُرفت بأرض شنقيط، وتارة تسمى بصحراء الملثمين، نسبة للثام والعمامة التي تغطي الرأس والوجه من رياح وعواصف الصحراء وهي منتشرة لدى شعوب الصحراء الكبرى من غرب مصر حتى ساحل المحيط الأطلنطي.. موريتانيا.. تقع في فاصل مداري حضاري بين مناطق متعددة من العالم فهي تربط ما بين إفريقيا جنوب الصحراء وشمالها، وترتبط بحدودها البحرية بممرات مائية مع أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوية، تلاقحت في إجوائها وحلها ثقافات وحضارات شتى لكنها لم تفقد خصائصها وهويتها ومذاقاتها وطعومها النابعة من انتمائها العربي الأصيل.. وعروبة السلان الموريتاني نادرة في الوطن العربي فاللغة الحسانية التي يتحدثها الأهالي في موريتانيا تعد الأكثر قرباً من اللغة العربية الفصيحة، وهي تتجلى بروعتها في البوادي الموريتانية، وبجانب ذلك توجد لغة الفولاني والأمازيغية والولفية التي تتحدثها المجموعات ذات الأصول السنغالية من قبائل ولف، وتوجد لجهات أخرى في مناطق التداخل اللغوي مع مالي وأمازيغ الجزائر.. الصلة بالسودان.. ظلت العلاقة بين بلاد السودان وبلاد البيضان أي موريتانيا، علاقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، حيث تتوحد الوشائج الناتجة من الدين واللغة والثقافة والمذهب المالكي والطرق الصوفية، وحدثت هجرات قديمة من موريتانيا إلى السودان في الحقب السابقة وكان طريق الحج أحد أهم روافد هذه الهجرات، واستوطن عدد كبير من الشناقيط السودان وكان لهم دور بارز في تاريخه الحديث ومنهم دعاة ورجال دين وعُمار مساجد كما هو الحال في مدن غربي السودان ووسطه ومنهم رجال سياسة وعلم وأدب مثل محمد صالح الشنقيطي، ومدينة الثورة بأم درمان تحتضن أهم شوارعها باسم الشنقطي وهو أشهر من نار على رأس جبل.. وتتلاقى العادات والثقافات والتقاليد بين البلدين والشعبين في مجالات شتى، وتتشابه الظروف والأمزجة وربما عبقريات الأمكنة مثلما تتشابه المشارب والمنابت الحضارية والثقافية التي تتشكل منها سمات البلدين.. ومشتركاتهما الشاخصة التي لا تخفى على ذي عين وبصيرة. وارتبط السودان وموريتانيا منذ عقود طويلة بُعيد استقلال مورويتانيا بعلاقات سياسية متينة تعززت وتوطدت عبر الحقب المختلفة، ويشعر الموريتانيون بشعور دافق تجاه السودان وأهله، ولم تتأثر العلاقة بين نواكشوط أو نياق الشط كما تقول الروايات حول اسم العاصمة، بأي أنواء سياسية أو قطيعة تحجب التواصل الحميم أو تُوقف التعاون المستمر والبنَّاء.. في عمق البادية.. وصلنا العاصمة الموريتانية قادمين على متن طائرة خاصة من السنغال بعد توقف في مدينة سانت لويس تلتي كانت عاصمة غرب إفريقيا لدى الفرنسيين وتدار منها كل مستعمراتهم، بدت لنا نواكشوط في ساعات المغيب والشمس تكاد تنزلق وراء الأفق في مياه المحيط الأطلسي، بدت مثل مدينة متنعمة تتمايل من فرط غنجها ودلالها، فالطرقات تكتظ بالناس وحركة بطيئة للمارة، ونساء يرتدين الثوب على الطريقة السودانية يملأن الشوارع ويعملن في التجارة كما الرجال، تهدأ الأصوات ويقل الصخب لكن الشوارع لا تخلو... كانت الأمطار طوال اليوم قُبيل حضورنا وبعده، تغسل أرجاء المدينة التي تشبه الخرطوم في سوء التصريف لهذه المياه الخريفية الغزيرة، ولا تحس أنك في مدينة غريبة، تحسب نفسك في حي من أحياء أم درمان أو الخرطوم بحري أو الأبيض أو كسلا.. تمتد المدينة على شاطئ الميحط ثم تتمطى إلى البادية الصحراوية شرقاً وشمالاً وجنوباً.. لا تخطئ عين النمو السريع في العمران والمباني الحديثة والطرق والمرافق العامة والتحديث التي بدأ يغشى العاصمة، وتكاد نواكشوط تسابق الزمن للحاق بغيرها من المدن والعواصم في جوارها الجغرافي، ولا يوجد شبر من مساحتها إلا ولمسته مباضع الجراحين لمعالجته وتهيئته للجديد، وحطت استثمارات عربية وأجنبية على موريتانيا وأخذت نواكشوط نصيبها منها وتتعجل به لإنجاز ما تريد في وقت وجيز.. لكن روعة موريتانيا ليست في صورتها وبهاء الحياة في تلك اللحظة التي وصلها وفدنا الذي يضم المهندس إيهاب إبراهيم عثمان الرئيس التنفيذي ومدير عام مجموعة سوداتل والمهندس طارق حمزة زين العابدين نائبه ومجدي مكي المرضي المدير التنفيذي والدكتور هاشم البدري مدير قطاع الاتصال المؤسسي ومحمد الأمين مصطفى المسؤول عن العلاقات العامة والإعلام، ونحن رؤساء التحرير جمال عنقرة رئيس تحرير الوطن ومزمل أبو القاسم ناشر ورئيس تحرير اليوم التالي وعبد الرحمن الأمين رئيس تحرير الخرطوم وكاتب هذ السطور، والأخ أحمد الشيخ من صحيفة الأيام.. وكان في استقبال الوفد منذ وطئة أقدامُه المطار ولازمه طيلة فترة بقائه في موريتانيا السفير قريب الله خضر، ونائبه السفير حسين محمد، والمستشار والقنصل النشط» الحبوب» هاشم سعيد وبقية طاقم السفارة.. فور وصولنا لم نلبث إلا دقائق معدودات في الفندق، حتى تحركنا إلى اتجاه الجنوب إلى عمق البادية في موريتانيا على بعد 109 كيلو متر من العاصمة، حيث كان هناك احتفال ضخم معد على شرف الوفد من احمد بابا عضو مجلس إدارة شنقتيل، وهو زعيم في منطقته ووسط أهله في البادية.. وبطبيعة البدو كانت هناك مضيفة ضخمة للضيوف مدت فيها الطنافس والأرائك والموائد على الأرض بكل ما لذَّ وطاب من الطعام، وكان الاستقبال بالدفوف والطبول وتوجد ساحة كبيرة فُرشت بالبسط والسجاد الملون الفخم، وجلست الفرق الشعبية والشعراء وموريتانيا تُعرف أنها بلد المليون شاعر، ينشدون الشعر والأهازيج بالطريقة العربية القديمة التي تذكرك بالمواويل وأغاني المألوف الشهير وهو نوع من المديح النبوي.. وكان الشعراء الشعبيون والمغنيات وهن كما الحكامات عندنا ينشدت أغاني بسيطة مؤلفة في ذات اللحظة يذكرن فيها صفات الضيوف «السفير السوداني ومدير عام سوداتل وبقية الوفد».. قضينا ليلة كأنها من ليالي ألف ليلة وليلة، سمعنا فيها من رقيق الشعر ونمنمات الأغاني والطرب الأصيل في البادية وكانت السماء ممطرة وشربنا الشاي الأخضر على أصوله والطعام الموريتاني كان في أعلى مقاماته الشهية.. سوداتل.. شنقيتل زهرة الحياة.. منذ دخول شركة سوداتل السوق الموريتانية بعد حصولها على رخصة العمل في مجال الهاتف السيار والهاتف الثابت والإنترنت وانطلاق خدمتها في 23/ 8/ 2007م، كتب تاريخ جديد في العلاقة السودانية الموريتانية، فالشركة ليست مجرد استثمار في بلد شقيق، بل كانت بوابة واسعة عبرت من خلالها موريتانيا للسودان كما دخل عبرها السودان إلى قلوب الموريتانيين، وفُتحت آفاق جديدة بلا حدود.. ويقول الأستاذ عبد الرحمن محمد أحمد عثمان العضو المنتدب مدير شركة شنقيتل التابعة لسوداتل في موريتانيا،» إنه منذ انطلاق عمل شنقيتل في هذا البلد الطيب، تطورت أعمال الشركة ووصلنا اليوم إلى حوالى 1200 مشترك ومعروف عدد السكان في موريتانيا يقارب الأربعة ملايين نسمة، وقد اخذنا الرخصة في عطاء تم بمواصفات دقيقة ومحددة قدمنا فيها مع شركات فرنسية وعربية وأوربية «فرانس تليكوم - mtn وزين الكويت وغيرها» وفزنا نحن بالعطاء وكانت قيمته «103» ملايين دولار ونحن الآن نغطي الفضاء الموريتاني كله، في كل المدن والبادية، وأدخلنا أحدث التقنيات في مجال الاتصالات من الجيل الثالث ونخطو للجيل الرابع، ونحن الشركة الثانية في البلاد حيث توجد ثلاث شركات هي مورو تيل وماتل وشنقيتل، ونقدم خدمتي «موريتاني» على نسق سوداني في الهاتف الجوال، وخدمة «زاكي»التي وجدت قبولاً منقطع النظير في موريتانيا». ومن عجب أن مواطناً موريتانيا قابلناه في أحد مراكز التوزيع في موريتانيا قال لنا إن شركة شنقيتل وخدمة زاكي خدمة فيها بركة، وذلك لأن الرصيد فيها مبارك لا غش فيه ولا خصم! أينما تتجول في العاصمة الموريتانية ثمة شنقيتل، فقد حازت هذه الشركة على ثقة الشعب الموريتاني وقدمت خدمات في مجال عملها تعتبر هي عصب الحياة الراهنة وتوسعت نشاطاتها لتشمل دعم الحياة العلمية والأكاديمية والرياضية والاجتماعية، وزرنا مراكز وأقسام التقنية الفنية في مقر الشركة المملوكة لها، ووقفنا على آخر التحديثات فيه، وقابلنا خيرة الخبراء السودانيين «عاصم عبد الوهاب وطارق محمد ومحمد بابكر أحمد..»